خرج المغاربة عن بكرة أبيهم في وقفات احتجاجية بأكثر من خمس وعشرين مدينة مغربية تضامنا مع فلسطين، وتنديدا بالعدوان الصهيوني الجديد الذي راح ضحيته المئات، فيما دعي إلى مسيرة مليونية بالعاصمة الرباط الأحد المقبل.
وطالب المتظاهرون بإغلاق “مكتب الاتصال الإسرائيلي”، داعين الحكومة المغربية إلى فتح جميع الأبواب لمساعدة الفلسطينيين، ومقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة، كما توعد المحامون في المغرب بملاحقة الاحتلال على جرائم الحرب التي يقترفها في كل عدوان.
وأرسل المغرب، بتعليمات من الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، مساعدات إنسانية طارئة للفلسطينيين عبر معبر رفح الحدودي مع مصر.
“المغرب يمتلك شبكة مدنية قوية تفضح كل المطبعين وفرض التطبيع على المغاربة أداة استبدادية وتحكمية غير ديمقراطية“
وتتألف المساعدات المغربية لقطاع غزة والضفة الغربية من نحو 40 طنا من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأغطية، تسلمها ممثل وزارة الصحة الفلسطينية من سفير المغرب في القاهرة وممثلها لدى جامعة الدول العربية.
العثماني: ننحاز للحق
وقال رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني إن المغرب ينحاز اليوم للحق الفلسطيني، ويدعم الصمود الفلسطيني.
وأكد أن العدوان “الإسرائيلي” تطور إلى جرائم حرب، ذلك أن الاحتلال بات يقصف منازل المدنيين ويسقطها على رؤوس الأسر والعائلات، فتُقتل بكاملها.
وأبرز عزيز هناوي الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع في حديث لـ”المجتمع” أن المغرب عرف دائما بنصرته للقضية الفلسطينية في مواقع متقدمة، على المستوى الرسمي والمسؤولية السياسية الرسمية، وذلك برئاسة لجنة القدس، أو تسيير وكالة بيت مال القدس، أو احتضانه على مدى خمسين سنة الماضية على الأقل لعشرات الاجتماعات والقمم.
مع ذلك يقول هناوي: “تحتاج فلسطين منا ليس فقط إلى الغذاء والدواء، ولكن بالأساس إلى دعم خيار المقاومة والنضال عبر المواقف السياسية، ووقف جميع مهازل التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني، والذي أقدم عليه المغرب منذ أربعة أشهر، وما تلاها من خطوات مخزية لنيل رضا لوبي الصهيوني، أو محاولة تسريب التطبيع عبر البوابة التربوية”.
“الاحتلال ليس دولة طبيعية ولا يمكن اعتبارها دولة عادية ولا مواثيق لها ولا معاهدات ولا توقيعات ولا اتفاقيات“
وعلى المستوى الشعبي، أوضح هناوي أنه بالرغم من محاولات الاختراق الصهيوني للنسيج المجتمعي وضرب مكوناته عبر العزف على الأوتار العرقية، فإنه أصبح من المعلوم بالضرورة أن فلسطين تسكن قلوب المغاربة ماضيا وحاضرا، فقد كان لهم حضور جهادي قبل ألف عام مع صلاح الدين الأيوبي، وفي المئوية الأخيرة كان المغرب يقاوم الاستعمار ويرسل الفدائيين إلى فلسطين.
مقاومة التطبيع
وأكد هناوي أن المغرب اليوم يمتلك شبكة مدنية قوية، تفضح كل المطبعين وتقاوم كل أشكال التطبيع، مبرزا أن الهبات الشعبية تظهر مدى التحام المغاربة جيل بعد جيل بالقضية الفلسطينية.
واعتبر هناوي أن فرض التطبيع على المغاربة هو أداة استبدادية وتحكمية غير ديمقراطية، وأن دعم المقاومة لتحرير فلسطين سبيل إلى إقرار العدالة الاجتماعية ورسم معالم التقدم والرقي الحضاري.
ورفع المحامون، أمس الأربعاء، الأعلام الفلسطينية في المحاكم المغربية نصرة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لعدوان دولة الاحتلال منذ أيام، متوقفين عن العمل لساعة من الزمن.
واستنكروا في وقفات تضامنية الصمت الدولي والكيل بمكيالين أمام ما يتعرض له أهل فلسطين من مجازر، مقدمين التحية لما تقوم به المقاومة التي تدافع عن أمة بكاملها؛ لتبقي الأمل حيا في النفوس من أجل الأرض من الاحتلال.
وقال نقيب هيئة المحامين في مدينة تطوان محمد المرتضى درجاج، إن المحامين المغاربة ينددون بالعدوان الغاشم الذي يستهدف الفلسطينيين العزل والمقدسات الإسلامية في القدس وباقي أراضي فلسطين المحتلة.
وتوعد نقيب المحامين في مدينة طنجة هشام الوهابي بمقاضاة الاحتلال الإسرائيلي أمام المحاكم الدولية بتنسيق مع الهيئات الدولية والفعاليات الحقوقية ضد ما يقوم به من جرائم حرب ضد الفلسطينيين العزل، منتقدا في الوقت ذاته خطوات الهرولة نحو التطبيع الرسمي من قبل عدد من الدول العربية.
من جهة ثانية شددت الكتلة البرلمانية لـ”العدالة والتنمية” قائد الائتلاف الحكومي على ضرورة إغلاق مكتب الاتصال “الإسرائيلي” في الرباط.
يرى مراقبون أن الهبات الشعبية والتحرك البرلماني والدبلوماسي تقوي ظهر المغرب الرسمي لاتخاذ موقف حازم ضد استمرار مسلسل التطبيع
وأبرز البرلماني محمد الحمداوي، رئيس لجنة دعم فلسطين داخل الحزب الإسلامي أن الاحتلال ليس دولة طبيعية ولا يمكن اعتبارها دولة عادية ولا مواثيق لها ولا معاهدات ولا توقيعات ولا اتفاقيات.
وأوضح في كلمة باسم الكتلة البرلمانية في الجلسة العمومية الأسبوعية للأسئلة الشفهية بمجلس النواب أن المغرب سبق أن أغلق مكتب الاتصال “الإسرائيلي” عقب انتفاضة بداية الألفية، معتبرا أن التمادي في الاعتداء على الشعب الفلسطيني لا يترك أي مجال لإبقاء علاقة مع كيان لا عهد له ولا مواثيق.
وأضاف الحمداوي “نشعر بالاعتزاز لما يسجله الشعب الفلسطيني من معاني الصمود الأسطوري الذي ينوب فيه عن الأمة جمعاء في الدفاع عن مقدساتها”.
وسبق للمغرب أن أقدم على الخطوة نفسها عام 2002، بعدما سعت دولة الاحتلال إلى وقف ما سمي بـ”عملية السلام”، واصفا آنذاك الخطوة بالمتعنتة.
ويرى مراقبون أن الهبات الشعبية لمساندة فلسطين والتحرك البرلماني والدبلوماسي، تقوي ظهر المغرب الرسمي، وتساعده على اتخاذ موقف حازم ضد استمرار مسلسل التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو ما أكده هناوي في الحديث ذاته مع “المجتمع”.
ومنذ 10 مايو الجاري، يقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي منازل وبنايات ومؤسسات حكومية ومدنية في قطاع غزة، وفي المقابل ترد الفصائل الفلسطينية بإطلاق الصواريخ والقذائف على البلدات المحتلة والمستوطنات.