– المستشار سليمان: 2021 ليس كأي عام مضى ربما يكون بدايات أو إرهاصات لنهاية الوضع القائم
– العطار: تصويت البرلمان الأوروبي بخصوص ملف حقوق الإنسان في مصر خطوة مهمة في الطريق الصحيح
عبر عدد من الحقوقيين المصريين عن تفاؤلهم بالقرارات الأخيرة التي تم الموافقة عليها من جانب البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الإنسان بمصر، معتبرين ذلك خطوة مهمة، رغم أنها جاءت على أرضية الطلب الإيطالي باعتبار قضية الشاب الإيطالي جوليو ريجيني قضية أوروبية وليست إيطالية فقط.
وأكدوا، في تصريحات لـ”المجتمع”، أن هذه التوصيات هذه المرة مختلفة عن سابقتها، سواء بسبب تغير الوضع الدولي بذهاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المؤيد للسلطات ومجيء رئيس منتخب آخر هو جو بايدن، وهو ما يوحي بتغير أمريكي تجاه ملف حقوق الإنسان بمصر، أو ما يتعلق بقضية مهمة وهي قضية مقتل الشاب الإيطالي وتبني إيطاليا لهذه القرارات والمطالبة بتفعيلها.
وكان البرلمان الأوروبي أقر مؤخراً عدة بنود تتعلق بحقوق الإنسان بمصر بأغلبية كبيرة، وتضمنت البنود قضية الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، واعتبار القضية شأناً أوروبياً وليس إيطالياً فقط، وضرورة تسليم المتورطين في مقتله، وكذلك بنود تعلقت بوقف الإعدامات بمصر، والإفراج عن محامين وصحفيين، من بينهم محمود حسين، الصحفي بقناة “الجزيرة”، وكذلك الإفراج عن أموال المفوضية المصرية للحقوق الشخصية، ومطالبة وزراء الخارجية الأوروبية تبني هذه البنود في اجتماعهم مطلع العام المقبل، وغيرها من البنود الأخرى التي من شأنها أن تحرك المياه الراكدة في ملف حقوق الإنسان بمصر.
قرارات لها ما بعدها
وفي هذا السياق، قال رئيس محكمة سوهاج الأسبق المستشار محمد سليمان: أظن أن ما جرى مؤخراً من موافقة الدول الأوروبية، عبر برلمانها، على البنود التي طرحت للتصويت وهي كلها تتعلق بحقوق الإنسان بمصر، يؤشر باتجاه جديد وربما يختلف عن المسارات السابقة؛ بمعنى أنه رغم صدور توصيات وقرارات سابقة من نفس الكيان لكن هذه المرة مختلفة لسببين؛ الأول وهو سبب مباشر مرتبط بمقتل مواطن أوروبي قبل أن يكون إيطالياً، والثاني هو التغير الدولي بعد ذهاب ترمب ومجيء بايدن، وهو في اعتقادي سيؤدي إلى تحريك المياه الراكدة في ملفات كثيرة، ومن بينها ملف حقوق الإنسان في المنطقة.
وأضاف المستشار سليمان لـ”المجتمع”: أعتقد أن هذه الموافقة سيكون لها ما بعدها من إجراءات وأظنها ستطال الوضع الحقوقي عموماً، ليس فقط قضية ريجيني، ولكن الملف برمته، متوقعاً أن يكون عام 2021 ليس كأي عام مضى، بل سيكون مختلفاً في أشياء كثيرة، ربما تكون بدايات أو إرهاصات لنهاية الانقلاب، وليس فقط الإفراج عن معتقلين وخلافه.
