أقدمت أدارة معمل فرز النفايات في منطقة سينيق في صيدا جنوب لبنان، على طرد 51 عاملاً بشكل تعسفّي، بينهم 40 عاملاً فلسطينياً، على خلفيّة مُطالبة العمّال بحقوقهم، بما يخصّ صرف الرواتب.
جاء ذلك، اثر إضراب مطلبي نفذّه العمّال السبت الفائت 13 شباط/ فبراير، للمطالبة بأخذ رواتهم، وفق سعر صرف الدولار المعتمد في المؤسسات الرسمية، ما أدى إلى توقف العمل بالمعمل لمدة يومين، ليصار بعدها إلى طرد عدد من العمال المُضربين طرداً تعسفيا لا يراعي المعايير القانونية أو الأخلاقية، وذلك بتهمة تحريض العمال ضد الإدارة، حسبما أكّد عمّال مفصولون لـ” بوابة اللاجئين الفلسطينيين”.
“مُجاهد دهشة” شاب فلسطيني من مخيّم عين الحلوة، متزوّج و لديه عائلة مكونة من زوجة وطفلين، أحاله الفصل التعسفي من عامل مشرف في قسم الإدارة إلى عاطل عن العمل، يقول لـ “بوابة اللاجئين الفلسطينيين” إنّ المعاش الذي يتقاضاه لا يتعدى المليون ليرة لبنانية شهرياً، أي ما يعادل 100 دولار أمريكي حسب سعر الصرف في السوق السوداء، و يُخصم من راتبه 7.5%.
لم يُشارك العامل “دهشة” في الإضراب، الّا أنّ إصرار الإدارة على اعتباره محرّضاً على تنفيذه، أدّى إلى فصله، ما يشير إلى أنّ قرار الفصل التعسفّي بحق العمّال لا يتعلّق بتهمة الإدارة الموجهة للعمّال بالتحريض فحسب، وانما قرار مبيّت شمل أكبر قدر ممكن من العمّال في المعمل.
ويؤكد الشاب المفصول لـ “بوابة اللاجئين الفلسطينيين” أنه أبلغ مديره أنّ سبب تغيبه كان وعكة صحية المّت به، إلا أنّهم أصروا على اتهامه بالتحريض، بسبب تغيّبه في وقت تزامن مع دعوة العمّال للإضراب.
وكانت الإدارة، قد أرسلت يوم الاثنين الفائت 15 من شباط/ فبراير الجاري رسالة للعمّال عبر تطبيق ” واتس أب” حصل “بوابة اللاجئين الفلسطينين” على صورة منها، جاء فيها أنّ إدارة المعمل اعتبرت من لم يأتوا إلى العمل، بحكم المستقيلين وتدعوهم إلى أخذ مستحقاتهم، فيما باشرت الإدارة بجلب مشغّلين جدد، حسبما جاء في نص الرسالة.
وكانت الإدارة قد هددت العمّال أكثر من مرّة، على خلفيّة تنفيذهم تحركّات مطلبيّة، ومنها تهديد بإحضار الدرك لفض الإعتصامات وطردهم خارج المعمل، كما رفضت التحدث مع الموظفين والاستماع لمطالبهم، ووجهت لهم رسالة عن طريق رجال أمنها، أخبرتهم فيها، امتناعها عن تلبية أي من مطالبهم، وهددتهم بطردهم اذا لم يخضعوا لشروط عملها حسبما أكّد مصدر من داخل المعمل رفض الكشف عن اسمه لـ ” بوابة اللاجين الفلسطينيين”.
يشكّل الفلسطينيون في المعمل قرابة 60% من مجموع العاملين
وكشف المصدر، دوافع إدارة المعمل لفصل العمّال، مشيراً إلى أنّها تتعلّق بقضم الإدارة جزءاً كبيراً من معاشات العمّل ومطالبات العمّال بتعديل قيمة مستحقاتهم.
