أدان مرصد الجامع الأزهر الشريف في مصر استمرار موجة “الإسلاموفوبيا” في أوروبا وتحديداً في إسبانيا مؤخراً بالتزامن مع استمرار ترويع مسلمي الروهنجيا، مؤكداً أن استمرار استهداف الإسلام والمسلمين ليس في صالح أحد وأن التعايش والسلام مهم للجميع.
كراهية بإسبانيا!
ففي إسبانيا، استنكر المرصد موجة “الإسلاموفوبيا” التي يشُنها البعض في إسبانيا سَعيا وراء مصلحة شخصية أو رغبة في الشهرة والظهور، واتهم خافيير جارسيا ألبيول ” Xavier García Albiol “زعيم الحزب الشعبي الكاتالوني وعمدة بلدية “بادالونا” السابق بترويج منشورات دعائية في حي “أرتيجويس” ضد المسلمين مُمثلة في محاولة منه منع افتتاح مسجد للمسلمين في هذا الحي.
وقال المرصد في بيان رسمي الأحد وصل “المجتمع” نسخة منه: يزعم “ألبيول” أن الحي صغير جدًا وبه أماكن للصلاة، ولا يحتاج إلى مُصلى آخر، وأضاف أنه سيقاتل للحيلولة دون افتتاحه رغم أن دولورس سباتر Dolors Sabater عمدة البلدية الحالية عبرت عن استيائها من تلك المنشورات، وأكدت أن “ألبيول” والحزب الشعبي يقودون حملة لكسر التماسك الاجتماعي واضطهاد الناس في المدينة بسبب معتقداتهم الدينية”.
وأشار المرصد إلى أن المجلس الكنسي في المدينة يدرس تقديم شكوى ضد ألبيول بتهمة الكراهية والتمييز الديني، موضحاً أن هذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها زعيم الحزب الشعبي الكاتالوني بكراهية الأجانب، ففي عام 2013م قُدم للمحاكمة بتهمة توزيع منشورات تحمل شعار “لا نريد رومانيين”، ولكن تمت تبرئته من جريمة التحريض على الكراهية والتمييز العنصري.
وحذر المرصد مما أسماه “محاولات إحداث الفرقة” بين المجتمع الواحد بالتحريض أو عن طريق إطلاق الإشاعات أو التصريحات المعادية؛ مؤكداً أنه في هذه الحالة فهذه إشاعات واضحة ضد ما هو إسلامي نظراً لما يمثله ذلك من تفش واضح لظاهرة “الإسلاموفوبيا”.
وفي سياق متصل، ثمن مرصدُ الأزهر لمكافحة التطرف نداء البابا “فرنسيس” بابا الكنيسة الكاثوليكية من أجل الشرق الأوسط والذي ندد فيه بالعنف بالمنطقة، وأعرب المرصد عن تقديره لتأكيد البابا فرنسيس على القدس ورمضان في عظته مؤخراً، مؤكداً أهمية ما قاله البابا في عظته ومنه: “لا لدوامة العنف، الحرب تُوَلِد الحرب والعنف يُوَلِد العنف، تهانئي للإخوة المسلمين بمناسبة شهر رمضان، وإنني قلق وحزين للغاية إزاء تصاعد حدة التوتر في الأراضي المقدسة والشرق الأوسط، وإزاء دوامة العنف التي تُبعد أكثر فأكثر عن طريق السلام، والحوار والمفاوضات”.
مسلمو الروهنيجا
وفيما يخص آخر المستجدات حول قضية مسلمي الروهنيجا؛ رصدت وحدة اللغة الإنجليزية بالمرصد استمرار المعاملة الوحشية، التي يئنّ من وطأتها مواطنو الروهنجيا الذين قبعوا في أماكنهم لم يبرحوها، وكان آخر هذه التطورات ما نشرته جريدة “الجارديان” البريطانية عن اختفاءٍ قسريّ لمجموعة من قرويّ الروهنجيا، الذين كانوا قد أدلَوْا بتصريحات لوفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حول عمليات التعذيب والقتل والاغتصاب التي تعرضوا لها، على أيدي القوات البورمية والميليشيات البوذية الموالية لها، وذلك خلال زيارته لإقليم راخين الأسبوع الماضي.
