انتفاضة غضب واسع دشنها المصريون في مواجهة إساءات الإعلامي المصري المثير للجدل إبراهيم عيسى بعدما أنكر معراج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وتهكم على علماء الأمة، واللافت مشاركة مؤسسات للدولة في المواجهة وفي مقدمتها الأزهر الشريف ودار الإفتاء بجانب قطاع عريض من الصحفيين، وانتهت بإحالة عيسى، في الساعات الأخيرة، للتحقيق أمام النيابة العامة.
سقوط مدوٍّ
وواصل عيسى سقطاته المدوية المواجهة ضد الثوابت الإسلامية والمبادئ الأخلاقية، حتى سقط قبل يومين في إنكار معراج النبي الكريم؛ وهو ما أشعل الغضب ضده.
وقال عيسى في برنامجه “حديث القاهرة”، الجمعة الماضي: إن واقعة الإسراء والمعراج لا يوجد فيها معراج، زاعماً أنها قصة وهمية، وأن المسلم في عام 2022 لا يحتاج علماء الدين والمشايخ.
ولم تكن سقطة المعراج الأولى، ففي 4 نوفمبر الماضي، استنكر قراءة الصيادلة في مصر للقرآن الكريم في مقر عملهم.
وفي سبتمبر الماضي، اقترح عيسى تدريس نصوص من الديانة المسيحية واليهودية، أسوةً بما يتم تدريسه من مقتطفات بالدين الإسلامي، خلال حفل الإستراتيجية الوطنية الذي أطلقه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وطالب خلال كلمته بنفس الحفل، بإلغاء خانة الديانة من بطاقة الهوية، وهو ما تم رفضه في حينه من مسؤولين بالدولة.
وكثيراً ما هاجم عيسى التيار الإسلامي خاصة جماعة الإخوان المسلمين، معتبراً أن الإسلاميين سبب أزمات مصر.
كما شن حملات متكررة، في السنوات الأخيرة، ضد الأزهر الشريف ووصمه باتهامات الرجعية والتخلف، ولم يسلم دعاة الأزهر من هجومه بين الحين والآخر.
إجراءات متلاحقة
آخر الإجراءات المعلنة ضد عيسى كان قرار المستشار حمادة الصاوي، النائب العام المصري، باتخاذ إجراءات التحقيق في البلاغات التي قدمت إلى النيابة ضد الإعلامي المسيء.
وأكد، في بيان رسمي اطلع عليه مراسل “المجتمع”، أن النيابة العامة ستعلن لاحقاً عما ستسفر عنه التحقيقات.
وأعلنت نقابة الإعلاميين في مصر عقد اجتماع طارئ لبحث الأزمة.
وقال نقيب الإعلاميين في مصر طارق سعد، في تصريحات صحفية: إن النقابة تفرغ تصريحات عيسى، وسيتم اتخاذ الإجراءات لحسم تلك الأزمة.
وسبقت النيابة العامة ونقابة الإعلاميين مؤسساتُ الدولة الدينية وفي مقدمتها الأزهر الشريف ودار الإفتاء في التنديد وإصدار أحكام بالإدانة ضد عيسى.
وقال المركز العالمي للفتوى بالأزهر: “إن مُعجزة الإسراء والمعراج من مُعجزات رسول الله المُتواترة، والثَّابتة بنصِّ القرآن الكريم في سُورتي “الإسراء” و”النَّجم”، وبأحاديث السُّنة النَّبوية المُطهّرة في الصّحيحين والسُّنن والمسانيد ودواوين ومصنَّفات السُّنة، التي انعقد على ثبوت أدلّتها ووقوع أحداثها إجماعُ المُسلمين في كلِّ العُصور، بما لا يَدع مجالًا للتشكيك”.
واستنكرت ما حدث، مؤكدة أن هناك مُسلّمات لا يُقبل الخوض فيها مُطلقًا، ولا يُقبل تفصيل أحكامها وبيان فِقهها من غير المُتخصّصين.
وأضافت دار الإفتاء المصرية أن “رحلة الإسراء والمعراج حَدَثت قطعًا؛ لأنَّ القرآن أخبرنا بذلك، ولا يجوز إنكارها بحال من الأحوال”.
ووصل الأمر إلى البرلمان، حيث تقدم عضو مجلس النواب محمد عبدالله زين الدين ببيان عاجل إلى رئيس مجلس النواب ضد عيسى.
وقال النائب، في بيانه: “إن الإعلامي إبراهيم عيسى، اعتاد إثارة بعض الموضوعات بهدف «ركوب الموجة» أو «الترند»، وليكون مثاراً لحديث المجتمع، رغم أن كل ما يثيره ينال من حالة السلم المجتمعي التي تنعم بها مصر”.
وتساءل النائب: ماذا يستفيد عيسى من التشكيك وإنكار ما استقر عليه الثقات عبر مختلف العصور الإسلامية؟!
وتقدم عضو مجلس النواب مصطفى بكري ببلاغ إلى رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ضد الإعلامي المذكور؛ للتحقيق معه.
كما تقدم الكاتب الصحفي والمرشح السابق لمجلس نقابة الصحفيين حسام السويفي ببلاغ إلى النائب العام ضد عيسى.
انتفاضة غضب
وعلى التوازي، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي بمصر انتفاضة غضب ضد تصريحات عيسى ودفاعاً عن معراج النبي الكريم ورفضاً للتجاوز ضد الدين الإسلامي، وفق ما رصد مراسل “المجتمع”.
وطالب مدير رواق الأزهر الشريف أستاذ العقيدة الإسلامية د. عبدالمنعم فؤاد بوقف ذلك العبث الكارثي، مؤكداً أن المفكرين والمثقفين بل وجموع المسلمين لا يعرفون هذا الهراء الذي قيل، موضحاً أن الباحث بحق، والمفكر بصدق خاصة في قضايا الدين لا بد أن يسوق الأدلة الشرعية اليقينية لما يقول، والمتحدث هنا لا يملك أدوات لذلك؛ بل ما قاله هو عين العبث والوهم، وهو يفتعل معارك وهمية كل يوم على الهواء بلا سبب!
وأضاف أنه لم يكتف بهذا، بل يقدم الآن سيناريو فيلم باسم “الملحد”، وهذا عبث واستهتار بالمجتمع وقيمه، بل وثوابته.
وطالب فؤاد بالتدخل القانوني فوراً لإيقاف هذا العبث الإعلامي والانفلات الكارثي، الذي أدمن عليه هذا المتفوه، بحسب وصفه، مؤكداً أهمية معرفة من خلفه، وماذا يريد من استقرار مصر المجتمعي؟
ودون مشاهير المجتمع في العديد من الأوساط ضد عيسى، فيما عدا البعض من التيار العلماني المتطرف الذي ساند عيسى تحت مزاعم حرية التعبير.
وأعلن الفنان المصري مصطفى درويش انسحابه من فيلم “الملحد” للكاتب إبراهيم عيسى، احتجاجاً على إنكار الأخير لمعراج النبي.
وقال درويش، على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “قررت أنا مصطفى درويش مقاطعة أي برنامج لإبراهيم عيسى، والاعتذار عن فيلم الملحد اللي صورت فيه أربع أيام بسبب أن مؤلف القصة هو إبراهيم عيسى لأن واضح أن الحرب دي ممنهجة وأنا مقبلش أبداً أكون أداة للحرب ضد ديني ولو الثمن هيكون إيه”.