اختتمت أمس الأحد، أعمال الملتقى الدولي “تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في ظل التحول الرقمي.. تجارب وآفاق” الذي نظمته كلية العلوم الإسلامية بجامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية باسطنبول بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية بهدف نقل تجارب المؤسسات التعليمية والأشخاص في تركيا ودول العالم المعنية بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها عامة أو في واحد من فروعها خاصة في التعليم الرقمي.
استمرت وقائع الملتقى الذي شارك فيه مجموعة من الخبراء وأساتذة اللغة العربية في الجامعات التركية والكويت والسودان والبوسنة وفرنسا والدانمارك وأوزبكستان يومي السبت والأحد 19- 20 ديسمبر 2020م من الساعة السادسة إلى العاشرة بتوقيت تركيا.
بدأت وقائع الملتقى في اليوم الأول بالجلسة الافتتاحية التي ألقى فيها الأستاذ الدكتور محمد فاتح آندى رئيس الجامعة والرئيس الشرفي للملتقى كلمةً رحب فيها بالأساتذة المشاركين فيه، وبين أهمية اللغة العربية لكل مسلم عربي أو غير عربي، كما ألقى فيها الأستاذ الدكتور أحمد طوران أرسلان كلمة رحب فيها بالأساتذة المشاركين، مهنئا إياهم باليوم العالمي للغة العربية، ومبينا دور كلية العلوم الإسلامية منذ إنشائها في مواكبة التطورات التكنولوجية في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
عقد المشاركون في الملتقى بعد الجلسة الافتتاحية في اليوم الأول جلستين علميتين، جاءت الجلسة الأولى بعنوان “تجارب دولية في تعليم العربية للناطقين بغيرها في ظل التحول الرقمي” وترأسها الأستاذ الدكتور أحمد بستانجي- عميد كلية الإلهيات بجامعة صقاريا، وقدمت فيها ثلاث أوراق بحثية قدم الورقة الأولى الأستاذ الدكتور علي عبد الله النعيم مدير معهد الخرطوم الدولي لتعليم العربية للناطقين بغيرها من السودان وجاءت بعنوان “اللغة العربية للناطقين بغيرها في ظل التحول الرقمي: بعض مشروعات معهد الخرطوم الدولي للغة العربية”، أما الورقة الثانية فقدمها الدكتور أكبر كازاكبايف رئيس قسم اللغة العربية بأكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية، وكانت تحت عنوان “تعليم العربية للناطقين بغيرها في أوزبكستان في ظل التحول الرقمي” وتحدث فيها عن الصعاب التي تواجه تعليم العربية في أوزبكستان في ضوء التحول الرقمي والحلول المقترحة للتغلب على تلك الصعاب، في حين قدم الورقة الثالثة الأستاذ المشارك الدكتور مدحت يوغو الأستاذ بقسم اللغة العربية وآدابها، بكلية التربية الإسلامية، جامعة زانستيا بالبوسنة ، وجاءت بعنوان “دراسة تقويمية لتجربة قسم اللغة العربية بكلية التربية الإسلامية في جامعة زانستيا في ضوء التحول الرقمي”. أما الجلسة العلمية الثانية التي كانت بعنوان “المحتوى التعليمي والنشر للناطقين بغير العربية في ظل التحول الرقمي” وبرئاسة الأستاذ الدكتور إسماعيل كَولر- أستاذ البلاغة العربية بكلية الإلهيات- جامعة أولوداغ ببورصة، فقدمت فيها ورقتان بحثيتان قدم الأولى منهما الدكتور محمد مطلق مدير مركز نون لتعليم العربية للناطقين بغيرها في الدنمارك ورئيس بيت الضاد لتطوير طرق تدريس العربية للناطقين بغيرها في اسكندنافيا والدكتور بشير العُبيدي رئيس المرصد الأوروبي لتعليم اللغة العربية في باريس، وجاءت بعنوان “تقنيات صناعة المحتوى وتحديات التعليم في ضوء التحول الرقمي، في حين قدم الورقة الثانية الدكتور كمال بن جعفر الأستاذ المحاضر بجامعة مرمرة والمستشار الإعلامي لأكاديمية اسطنبول وألقى فيها الضوء على “تجربة أكاديمية اسطنبول في توظيف الكتاب الرقمي في تعليم العربية للناطقين بغيرها”.
ضمّ اليوم الثاني للملتقى ثلاث جلسات علمية، خصصت الجلسة الأولى منها لعرض “تجارب تركية لتعليم العربية في ظل التحول الرقمي” وكانت برئاسة الأستاذ الدكتور إلياس قارصلى- أستاذ اللغة العربية بكلية الإلهيات- جامعة رجب طيب أردوغان، وقدمت فيها ثلاث أوراق بحثية الأولى بعنوان “المشكلات الأساسية في المنهج الدراسي لتعليم العربية للناطقين بغيرها وحلولها في ظل التحول الرقمي” وقدمها الأستاذ الدكتور عبد الله قيزلجق- رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب، جامعة اسطنبول.. أما الورقة الثانية فخصصت لعرض تجربة تعليم العربية بقسم معلمي اللغة العربية بكلية التربية بجامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في ظل التحول الرقمي” وقدمتها الدكتورة مريم تكه لي- أستاذة اللغة العربية للناطقين بغيرها بكلية التربية جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية.، في حين جاءت الورقة الثالثة بعنوان “صعوبات تعليم الأصوات العربية للطلاب البالغين الناطقين بغيرها في ظل التحول الرقمي وسبل معالجتها” وكانت للدكتور كريم أچيق الأستاذ المشارك بقسم اللغة العربية بجامعة 29 مايو.
ضمت الجلسة العلمية الثانية ثلاثة أوراق بحثية أيضا خصصت لتقديم رؤية لتعليم “فروع العربية للناطقين بغيرها في ظل التحول الرقمي” وترأسها منسق الملتقى الدكتور رجب عبد الوهاب الأستاذ المساعد بكلية العلوم الإسلامية بجامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية، وتعرض الأستاذ الدكتور علي بولوط الأستاذ البلاغة العربية بكلية الإلهيات بجامعة اسطنبول الذي قدم الورقة الأولى لأسس “علم البلاغة وتعليمه للناطقين بغير العربية في ظل التحول الرقمي”، وكشف الدكتور موتمباي رجب أستاذ اللغة العربية المساعد بكلية القانون الكويتية العالمية الذي قدم الورقة الثانية عن الإيجابيات والسلبيات في “تدريس كتب اللغة التراثية للناطقين بغير العربية في ظل التحول الرقمي”، في حين قدم الدكتور محمود قدوم أستاذ اللغة العربية المشارك بكلية الآداب بجامعة بارطِنْ الورقة الثالثة التي جاءت بعنوان “استراتيجيات حديثة في تعليم مهارات اللغة العربية للناطقين بغيرها عن بعد”.
اختتمت أعمال الملتقى بالجلسة العلمية الثالثة التي خصصت لطرح توصيات الملتقى التي ألقاها الأستاذ الدكتور أحمد طوران أرسلان رئيس الملتقى وعميد الكلية، وأهمها:
– إن الخطوةَ الإيجابيةَ المؤثرةَ لإنجاح التعليم عن بُعد تتمثل في توحيد الطريقة المتبعة عبر منصة محددة لجميع الأساتذة وتدريب جميع المعلمين وأساتذة الجامعات على مهارات التعليم عن بُعد من حيث فنون التواصل وكيفية التعامل مع الطلاب بشكل مختلف تمامًا عن التعليم المباشر، فضلا عن طرق عرض المواد التعليمية.
– على المؤسسات التي تهتم بالعربية بذل الجهد في إثراء المرجعية العربية الإلكترونية بالمحتوى المعرفي المفيد المختص بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بدءًا من مرحلة رياض الأطفال إلى مرحلة النضج المعرفي التخصصي، ويمكن الاستفادة في ذلك بتجربة معهد الخرطوم الدولي للغة العربية.
– ضرورة تقديم المؤسسات الثقافية والتعليمية الإسلامية المهتمة بتعليم العربية الدعم والمساندة على مستوى المعلمين والمقررات والمناهج والأساليب والوسائل والتجارب المطبقة في التعليم الرقمي. وتنظيم دورات متخصصة للأساتذة والطلاب للناطقين بغير العربية لرفع المستوى التحصيلي والتواصلي.