وكان أحد صحفيّ الروهنجيا قد أخبر الصحيفة بأنه قُبَيْلَ زيارة وفد مجلس الأمم المتحدة بأيام، حذّرت السلطات في مدينة منغدو بولاية راخين مواطني الروهنجيا الموجودين في المدينة والقرى المجاورة، من التحدث مع الوفد بأيّ شيء يسيء للحكومة أو قوات الأمن، وذكر الصحفي أن السلطاتِ وجّهت تهديدًا للروهنجيا بأن “أيّ شخص يعارض هذا التحذير سيلقى عواقبَ وخيمة.”، وبينما امتنع أغلب القرويين من التحدث إلى مبعوثي الأمم المتحدة بعد هذا التهديد، فإن ثلاثة غلمان من قرية نولبوينا وامرأة في منتصف العمر تحدّثوا إلى الوفد، وبعد انتهاء الزيارة ذهبت السلطات والمخابرات إلى القرية نفسِها بحثًا عنهم؛ ممّا أجبرهم على الهروب خوفًاً على سلامتهم.
“مرصد الأزهر” من جانبه، أكد على موقعه الرسمي أن الاستمرار في مثل هذه المعاملة غيرِ الآدمية من قِبَل قوات الجيش البورمي، يعصف بكل محاولةٍ مزعومة من قِبَل سلطات البلاد، تتعلّق بالسماح للفارّين من مسلمي الروهنجيا، والذين يربو عددهم على مليون شخص، من العودة إلى بلادهم آمنين، متمتّعين بالحقوق والواجبات تحت مظلة العَلَم البورمي، أمّا الاستمرارية على هذا النحو فمن شأنها تعقيد الأمر وتفاقمه، على نحوٍ يزيد من حِدّة التوتر في هذه البقعة من العالم.
حقوق الأطفال
المرصد الأزهري في سياق آخر أصدر اليوم تقريراً تحت عنوان “بَراءةُ الأطْفالِ بينَ أنْيابِ الإرْهابِ ومخالِبِ التَّطَرُّفِ”، شن فيه هجوماً علي تنظيم “داعش” الإرهابي، مؤكداً أن أطفال كثيرين باتوا ضَحايا “داعش” كونه كانَ حريصًا على زرْعِ أيديولوجيتِهِ في عقولِ الأطفالِ والشبابِ ليضمن استمرارها، مثله في ذلك مثل جميعِ التنظيماتِ الإرهابية، ولكن الأمرَ المختلِفَ أنه حَرَصَ أيضًا على تغذيتِها وتطويرِها لديهِم عَبْرَ المواقعِ الإلكترونية التي أنشأها الذِّراعُ الإعلامي للتنظيم، والتي باتت منتشرةً بغزارة عَبْرَ الشبكاتِ العنكبوتية، وتَصْعُبُ السيطرةُ عليها، كما يَبُثُّ التنظيمُ بشكلٍ مستمرٍ عَبْرَ هذه المواقع موادَّ تعملُ على تسويغِ إراقَةِ الدِّماءِ، تحتَ مظلةٍ شرعيةٍ من وجهةِ نظرِ التنظيمِ، الأمرُ الذي يَدُقُّ ناقوسَ الخطرِ في العالمِ أجمع؛ لأنَّ الإرهابَ باتَ لا يُفَرِّقُ بين دينٍ أو جنسٍ أو لَوْنٍ.
ودعا المرصد الحكوماتِ والمنظماتِ الحقوقيةِ تعزيز حقوقِ الأطْفالِ وحمايتهم من الوقوعِ فريسةً في يدِ الجماعاتِ المُتَطَرِّفَةِ، لا سيما في مناطقِ الصِّراعِ؛ مؤكداً أنَّ كلَّ طفلٍ في يدِ الجماعاتِ المتطرفة يُمثّل مشروعَ قنبلةٍ موقوتةٍ للمستقبلِ، مشيراً إلى أن منْ تَعَوَّدَ على طَعْمِ الدَّمِ وتَدَرَّبَ عَلى أساليبِ القَتْلِ وحَمْلِ السِّلاح في الصغر، سيكونُ قادرًا على جَعْلِ القادم أدهى وأَمَرّ؛ ولذا سيشْهَدُ العالَمُ في المستقبلِ القريبِ تَحَوُّلًا كبيرًا في إستراتيجياتِ ونَمَطِ العلمياتِ الإرهابيةِ، والتي سيستخدمُ مُنَفِّذوها من الأساليبِ ما لَمْ نَرَهُ فيما مضى بحسب ما يقول المرصد في تقريره.