المريض الذي مات في رمضان
مريض أفطر في رمضان وبعد أربعة أيام من دخول الشهر مات فهل يُقضى عنه؟
– إذا كان هذا المرض الذي أصابه من الأمراض الطارئة فإنه لا يُقضى عنه إذا استمر به حتى مات؛ لأن الله تعالى قال: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (البقرة: 185)، فيكون الواجب على هذا المريض أن يصوم عدة من أيام أخر، وإذا مات قبل أن يتمكن من ذلك سقطت عنه؛ لأنه لم يبلغ الزمن الذي يجب عليه فيه الصوم، فهو كمن مات في شعبان، فلا يجب عليه صيام رمضان المقبل، أما إذا كان المرض من الأمراض التي لا يرجى برؤها فإنه من الأصل يجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً.
عدم قضاء رمضان قبل رمضان التالي
رجل عليه يوم من رمضان فلم يقضه حتى دخل عليه رمضان الثاني فماذا يفعل؟
– من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى يقول: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (البقرة: 185)، فهذا الرجل الذي أفطر لعذر شرعي عليه أن يقضيه امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى، ويجب عليه أن يقضيه في سنته، فلا يؤخره إلى ما بعد رمضان الثاني؛ لقول عائشة رضى الله عنها: “كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان”(1)، وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم منها فقولها: “ما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان”، دليل على أنه لا بد من القضاء قبل دخول رمضان الثاني، ولكن إذا أخره إلى ما بعد رمضان الثاني فإن عليه أن يستغفر الله، وأن يتوب إليه، وأن يندم على ما فعل، وأن يقضي هذا اليوم؛ لأن القضاء لا يفوت بالتأخير، فيقضي هذا اليوم ولو بعد رمضان الثاني، وقد سُئِل الشيخ باز رحمه الله عن هذا فقال: إن من أفطر في رمضان يجب عليه أن يقضي قبل رمضان الآخر، وما بين الرمضانين فهو محل سعة من ربنا عز وجل، إذا قضى في شوال أو في ذي القعدة أو في ذي الحجة أو في المحرم أو ما بعد ذلك.. إلى شعبان، فعليه أن يقضي ما أفطره لمرض أو سفر أو نحو ذلك قبل رمضان، فإن أخره إلى رمضان آخر لم يسقط القضاء بل يجب عليه القضاء ولكن يلزمه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم زيادة مع القضاء، أفتى به جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
إفساد صوم النفل بالأكل أو الشراب أو الجماع
إذا أفسد الإنسان صوم النفل بمفطر من المفطرات فهل يأثم؟ وإذا كان أفسده بالجماع فهل عليه كفارة؟
– إذا صام الإنسان نفلاً ثم أفطر بأكل أو شرب أو جماع فلا إثم عليه؛ لأن كل من شرع في نافلة فإنه لا يلزمه إتمامها إلا في الحج والعمرة، ولكن الأفضل أن يتمه، وحينئذ ليس عليه كفارة إذا جامع في صوم النفل؛ لأنه لا يلزمه إتمامه، أما إذا كان الصوم فرضاً وجامع زوجته فإن ذلك لا يجوز؛ لأن صوم الفريضة لا يجوز قطعه إلا لضرورة، ولا تجب عليه الكفارة إلا إذا كان ذلك في نهار رمضان وهو ممن يجب عليه الصوم وانتبه لقولنا (وهو ممن يجب عليه الصوم) فإن الرجل لو فرض أنه قد سافر هو وزوجته وصاما في السفر ثم جامعها فليس عليهما إثم، وليس عليهما كفارة، وإنما عليه أن يقضي هو وزوجته ذلك اليوم الذي حصل فيه الجماع.
حكم من يصوم ويصلي في رمضان فقط
ما حكم من يصوم ويصلي إذا جاء رمضان لكن إذا انتهى رمضان ترك الصلاة؟
– الذي يتبين لي من الأدلة أن ترك الصلاة لا يكون كفراً إلا إذا كان تركاً مطلقاً، وأما من يصلي ويخلي، فيصلي بعض الأحيان ويترك بعض الأحيان، الذي يبدو لي من الأدلة أنه لا يكفر بذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها -أي الصلاة- فقد كفر”(2)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: “بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة”(3)، ولكن هذا الرجل الذي لا يصلي ولا يصوم إلا في رمضان أنا في شك من إيمانه لأنه لو كان مؤمناً حقاً لكان يصلي في رمضان وفي غيره أما كونه لا يعرف ربه إلا في رمضان فأنا أشك في إيمانه لكني لا أحكم بكفره بل أتوقف فيه وأمره إلى الله عز وجل.
____________________________________
(*) بتصرف من كتاب “فتاوى أركان الإسلام” – سماحة الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين – ت 1421هـ – جمع وترتيب: فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان – الطبعة الأولى 1424هـ.
(1) أخرجه البخاري: كتاب الصوم – باب متى يقضى قضاء الصوم (1950).
(2) صحيح ابن ماجة (891).
(3) أخرجه مسلم (82).