توفي، مساء الجمعة 18 سبتمبر، كبير علماء بنجلاديش رئيس جامعة “هاتهزاري” ووفاق المدارس العربية بها، العلامة الشيخ المعمّر أحمد شفيع، عن عمر ناهز 100 عام.
وكان الراحل يعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، أدخل على إثرها مستشفى “أصغر علي” بالعاصمة دكا، بعد يوم من تنحيه عن منصب المدير العام لجامعة هاتهزاري في شيتاغونغ.
وقد ودّعه المسلمون في بنجلاديش، أمس السبت، في مشهد حافل ومهيب، وأقيمت جنازته بعد صلاة الظهر في ميدان جامعة هاتهزاري، وحضرها نحو مليوني شخص.
سيرته ومسيرته
ولد الراحل أحمد شفيع بن بركت علي، بين العقد الثاني والثالث من القرن الماضي، وترأس أكبر الجامعات الإسلامية الأهلية في البلاد المعروفة بأم المدارس؛ دار العلوم معين الإسلام، هاتهزاري، شيتاغونغ، وشيخ الحديث بها، وأمير حركة “حفاظت إسلام”، ورئيس وفاق المدارس العربية بنجغلاديش، والهيئة العليا للجامعات القومية بها.
بدأت مسيرته الدراسية من المدارس المجاورة لقريته في صغره، ثم التحق بالجامعة المذكورة وقضى فيها عشر سنوات يدرس ويتعلم، وتوجه بعده إلى أزهر الهند دار العلوم بديوبند، ونهل من أكابر علمائها وارتوى من معينها.
ودرس فيها أربع سنوات، وسمع بها صحيح البخاري على شيخ الإسلام حسين أحمد المدني، وصحيح مسلم على الشيخ إبراهيم البلياوي، وسنن أبي داود والترمذي على الشيخ إعزاز علي الأمروهي، وسنن النسائي على الشيخ فخر الحسن المرادآبادي وغيرهم.
وأجازه الشيخ المدني في طريق السلوك والتزكية مع إجازة الحديث، وهو لم يتخرج من الجامعة بعد، فكان أصغر خلفائه سناً.
ثم التحق بسلك التدريس بجامعة هاتهزاري، ودرّس بها أمهات الكتب النظامية إلى أن اختير رئيسها في 1986م، وبقي عليها حتى قبيل يومٍ بوفاته.
والشيخ قضى معظم حياته في الدرس والتدريس والوعظ والإرشاد والتأليف والتزكية بعيداً عن الأضواء ومستنكفاً عن الظهور إلى أن قيّضه الله تعالى لردع فتنة قشرت عن أنيابها في الديار البنغالية في صورة العلمانية وشتم وسبّ الرسول عليه أفضل الصلوات والتسليم، وهدم شعائر الإسلام ورموز المسلمين.
فجاءت دعواته للاعتصام متظاهراً على خبثهم بالعاصمة في 2013م بخير ثمار، وصبّت الماء البارد على لهيب الفتنة مباشرة، ووجد عوام الناس أمامهم قائداً إسلاميًا يتكلم بلغتهم ويفهم مشاعرهم تجاه آل البيت وأمهات المؤمنين، فلبّوا نداءه من كل حدب وصوب، ولم تكن ذلك إلا بشق الأنفس وبتضحية الغالي والنفيس.
رغم أنه كلما يُتذكر ذلك الحادث يتذكر بمجزرة شافلا، في 5 مايو من عام 2013م، من قبل الحكومة التي راحت ضحيتها مئات من الشهداء وآلاف من الجرحى ولكنها سقت روحاً جديدة في دماء المسلمين، وجعلته قائداً وطنياً ذا أثر بالغ يُسمع ويطاع في شؤون المسلمين، وصار مظلة كبيرة يستظل بها المسلمون بمعظم أطيافها في تلك الديار.