بدأت صيحات التكبير من حناجر المعتكفين تعلو في ساحات المسجد الأقصى عند الساعة السابعة والنصف من صباح يوم الأحد الـ23 من أيام رمضان، وكانت القوات الخاصة التابعة للشرطة “الإسرائيلية” تساعد على تنفيذ الاقتحام للمسجد الأقصى من باب المغاربة باتجاه المسجد القبلي فالمصلى المراوني إلى المنطقة الشرقية والعودة باتجاه باب السلسلة مروراً قبل ذلك من محيط قبة الصخرة.
“المجتمع” عايشت لحظات الاقتحام والاعتداء على المعتكفين وعلى كبار السن، واعتلاء المسجد الأقصى وتحطيم النافذة العلوية، لرش المحاصرين داخل المسجد الأقصى بغاز الفلفل، والاعتداء على مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني وإصابته في قدمه ويده.
ضرب وإهانة
قبالة المسجد القبلي تحدث الشيخ عمر الكسواني لـ”المجتمع” عن طبيعة وتفاصيل الاقتحام وقال: القوات الخاصة التي يقدر عددها بـ300 عنصر، كان لديهم قرار مبيت بضرب المعتكفين وإهانة كل من في المسجد الأقصى، وتم الاعتداء عليَّ بشكل متعمد من قبل القوات الخاصة، وأصبت في قدمي ويدي، وتم الاعتداء على كبار السن داخل لمسجد القبلي وأصيب 18 معتكفاً بحروق واختناق وضرب، من قبل القوات الخاصة التي كانت تتصرف بأوامر مسبقة في قمع المعتكفين داخل المسجد القبلي.
وأضاف الكسواني: الاحتلال رفض ما تم الاتفاق عليه سابقاً بعدم الاقتحام في العشر الأواخر من رمضان، وهذا التصرف الخطير ينذر بكارثة لما بعد شهر رمضان، وعلى كافة الجهات العربية والإسلامية أخذ دورها فوراً والتحرك لحماية المسجد الأقصى قبل فوات الأوان، فالاحتلال يتعمد الانتقام من المصلين والمعتكفين، فهدف الاحتلال تفريغ المسجد الأقصى والبلدة القديمة ومدينة القدس من أصحابها، ومن يأتي من محيط القدس من دخولها.
معتكفون في المواجهة
المئات من المعتكفين تمت محاصرتهم داخل المسجد القبلي وخارجه، ولوحظ وجود خطة مسبقة من قبل ضباط الشرطة في كيفية محاصرة المعتكفين، كي يتم اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى بصورة استفزازية ودون مراعاة لقدسية المكان.
المسعف فارس أبو علبة قال: شاهدت عملية الاقتحام من قبل أفراد القوات الخاصة بشكل سريع ومدروس وكأنهم ينفذون خطة معدة، وتم تهديدنا بالابتعاد عن المكان، وأصبح كل معتكف في المسجد الأقصى محاصراً من قبل مجموعة من أفراد القوات الخاصة وأياديهم على الزناد.
أما المعتكف إياد أبو صلاح قال: شاهدت مئات الجنود ينتشرون أمام المسجد القبلي ومنطقة الصحن، وشاهدت عملية إغلاق أبواب المسجد القبلي بأقفال حديدية، وتخريب الأبواب من خلال وضع هذه الأقفال بطريقة تخريبية، وانتابني شعور بالحزن الشديد، فمن هو داخل المسجد القبلي محاصر ومن في الخارج في مرمى بنادق القوات الخاصة.
وأضاف: الذي أثلج صدري أن المعتكفين لم يتأثروا بهذه الإجراءات، واستمروا لعدة ساعات في التكبير بصوت مرتفع يدوي في ساحات المسجد الأقصى، وكانت النساء المعتكفات في قبة الصخرة يساندن المعتكفين في تكبيراتهم في منطقة الكأس، ويحرصن على إسماع تكبيراتهن لمنع هو داخل المسجد القبلي المحاصرين.
قوات خاصة متعطشة للقتل
مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني يصف القوات الخاصة التي حاصرت المعتكفين بالمتعطشة للدماء والقتل.
يقول الكسواني: شاهدت في عيونهم وحركاتهم على مدى ثلاث ساعات من الحصار تعطشهم للانتقام والقتل، وتم استجلاب أفراد من القوات الخاصة معروفين بتاريخهم الأسود في ساحات المسجد الأقصى، ويعرفهم من يصلي في المسجد، ووجود هؤلاء وقت الاقتحام كان دليلاً واضحاً على نية الشرطة “الإسرائيلية” ارتكاب مجزرة جديدة في المسجد الأقصى، كي تمرر الاقتحام التهويدي داخل المسجد الأقصى.
مسار المقتحمين
رصدت “المجتمع” مسار الاقتحام الأول الذي بدا من باب المغاربة باتجاه باب السلسلة، أما المسار الثاني فكان من باب المغاربة باتجاه باب السلسلة ثم الاتجاه شرقاً من منطقة الكـأس وقبة الصخرة باتجاه المنطقة الشرقية والعودة باتجاه باب السلسلة.
معتكفون صرحوا لـ”المجتمع” في لقاءات متعددة بالقرب من أفراد القوات الخاصة.
المعتكف الشيخ طلال الجيتاوي من طولكرم يقول: كان ردنا على الاعتكاف الصلاة قبالة المسجد القبلي، وكان الجنود من أمامنا ومن خلفنا، ولم ينتابنا أي شعور بالخوف وكانت صلاتنا على وقع تهديد السلاح والرصاص.
بدوره، قال المعتكف نبيل ولويل (75 عاماً): شاهدتهم عن قرب وهم يحاصرون المسجد، وأخذت مصحفي وقرأت القرآن أمامهم، فهذا ما أستطيع أن أغيظهم به.