توصيات مختلفة وجادة
أما الباحث الحقوقي أحمد العطار، فيرى أن تصويت البرلمان الأوروبي على هذه التوصيات بخصوص ملف حقوق الإنسان في مصر خطوة مهمة في الطريق الصحيح، وفي توقيت تغولت فيها السلطات المصرية في ممارسة قمعها وممارساتها غير القانونية وغير الدستورية، التي تخالف كل الحقوق الدنيا والتي أقرتها المواثيق الدولية وصدقت عليها مصر، وبالتالي اعتراف البرلمان الأوروبي بسوء ملف مصر في مجال حقوق الإنسان في توقيت تسعى فيه إيطاليا لانتزاع الحقيقة ومحاسبة قتلة أحد مواطنيها في مصر سيكون من العوامل المهمة في تسليط الضوء أكثر وأكثر وتحسين ملف حقوق الإنسان بمصر.
ويضيف الباحث الحقوقي لـ”المجتمع”: بالرغم من صدور مثل هذه التوصيات من قبل، ومن نفس البرلمان في عام 2016، بعد مقتل ريجيني، ولكن للأسف ومع حلول عام 2018 كان هناك 13 دولة أوروبية من دول الاتحاد قد خالفت هذه التوصيات، وأرسلت معدات وأجهزة تكنولوجيا حديثة لمصر أدى استخدمها إلى مزيد من القمع والتنكيل للعديد من المواطنين، ولكن أرى أن توصيات عام 2020 تختلف هذه المرة، رغم أنها غير ملزمة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ولكن بسبب التفاعل الشعبي والحكومي الأوروبي مع قضية ريجيني، وإصرار الجانب الإيطالي على جعلها قضية أوروبية، وهو ما يجعل معظم الدول الأوروبية ستعمل على الالتزام بها وعدم تجاهلها، خاصة بعد تكشف الكثير من الحقائق بشأن مقتل ريجيني.
وأشار العطار إلى تنوع هذه التوصيات رغم أن المحور الأساسي هو قضية حقوق الإنسان، فقد شملت اعتقال موظفي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وقضية ريجيني، وطلب إيطاليا تسليم مطلوبين أمنيين مصريين للتحقيق معهم، إضافة إلى التقارير المصرية والدولية التي تدين هذا الملف كانت أهم الركائز الأساسية لإصدار تلك التوصيات في هذا التوقيت، وبالتالي هو محور مهم على الجميع؛ حقوقيين ومنظمات مجتمع مدني وآخرين، العمل بشكل جاد لتفعيله ليشمل جميع قضايا حقوق الإنسان.
تمنحنا قدراً من الأمل
وبدورها، قالت المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات هبة حسن: إن إصدار البرلمان الأوروبي لهذا القرار وما يشمله من بنود تطالب السلطات المصرية بالتعاون بخصوص قضية ريحيني أو بإطلاق سراح ناشطي حقوق الإنسان وغيرهم، وما أثاره بخصوص تردي الوضع الحقوقي، يشير إلى وجود حالة غضب حقيقية ظهرت في أرقام التصويت من نواب البرلمان على القرار.
وأضافت حسن لـ”المجتمع”: كل هذا يمثل تصعيداً كبيراً تجاه السلطات وانتهاكاتها، نتمنى أن يستكمل في سبيل إرغامها على وقف ممارساتها، والإفراج عن أكبر عدد من المعتقلين وتحسين أوضاع المعتقلين وتمكينهم من الحصول على حق المحاكمة العادلة وظروف الاحتجاز الآدمية.
واختتمت كلامها بالقول: إن هذا التطور من جانب الاتحاد الأوروبي وبسبب إعادة صعود قضية ريجيني على السطح من جديد، وتزامن معها تزايد الانتهاكات ضد نشطاء حقوقيين واعتقالهم والحجز على أموال مؤسساتهم، وبالتزامن معه إرهاصات التحول في المشهد الأمريكي بعد انتخاب بايدن وتصريحاته ونائبته بخصوص وضع حقوق الإنسان المصري، كل هذا يعطينا أملاً في ضغط دولي أكبر على السلطة قد يحدث تخفيفاً لقبضتها وحصول بعض المعتقلين على حريتهم، ضغط قد يجبر السلطات -ولو نسبياً- على إجراءات توقف الأوضاع المتردية إنسانياً في مصر في السجون ومقار الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية.