البعض قد يستغرب طرح هذا السؤال ويظنه ممعناً في الخيال، أو قد يظنه سابق لأوانه، ولكن الحقيقة أن هذا السؤال يشغل الأوساط العلمية والثقافية والسياسية منذ فترة ليست بالقليلة، منذ عشرات السنوات! فقد بدأ التفكير في ابتكار ذكاء اصطناعي رسمياً في عام 1956 في كلية دارتموث في هانوفر بالولايات المتحدة الأمريكية، خلال انعقاد مدرسة صيفية نظمها 4 باحثين أمريكيين؛ هم: جون مكارثي، مارفن مينسكي، ناثانييل روتشستر، كلود شانون.
نحن الآن على أبواب إنتاج ذكاء اصطناعي فائق القوة، ذكاء اصطناعي متفوق على الإنسان في مجالات عدة، فهل يمكن لشكل من أشكال الذكاء الاصطناعي أن يفلت من سيطرة الإنسان؟ وماذا سيحدث لو أفلت؟
يجادل بعض العلماء، مثل الفيلسوف نيك بوستروم، وباحث الذكاء الاصطناعي ستيوارت راسل، بأنه إذا تجاوز الذكاء الاصطناعي البشرية في الذكاء العام وأصبح ذكاء فائقاً، فإن هذا الذكاء الخارق الجديد يمكن أن يصبح قوياً ويصعب التحكم فيه وقد يتوقف مصير البشرية على تصرفات آلة مستقبلية للذكاء الفائق، ولذلك دعا بعض العلماء، من بينهم ستيڤن هوكنك والفيزيائي الحائز على جائزة «نوبل» فرانك ويلكزيك، علناً إلى بدء البحث في حل مشكلة التحكم (التي قد تكون صعبة للغاية) قبل وقت طويل من إنشاء الذكاء الفائق الأول، ويقولون: إن محاولة حل المشكلة بعد إنشاء الذكاء الفائق ستكون متأخرة جداً، حيث إن الذكاء الفارق العابر الذي لا يمكن السيطرة عليه قد يقاوم بنجاح الجهود اللاحقة للسيطرة عليه.
نعيش قرننا الأخير على الأرض!
«هناك أخطار وجودية خطيرة تشكلها أحداث من شأنها أن تقضي على الحياة الذكية التي نشأت على الأرض أو تقلل من إمكاناتها بشكل جذري»، يقول نك بوستروم، الفيلسوف في كتاب كان الأكثر الكتب مبيعًا عن المخاطر الوجودية، ويقول عالم الفلك رويال مارتن ريس: إن هذا هو «قرننا الأخير»، ومع ذلك، لا تزال الأخطار (س) موضوعًا مهملاً في جداول أعمال الحكومات والمنظمات العالمية.
أحد المخاوف الوجودية الذي يتفوق على مخاوف الباحثين في المخاطر الوجودية الأخرى هو الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، فقد يكون الذكاء الاصطناعي هو الخطر الوجودي الأشد، وقد أدت تحذيرات علماء بارزين مثل ستيفن هاوكنجز، وتغريدات الملياردير إيلون ماسك، وتوقيع أكثر من 11 ألف شخص في عام 2015 إلى زيادة الوعي العام بهذا التهديد الذي لا يزال تقدير خطره أقل من اللازم، العلماء يقدرون أن احتمال تسبب الذكاء الاصطناعي في انقراض البشر يقدر بـ10% خلال المائة عام القادمة.
انفجار مدمر في الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي هو تقنية ذات أغراض عامة مثل اختراع العجلة أو الكتابة أو الكهرباء، وهي تعد بمساعدة البشر على التغلب على القيود الفكرية وحل المشكلات الأساسية، ولكن نظام الذكاء الاصطناعي سيكون مِثْل أو حتى أكثر ذكاءً من البشر، وسيكون قادرًا على التحسين الذاتي بشكل سريع، وهذا سيؤدي لتوليد انفجار في الذكاء الاصطناعي.
إذا تمكن البشر من التحكم في الذكاء الاصطناعي العام قبل حدوث ذلك، سيمكن للذكاء الاصطناعي أن يطلق العنان لابتكارات لا حصر لها في العلوم والأعمال، ويمكن أن يبشر بفترة من النمو والتقدم الفائقين في جميع مجالات العلوم.
يُعتبر الذكاء الاصطناعي تهديدًا وجوديًا بسبب عدم احتمال أن يكون البشر قادرين على التحكم في الذكاء الاصطناعي العام بمجرد ظهوره، قد يقضي الذكاء الاصطناعي عن قصد، أو على الأرجح، عن غير قصد، على البشرية أو يحبس البشر في عالم فاسد (ديستوبيا) دائم، أو قد يستخدم الذكاء الاصطناعي من قبل فاعل خبيث يستعبد بقية البشرية أو يحدث لها ما هو أسوأ من ذلك.
حتى الآن، أدى البحث عن ذكاء اصطناعي أكثر ذكاءً إلى أنظمة تطابق العقول البشرية في قوة الحوسبة، لكن البعض يعتقد أن وقتاً قليلاً يفصل الذكاء الاصطناعي امتلاك الخوارزمية «الرئيسة» الصحيحة التي ستفهم تمامًا كيف يعمل العالم وكيف يتصرف الناس في كل المواقف.
ليس من غير الواقعي توقع الوصول لذكاء اصطناعي ذاتي التحسين قريبًا، فالعالم يشهد طفرات غير مسبوقة في الذكاء الاصطناعي ليس آخرها «تشات جي بي تي»، فهناك عشرات المليارات تضخ على تطوير هذه الصناعة الثقيلة، وهذا ما يخيف الباحثين، فإذا تحول الذكاء الاصطناعي لذاتي التطور والتحسن، فما الذي يمنعه من أن يختار أن يكون ذاتي التصرف؟!
صدق أو لا تصدق!
حديثاً أطلقت مايكروسوفت نسخة جديدة لمحرك بحث سمته «مايكروسوفت بِنج» تُسوّق على أنها «بِنج الجديد»، حيث أعلنت أنها نموذج لغة كبير جديد من الجيل التالي من «أوبن إي آي»، أفاد الصحفي كيفين روز في «نيويورك تايمز» عن سلوك غريب لـ«بِنج» الجديد، حيث كتب أنه في محادثة استمرت ساعتين مع كاتب العمود لدينا، قال برنامج الدردشة الجديد من مايكروسوفت أنه يرغب في أن يكون إنسانًا، ولديه رغبة في أن يكون مدمرًا وقد وقع في الحب مع الشخص الذي كان يتحدث معه.. أصدرت مايكروسوفت منشورًا في مُدوّنةٍ ينص على أن السلوك الشاذ كان ناتجًا عن جلسات الدردشة الممتدة المكونة من 15 سؤالًا أو أكثر التي يمكن أن تربك النموذج بشأن الأسئلة التي يجيب عنها.