“ممنوع”.. باتت هذه العبارة ملازمة لكثير من رغبات التظاهر التي يسعى لها البعض في مصر خلال هذا الأسبوع منذ بدء العدوان الصهيوني على القدس وغزة مؤخرا، على الرغم من وجود ضوء أخضر حكومي بإصدار البيانات التضامنية والتضامن الإعلامي وفتح باب التبرع المادي والطبي لدعم الشعب الفلسطيني.
محاولات رمزية
“رفع العلم الفلسطيني”.. اجراء تضامني قام به البعض ، وآخرهم محامين في نقابة القاهرة الجديدة ظهر اليوم الخميس 20 مايو قبيل عقد اجتماع لجنة توثيق جرائم المحتل الصهيوني فيما يخص التهجير العرقي لأهالي بحي الشيخ جراح بالقدس المحتلة واستخدام المحتل الصهيونى للأسلحة المحرمة دوليا على المدن والقرى الفلسطينية”.
المحامي الحقوقي محسن البهنسي قال لـ”المجتمع” :” نأمل مشاركة جميع طوائف الشعب المصرى و أهالينا فى فلسطين بكل الوثائق والمستندات والفيديوهات المصورة التي تدعم عمل اللجنة “.
حزب الكرامة المعارض طالب في بيان رسمي وصل مراسل “المجتمع” بـ”فتح المجال أمام المظاهرات السلمية الشعبية لتعلن دعمها وتضامنها مع فلسطين”.
وأكد الحزب أن “هذا التضامن فضلا عن كونه واجب شعبي ووطني فهو جزء من دورنا في صيانة الأمن القومي المصري الذي يبدأ عن حدود فلسطين المحتلة”.
ولكن البيان جاء بعد توقيف عضو حزب الكرامة أحمد مناع بعد أن رفع علم فلسطين تضامنا مع القضية الفلسطينية الاثنين الماضي.
الخوف من تنظيم أي فعاليات ضرب وقفة تضامنية رمزية للمحامين في مصر، حيث نظمت دون إعلان مجموعة من المحاميات والمحامين وقفة تضامنية رمزية الأحد الماضي على سلم نقابة المحامين المصريين بوسط العاصمة القاهرة بمشاركة فاطمة الزهراء غنيم عضو مجلس النقابة العامة.
وفوجئ المتابعون بإعلان الوقفة بعد الانتهاء منها ، وأنها جاءت بناء على دعوة من اتحاد المحامين العرب، وفق المحامية هند شنهاب ومقررة لجنة المرأة العربية والطفولة باتحاد المحامين العرب.
وبحسب مصادر مطلعة ، تكررت خلال هذا الأسبوع محاولات فردية لناشطين وصحفيين حرق العلم الصهيوني مع الهتاف التضامني في ميدان التحرير، وتم التعامل معها بإخلاء السبيل بعد التوقيف لبعض الوقت، ومنها الصحفية نور الهدى زكي.
في هذا الإطار ، لازالت هناك بعض المحاولات مع الجهات المعنية لتمرير فاعلية تضامنية خلال الأيام المقبلة داخل قاعات إحدى النقابات وفق ما صرح مصدر مطلع لمراسل”المجتمع”.
صندوق إعمار غزة
لكن في المقابل ، تتكثف الخطوات لتفعيل “صندوق إعمار غزة” الذي أعلن عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ، في المشهد العام للدعم المالي المصري لفلسطين سواء رسميا أو شعبيا ، حيث تسارعت الفتاوى الدينية الداعمة للتبرعات له على نحو لافت من مؤسسة الأزهر ودار الإفتاء، بالتوازي مع تحرك رجال الأعمال الذي قرر بعضهم التبرع بـ 10 ملايين جنيه كدفعة أولى.
دار الافتاء المصرية أصدرت فتاوتين دفعة واحدة خلال الساعات الأخيرة عقب الإعلان عن صندق إعمار غزة ، الأولى نشرتها عبر صحفتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” قالت فيها :” يجوز شرعًا إخراج الزكاة والصدقات والتبرعات ونحوها للحساب الذي خصصته الدولة من خلال صندوق تحيا مصر في كل البنوك المصرية؛ لإعادة إعمار غزة وتلبية للاحتياجات المعيشية والدوائية للأشقاء الفلسطينيين، والإنفاق في ذلك يُعَدُّ من مصرف (في سبيل الله) شرعًا”.
الفتوى الثانية لدار الإفتاء تصدرت موقعها الالكتروني الرسمي كذلك، حيث أعادت نشر فتوى شرعية قديمة في صدارة الموقع ، كانت صدرت في أعوام المواجهة المصرية مع المحتل الصهيوني وبالتحديد في عام الهزيمة في 1967 ، حيث تتحدث عن شرعية ” التبرع للمجهود الحربي من الزكاة لتحرير الوطن والذود عن الدين ضد الاستعمار والصهيونية”، وجاء الجواب بأن هذا التبرع المادي من “مصارف الزكاة”.