وأوضح أنّ إدارة المعمل كانت تتقاضى قيمة الرواتب بحسب سعر الصرف المعمول به في الدوائر الرسميّة الللنانية والمحدد بـ 3800 ليرة، بالإضافة إلى تجديد عقد الشركة الجديد بالدولار الأمريكي، عدا عن استيفاء بعض عائداتها بالدولار، بينما يتقاضى باقي العمّال ما قيمته 25000 الف ليرة يومياً أي ما يعادل 2.7 دولار، وذلك مع حسم أيام العطل والنصف ساعة المخصصة للراحة من وقت العمل، حسبما أكّد المصدر.
وزارة العمل تؤكّد بطلان الفصل
ويعمل في المعمل المذكور، عمّال من جنسيّات مختلفة، يشكّل الفلسطينيون منهم قرابة 60% من مجموع العاملين، ويتعرّض جميعهم لذات السويّة من الانتهاكات، فيما شمل الفصل التعسّفي عمّال لبنانيون كذلك، فيما أكّدت وزارة العمل اللبنانية لبعض العمّال اللبنانيين الذين قاموا بمراجعتها، عدم قانونية الفصل، مشيرةً إلى حقّ حصول العمّال على تعويض نهاية الخدمة.
ويقول حسين البيومي، وهو أحد العمّال اللبنانيين الذين تم فصلهم، أنه عندما توجه إلى وزارة العمل، أكدت له عدم قانونية تصرّف الإدارة بفصل العمّال. ونقل عن الوزارة قولها إنّه في حال التوقيف أو إعطاء إنذارات للعمل، فإنّ ذلك يجري وفق أصول قانونية عبر “السراي” وعن طريق مفتش من وزارة العمل، وليس عن طريق أمن المعمل.
وأكّد بيومي، أن وزارة العمل وعدت العمّال المفصولين، بتحميل إدارة المعمل مسؤولياتها عن تبعات فصل العمّال، ونقل عنها؛ أن المستحقات المتراكمة إضافة إلى تعويض نهاية الخدمة حق لكل عامل بغض النظر عن جنسيّته، كما أنّ من تعرّضوا لفصل تعسفي يحق لهم الحصول على رواتب لـ 13 شهراً دون عمل، بينما اكتفت إدارة المعمل بفصل العمّال والاكتفاء بإعطائهم مستحقاتهم فقط.
وأضاف عدد من العمّال المفصولين، أنّ عدّة عوامل انتهاكيّة أخرى، تُمارس على عمّال المعمل ودفعتهم لعدّة تحرّكات مطلبيّة إلى جانب قضم قيمة رواتبهم، ومنها عدم مراعاة الإدارة للمعايير الوقائية الصحية من فايروس “كورونا” الآن في ظل الجائحة المنشترة في البلاد، من جهة عدم بالتعقيمات و تجديد الكمامات للعمال.
كما أنّ المراحيض والمرافق الصحيّة، غير صالحة للاستخدام الآدمي، إضافة إلى تعطّل غسّالة المعمل وعدم إصلاحها منذ فترة طويلة، ما يجعل العمّال مضطرّون إلى غسل ملابس العمل بأيديهم، مما يعرض حياتهم لخطر السموم والمايكروبات الخارجة من النفايات التي يعملون على فرزها، حسب شكاوى رصدها ” بوابة اللاجين الفلسطينيين” لعدد من العمّال.
فصل تعسفّي أحال عشرات العمّال الفلسطينيين وغير الفلسطينيين إلى عاطلين عن العمل، في ظل الظروف الاقتصاديّة والمعيشيّة القاسيّة التي يمر لها لبنان، والمتمثّل بارتفاع الأسعار وانهيار قيمة العملة وتفشّي البطالة إلى نسب غير مسبوقة.
فيما يكابد الفلسطينيون في ظل هكذا ظروف، معاناة إضافيّة في إيجاد البدائل، في ظل حرمانهم من العمل بأكثر من 70 مهنة، باستثناء بعض الأشغال، ومنها العمل الزراعي وعمّال في معامل النفايات وورش البناء والدهان وسواها.