لطالما ينتظر الفلسطينيون موسم قطاف الزيتون لما له من خير ومردود اقتصادي، ويعتبرونه مناسبة وطنية يتجدد فيها العهد مع الأرض في الدفاع عنها في وجه الزحف الاستيطاني الصهيوني الذي يلتهم المزيد من الأراضي الفلسطينية، فيما ينظر المستوطنون والاحتلال لشجرة الزيتون على أنها عدو لهم، فلا يمر يوم دون اقتلاع وحرق وتقطيع المئات من أشجارها، ولكنَّ الفلسطينيين بصمودهم وثباتهم على أرضهم يرفعون شعار “باقون ما بقي الزعتر والزيتون.. في أرضنا منغمسون”.
عساف: أطلقنا حملة وطنية للوصول لكافة حقول الزيتون بالضفة
وفي موسم قطاف الزيتون، يطلق الفلسطينيون فعاليات وطنية وتراثية تقوم على أساس المساعدة في القطاف للمزارعين، خاصة أولئك الذين تتواجد أرضهم على مقربة من المستوطنات والطرق الالتفافية التي يسلكها المستوطنون، أو على قمم الجبال التي حول الاحتلال الكثير منها لبؤر استيطانية أو أبراج مراقبة عسكرية.
مبادرة عونة وفزعة
ومن تلك المبادرات الوطنية مبادرة “عونة وفزعة”، التي أطلقتها المؤسسات الوطنية والجامعية والتعليمية، بهدف مساعدة المزارعين في قطف ثمار الزيتون، ويقول حول ذلك لـ”المجتمع” رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف: إن مبادرة “فزعة” انطلقت في المناطق التي تتعرض لهجمات من قبل المستوطنين وعمليات الزحف الاستيطاني خاصة في نابلس وسلفيت، وإن المئات من النشطاء شاركوا في أيام قطاف الزيتون في جبل صبيح بقرية بيتنا بنابلس الذي يتعرض لهجمة استعمارية شرسة.
الخواجا: آلاف أشجار الزيتون اقتلعها المستوطنون منذ بدء موسم القطاف
وكذلك تحدى المشاركون في الحملة التطوعية الاحتلال ودخلوا لحقول زيتون جنوب مدينة الخليل، التي لم يدخلها أصحابها منذ عدة سنوات؛ بسبب تحويل الاحتلال لتلك المناطق لمناطق عسكرية، مؤكداً أن الحملة الوطنية ستصل لكل المناطق التي يوجد بها حقول زيتون ويمنع الاحتلال أصحابها من الوصول إليها، للتأكيد على أننا أصحاب الأرض ولن نترك شبراً واحداً لهذا الاحتلال وعصابات المستوطنين.
وأشار عساف إلى أن هجمات المستوطنين تضاعفت خلال موسم قطاف الزيتون؛ بهدف منع المزارعين من الوصول إلى حقول الزيتون، وذلك ضمن حرب هؤلاء على الوجود الفلسطيني، لافتاً إلى أن مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني ومشاركتهم في الفعاليات الوطنية هي الطريق لصد عدوان الاحتلال وعصابات المستوطنين.
بدوره، أكد منسق اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان صلاح الخواجا لـ”المجتمع”، أن عصابات المستوطنين منذ بدء موسم قطاف الزيتون هذا العام اقتلعوا وقطعوا أكثر من 3500 شجرة زيتون، وهاجموا 245 قرية وتجمعاً فلسطينياً أثناء القطاف، يضاف لذلك أن الاحتلال منع الكثير من المزارعين من الوصول لحقولهم خاصة في المناطق المصنفة “ج”، التي تقع معظم حقول الزيتون فيها، مشيراً إلى أن الحملة الوطنية الشعبية “فزعة” جاءت بهدف مساعدة المزارعين في قطف ثمار الزيتون والتصدي لاعتداءات الاحتلال وعصابات المستوطنين، والتأكيد لهم أن الشعب الفلسطيني سيواصل الدفاع عن أرضه والتشبث بها.
دغلس: المستوطنون بنابلس يشنون حرباً شرسة ونخوض معهم معركة مصير
وأوضح الخواجا أن الاحتلال صادق خلال العام الجاري فقط في القدس على إقامة 18500 وحدة استيطانية، يضاف لذلك مخطط استيطاني لإقامة 4 آلاف وحدة استيطانية لفصل مدينة القدس عن بيت لحم.
حرب شرسة
في سياق متصل، يؤكد منسق هيئة مقاومة الاستيطان في شمال الضفة المحتلة غسان دغلس لـ”المجتمع”، أن عصابات المستوطنين شنت هجمات مكثفة على المزارعين في نابلس وسلفيت، حيث نفذوا في نابلس وحدها منذ بدء موسم الزيتون، الذي بدأ في 8 أكتوبر الماضي، أكثر من 100 اعتداء ما بين حرق للأشجار وسرقة الثمار وتقطيع لمئات الأشتال، لافتاً إلى أن هناك مقاومة شرسة من قبل الشعب الفلسطيني لعصابات المستوطنين التي تنفذ بدعم من قوات الاحتلال حرباً شرسة على الوجود الفلسطيني.
وأوضح دغلس أن قرية بيتا بنابلس التي انطلقت منها الحملة الوطنية لمساندة المزارعين باتت اليوم أيقونة النضال والمقاومة، ونموذجاً للكفاح الوطني الأممي العادل من أجل استعادة حقوقنا وأرضنا وانطلاقتها من أرض جبل صبيح وكسر قرار الاحتلال، خطوة كفاحية من أجل استعادة كافة الأراضي التي يستولي عليها الاحتلال، مؤكداً أنه ورغم حصار جبل صبيح والبؤرة العسكرية، استطاع مئات المشاركين في الحملة الوصول للجبل، ورفع أعلام فلسطين على رأس الجبل، وصدحت حناجر الشباب بالهتافات الوطنية، واستمر الجميع بالوصول إلى كافة الأراضي على رأس الجبل، وقطف ثمار الزيتون رغم كل تهديدات جنود الاحتلال.