– تدريب المدرسين والمعلمين والمربين على إنجاز نقلة نوعية في الكفاءة التعليمية، تقانيا ومعرفيا ومهاريا، لجعل هذا التعليم سباقا إلى إبداع صيغ تعليمية مبتكرة، تجعل من هذا التعليم “صناعة” بتعبير عبد الرحمن بن خلدون. لأن الواقع الحالي يشهد بفجوة رقمية كبيرة لدى المدرسين، وغربة غير مبررة عن استخدام ما تتيحه الوسائل المعاصرة من استثمار معرفي.
– تصميم برامج لتشجيع معلمي العربية للناطقين بغيرها في ضوء التحول الرقمي على مواصلة بذل مزيدٍ من الجهود في تدريس اللغة العربية بتنظيم دورات تدريبية وبرامج إثرائية- عن بُعد وغيرها- من خلال التعاون مع مؤسسات أكاديمية نظيرة مهتمة بتعليم العربية للناطقين بغيرها من دول مختلفة، والحرص على بناء هذه البرامج في ضوء احتياجات المعلمين، والمعايير العالميَّة في المجال، واحتياجات الجهات التعليميَّة. وتدريب مُعَلِّمِي اللُّغةِ العربيةِ للناطِقِينَ بِلُغاتٍ أخرى على إستراتيجيات التعلم عن بُعد والتطبيقات المختلفة له.
– إدخال مادة الحاسوب في جميع التخصصات بالجامعات بما فيها الأدب واللغات الأجنبية حتى يتمكن خريج هذه الأقسام والتخصصات من وضع وتصميم مناهج تعليمية متنوعة لتعليم العربية للناطقين بغيرها تواكب التحول الرقمي.
– وضع البرامج والمناهج الدراسية الرقمية التي تلبّي متطلبات التعليم الافتراضي ومستوى المتعلَّمين الناطقين بغير العربية، والتوسع في التدريس عبر الفصل الإلكتروني والاستفادة من الميزات الهائلة التي يوفرها كالجمع بين الصوت والصورة والموسيقى والحركة، لأن هذا مما يساعد على تنمية التفكير الإبداعي والإيجابي لدى المتعلمين، وبخاصة أن متعلم اليوم يفتش دائما عن التجديد والتغيير والتطوير، بفضل شخصيته الجديدة التي فرضتها عليه مستجدات العصر وظروفه، وتوفير بيئات التعلُّم الافتراضية المتزامنة وغير المُتزامِنة في العمليَّة التعليميَّة؛ لإتاحة أكبر قدرٍ ممكنٍ من ممارسة المهارات المتنوِّعة وتأديتها على نحوٍ يراعي ميولَ المُتعلِّمينَ وحاجاتهم.
– ضرورة اشتمال المناهج الرقمية المقدمة لمتعلمي العربية الناطقين بغيرها على النصوص العربية المكونة من أنواع مختلفة من الأفكار، ومعرفة المزيد من القواعد (النحو والصرف)، لتنمية كفاءة الطلاب بالتساوي مع مهارات القراءة والكتابة والاستماع والتحدث، وتطوير مهارات القراءة والكتابة والتحدّث والاستماع لدى الطلاب في اللغة العربية الفصحى الحديثة، والتدريب المتقدم في البحث الأكاديمي والكتابة باستخدام مصادر اللغة. وفي المناهج المعدة للكبار، يجب تخصيص أسبوعين على الأقل من أجل إيلاء المزيد من الاهتمام للتدريب على مهارات النطق وتعزيزها في بداية المنهج بأنواع مختلفة من التمارين.
– إيلاء البيئة اللغوية وتجويد المهارات الأربع وبخاصة تعزيز مهارة الكلام مكانة خاصة عند إعداد البرامج التعليمية الرقمية لمتعلمي العربية الناطقين بغيرها، وأن تحرص هذه البرامج على تقديم المحتوى التعليمي في اللغة العربية في جو تسوده التفاعلية والروح التكنولوجية ليترك ذلك أثرا إيجابيا في نفوس المتعلمين ويساعدهم على تثبيت معارفهم وتذكرها. وأن تولي تعليم الأصوات العربية عناية خاصة.
– ضرورة الجمع بين الوسائل التقليدية والحديثة من أجل زيادة دافعية متعلم العربية الناطق بغيرها رقميا وتطوير مهاراته وكفاءاته وقدراته، وتبني سياسات تعليمية تسهم في التحول التدريجي لتطبيقات التعليم عن بُعدٍ وغيرها من التطبيقات الرقمية، وأن يتم توظيف ذلك التوجه في تدعيم تعلم وتعليم اللغة العربية.