أطلق شباب صوماليون مبادرة لإطعام الأسر النازحة الفقيرة، في ضواحي العاصمة مقديشو، خلال شهر رمضان المبارك.
تحمل المبادرة شعار “افطر مع أخيك”، وتستهدف إدخال الفرحة إلى قلوب المحتاجين، ونشر ثقافة المساعدة والتطوع بين الصوماليين، بدلاً من انتظار المساعدات من خارج البلد.
يقول مهد عيسى، رئيس برنامج إفطار الأسر المعوزة، لـ”الأناضول”: إن المبادرة تأتي ضمن مبادرات إنسانية أطلقتها جمعية شباب المتطوعين لتخصيص جزء من أوقاتنا لخدمة الأسر الفقيرة، ومعرفة حياتهم اليومية، لتزكية النفس في رمضان.
ويوضح أن المبادرة بدأت بجهود فردية، ثم توسع نطاقها لتصل لنحو مائتي متطوع يجمعون ما لديهم من أموال، حسب طاقتهم، لتخفيف معاناة الأسر الفقيرة وإشعارهم بفضل شهر رمضان من روح التعاون والتكاتف بين الصوماليين.
توزيع المهام
يومياً، وكخلية نحل، يجتمع المتطوعون، من شباب وفتيات، في باحة منزل بمقديشو، لتحضير وجبات الإفطار.
منهم من يشتري مواد الإفطار من السوق، ومنهم من يجهز الخضراوات، وآخرون يقطعون اللحوم، بينما فريق رابع يشعل النيران لطهي طعام الإفطار.
تقول صفية شكري هلولي، متطوعة، لـ”الأناضول”: سعيدة لكوني إحدى المساهمات في تلك المبادرة الإنسانية، سخرت وقتي طيلة رمضان لمساعدة أشقائنا في مخيمات النازحين بضواحي مقديشو.
وتتابع: نحن بحاجة إلى انتشار مثل تلك المبادرات في ربوع الصومال، فهي الطريق الأنسب لتجاوز الأزمات الإنسانية، فالتعاون فيما بيننا أفضل من انتظار مساعدات من الخارج.
عند الظهيرة يتناوب الشباب المتطوعون العمل، حيث ينتهي دوام شباب يدرسون في الجامعات مساء، ليحل محلهم طلاب الفترة الصباحية، لمواصلة إعداد الإفطار، الذي يستغرق نحو عشر ساعات.
يقول عبد الولي عمر محمد، متطوع، لـ”الأناضول”: إنه يحرص على المشاركة في هذه المبادرة الإنسانية، كغيره من الأصدقاء.
ويشدد على أن العمل التطوعي والإحسان إلى الناس من أعظم الأعمال عند الله، ولهذا نقضي أوقاتنا بين الأسر الفقيرة، لنلتمس ظروف معيشتهم خلال الرمضان.
عند انتهاء الطبخ، تبدأ مرحلة وضع وجبات الإفطار في أكياس.
ويجهز المتطوعون 200 وجبة إفطار يوميا، مكونة من أرز وقطعة لحم وتمر وعلبة ماء، ولكل أسرة وجبتان، حسب عدد أفراد الأسرة.
حشود من المحتاجين
مع اقتراب موعد الإفطار تصطف الأسر المعوزة في طوابير طويلة لاستلام وجبات الإفطار من المتطوعين، الذين يوزعونها قبل نحو ساعة من موعد الإفطار.
لكن الحشد الكبير من المحتاجين يظهر أن الوضع يحتاج إلى مزيد من المبادرات الإنسانية.
نصرة أحمد، إحدى المستفيدات، تقول لـ”الأناضول”: “استلمت وجبة إفطار جاهزة من هؤلاء الشباب، كنا قلقين قبل رمضان، لكن الحمد الله نجد الإفطار يومياً، ونأمل أن تستمر المبادرة حتى انتهاء شهر رمضان المبارك”.
وجبات لكبار السن
المبادرة تخص أيضاً وجبات إفطار لكبار السن الذين يعيشون بمفردهم في مخيمات النازحين دون معيل، حتى لا يسألوا جيرانهم طعاماً طيلة رمضان.
يقول عبدالله محمد (60 عاماً) لـ”الأناضول”: إنه يعيش وحيداً في المخيم بعد أن نزح من إقليم شبيلي السفلى (جنوب) طلباً للعيش.
ويعاني سكان شبيلي من حرب بين القوات الحكومية وحركة “الشباب” المتشددة، فضلا عن أمطار غزيرة تحولت إلى فيضانات في بلد عربي فقير أرهقته الحرب الأهلية.
وأردف محمد: أعتمد على الوجبات الإفطار المجانية من هؤلاء المتطوعين.. لا أفكر في الإفطار مادام هؤلاء مصممون على مساعدتنا بفضل شهر رمضان المبارك.
تبرعات ومواد غذائية
بحسب المشرفين على المبادرة فإنها بدأت، مطع رمضان، بتوفير وجبات الإفطار لـ80 أسرة، لكن بفضل مساعدات من أهل الخير زاد عدد المستفيدين ليبلغ 200 أسرة، بل وتتطلع المبادرة إلى إطعام أكثر من ألف أسرة يومياً.
تعتمد المبادرة على تبرعات مالية ومساعدات عينية جُمعت من صوماليين داخل وخارج بلدهم.
يبدأ مبلغ التبرع من 12 ألف شلن صومالي (نصف دولار)، بينما تبرع آخرون بمواد غذائية لتلبية احتياجات الفقراء، خلال الشهر الفضيل.