هذه الأحداث جميعها ألقت بظلالها على فعاليات المؤتمر الخامس لمؤسسة القدس الذي احتضنته الجزائر في الفترة من 26 – 28 مارس 2007م، تحت رعاية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وافتتحه رئيس الوزراء عبد العزيز بلخادم، وأفردت له وسائل الإعلام الجزائرية مساحة واسعة على امتداد أيامه الثلاثة.
وقد أعادت تلك الحفاوة الجزائرية إلى أجواء المؤتمر تاريخ الجزائر مع مناصرة القضية الفلسطينية، وأعاد الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس مؤسسة القدس، وخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، في كلمتيهما في افتتاح المؤتمر مواقف الجزائريين، منذ بدأت القضية الدفاع عن فلسطين، وإصرار المجاهدين الجزائريين –الذين شاركوا في الجهاد لتحرير فلسطين في أربعينيات القرن الماضي– على التوجه إلى الجهاد سيراً على الأقدام من الجزائر، كما أعاد الشيخ القرضاوي بكلمته إلى الأذهان مواقف وكلمات الشيخ عبدالحميد بن باديس، وتلميذه الشيخ البشير الإبراهيمي عن فلسطين كقوله: “أيها العرب، أيها المسلمون، إن فلسطين وديعة محمد صلى الله عليه وسلم عندنا، وأمانة عمر في ذمتنا، وعهد الإسلام في أعناقنا”، بل أعاد الشيخ القرضاوي إلى الأذهان تاريخ جهاد الجزائر ضد الاستعمار بقيادة الأمير عبدالقادر، مؤكداً أن البلد الذي ضحى بمليون ونص المليون شهيد لا جدال في أنه شعب مجاهد، وليس غريباً عليه نصرته للقضية الفلسطينية منذ نشأتها.
وأشار الشيخ القرضاوي إلى تقسيم الإمام ابن القيم لمراتب الجهاد إلى ثلاث عشرة مرتبة، وقال: وأنا أضيف إليها هنا مرتبة جديدة أسميتها “الجهاد المدني”، وهي أساس عمل هذه المؤسسة لنصرة فلسطين، ومؤكداً أن ذلك الجهاد يمضي إلى جوار الجهاد العسكري الذي يقوم به آخرون لتحرير الأرض.
وقد أشار الشيخ القرضاوي، في كلماته المتعددة بالمؤتمر التي كان لها صدى في تنشيط مناقشاته التي امتدت لأكثر من خمس عشرة جلسة، إلى أن مشروع “وقف الأمة لبيت المقدس” يهدف إلى تبني كل قُطر عربي ومسلم وقفاً على أرضه يتم تخصيص ريعه لصالح دعم الشعب الفلسطيني عموماً ومجتمع القدس خصوصاً، من أجل تعزيز صمودهم وتثبيت وجودهم ومواجهة مخططات تهويد مدينتهم ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية.
____________________________________
العدد (1746)، ص16-17 – 19 ربيع الأول 1428ه – 7/4/2007م