وأعلن د.شوقي علام، مفتي الجمهورية، في بيان رسمي وصل مراسل “المجتمع” نسخة منه ، ” تأييده الكامل لكافة جهود الرئيس عبد الفتاح السيسي لدعم الأشقاء في فلسطين بتخصيص مبلغ 500 مليون دولار لصالح إعادة إعمار قطاع غزة، ومشاركة الشركات المصرية في عملية إعادة الإعمار”.
الأمر لم يقف عند دار الإفتاء المصرية ، بل امتد إلى مؤسسة الأزهر الشريف ، حيث أعلن د.أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، دعمه تقديم مصر مبلغ ٥٠٠ مليون دولار كمبادرة مصرية تخصص لصالح عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة.
وأفتى د.الطيب بأن ” التضامن مع الشعب الفلسطيني في هذا الظروف العصيبة هو واجب شرعي وإنساني”.
ودعا شيخ الأزهر “الدول العربية والإسلامية القادرة، والمجتمع الدولي؛ أفرادًا ومؤسسات، للمشاركة في دعم هذه المبادرة الإنسانية، والتضامن من أجل توفير الحاجات الأساسية للعائلات الفلسطينية”.
وكان “صندوق تحيا مصر ” الصندوق الأبرز في مصر للتبرعات الرسمية ، خصص الحساب رقم (037037- إعادة إعمار غزة) في كل البنوك المصرية، لتلقي المساهمات من داخل وخارج مصر لإعادة إعمار غزة وتلبيةً للاحتياجات المعيشية والدوائية للأشقاء الفلسطينيين.
وسرعان ما أعلنت وسائل اعلام محلية محسوبة على السلطات بأن ” مجلس اتحاد الصناعات المصرية قرر التبرع بـ 10 ملايين جنيه ضمن مبادرة إعادة إعمار غزة، عقب إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي الثلاثاء دعم مصر بـ 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة”.
وتصدرت نقابتا الأطباء والصحفيين سباق التبرعات النقابية بمصر الداعمة لفلسطين.
وفتحت لجنة العطاء التابعة لنقابة أطباء مصر، باب التبرعات أمام المواطنين في كل المحافظات لدعم الشعب الفلسطيني ، كما قرر مجلس نقابة الصحفيين المصريين إعادة فتح حساب بالنقابة لدعم الشعب الفلسطيني لتلقي تبرعات الأشخاص الطبيعية والاعتبارية المصرية.
الإغاثة مستمرة
اغاثيا ، تتواصل إجراءات الجهات الرسمية والشعبية، في تسليم الجانب الفلسطيني ما يتم إعداده من قوافل إغاثية.
وقال الهلال الأحمر المصري في منشور الخميس على صفحته الرسمية على “فيس بوك” :” لم يقتصر عمل المتطوعين على تقديم الخدمات الإغاثية للأشقاء الفلسطينيين من الجرحي والمصابين والمسافرين ، حرص الهلال الاحمر المصري علي توفير بيئة أمنة للاشقاء الفلسطينين في ظل جائحة كورونا أثناء وصولهم لمعبر رفح ، يجري الان عمليات التطهير والتعقيم لمنفذ رفح البري، شكرا لدعمكم لفلسطين و لسه مكملين!”.
كما تسارع المؤسسات المصرية المعنية بالإغاثة والدعم الخطي في هذا الإطار بجانب جمعية الهلال الأحمر المصري وأبرزها : وزارة الصحة والسكان، ونقابة الأطباء، واتحاد المهن الطبية لتقديم المساعدات الطبية لضحايا العدوان الصهيوني ، وتنظيم مشاركة الأطباء المصريين في علاج الضحايا والمصابين.
وقالت نقابة أطباء مصر في بيان لها :” مصر ستتحرك دائماً وبأقصى سرعة لمساندة القضية الفلسطينية مؤكدة ترحيبها بعملية إعادة الإعمار في قطاع غزة واستمرار فتح معبر رفح البري لاستقبال الجرحى والمصابين وتجهيز المستشفيات المصرية، وتسخير إمكانيات هيئة الإسعاف لنقل المصابين وإرسال شحنات المساعدات الإنسانية لأهالي غزة.
ومن أبرز الجمعيات المشاركة في الاغاثة حتى الآن وفق مصادر رسمية :” جمعيات بنك طعام وبنك الكساء المصري، و مصر الخير، والأورمان، ورسالة، والجمعية الشرعية، ونور على نور، وحدوته، والفيروز”.