يعتبر حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة من أقدم وأعرق أحياء المدينة التاريخية، ويشتهر رجاله بأنهم أشداء وأقوياء.
مثَّل هذا الحي، وهو أكبر أحياء مدينة غزة من حيث المساحة، البوابة الجنوبية للمدينة، ويشتهر بزراعة شجرة الزيتون المباركة لذلك حمل اسمها «حي الزيتون».
الموقع الجغرافي للحي كونه البوابة الجنوبية لمدينة غزة وله حدود مع السياج الأمني الشرقي للمدينة أهَّله ليكون خط الدفاع الأول عن المدينة.
النواة الأولى لـ«كتيبة الزيتون»
أكدت الكاتبة والصحفية سميرة نصار، ابنة الحي، أن سكان حي الزيتون يعيشون في حالة مقاومة مستمرة كونهم يعتبرون أنفسهم حراس البوابة الجنوبية وأجزاء من البوابة الشرقية لمدينة غزة.
وقالت نصار لـ«المجتمع»: إن العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال في ستينيات القرن الماضي التي كان ينفذها أبناء حي الزيتون في أطرافه الجنوبية قرب مفرق الشهداء- نتساريم الذي كان يعرف باسم «البوليس الحربي»، شكلت نواة تأسيس أول خلايا المقاومة الفلسطينية في الحي بغض النظر عن المسميات التنظيمية لاحقاً.
وأضافت: تطورت المقاومة بشكل كبير بين أبناء الحي الذين اتخذوا من مساجد الشافعي، وصلاح الدين، والشمعة منطلقاً لهم، وذلك مع اندلاع الانتفاضة الأولى في 8 ديسمبر 1987م بالتزامن مع انطلاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي قاد أبناؤها هذه الانتفاضة بقوة وبجدارة.
وأشارت نصار إلى أنه وقبل «انتفاضة الحجارة» كان أبناء الحي من مجاهدي الحركة الإسلامية قبل أن تتخذ من «حماس» مسمى لها؛ يجهزون السلاح ويراكمونه ويعدون المقاومين، وقد نفذوا سلسلة عمليات فدائية ضد قوات الاحتلال «الإسرائيلي» دون تبنيها بشكل رسمي حتى لا يتعرضوا للملاحقة حيث كان العمل سرياً.
وأوضحت أن ميلاد «انتفاضة الحجارة» تزامن مع ميلاد أولى خلايا «كتائب القسام» في الحي التي كانت تحمل اسم «مجاهدو حماس»، وهي النسخة الأولى للجهاز العسكري للحركة.
وقالت نصار: هذه الخلية التي دوخت ضباط مخابرات الاحتلال لسنوات كانت النواة الأولى لكتيبة الزيتون في «كتائب القسام» التي تعتبر من أقواها من حيث السلاح والعتاد.
وتابعت أن اكتشاف أمر هذه الخلية السرية في أول ضربة اعتقالات تعرضت لها حركة «حماس» في مايو 1989م بعد اعتقال قائد ومؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين؛ لم يوقف هذه الكتيبة لكنها جمدت مؤقتاً لتعود للعمل بقوة بعد عام تقريباً بعد أن رتبت صفوفها وتسلحت جيداً لمرحلة جديدة وطويلة للمقاومة، ولكن باسم جديد أرعب الاحتلال وهو «كتائب الشهيد عز الدين القسام».
وأشارت إلى أنه مع الانطلاقة الثانية للجهاز العسكري لـ«حماس» بالمسمى الجديد «كتائب القسام» بداية عام 1991م لم يكن لـ«القسام» في قطاع غزة سوى 5 خلايا من بينها وأقواها خلية الزيتون التي كانت تؤوي أول قائد عام للكتائب الشهيد ياسر النمروطي الذي استشهد في حي الزيتون بعد اشتباك خاضه مع قوات الاحتلال في 14 يوليو 1992م.
واستعرضت نصار تطور هذه الخلية التي ضمت الآلاف من المقاتلين الأشداء وتوسعت بشكل كبير مع اندلاع «انتفاضة الأقصى» في سبتمبر 2000م.
وقالت: بعد اندلاع «انتفاضة الأقصى»، كان لهذه الخلية دور كبير في المقاومة نظراً لملاصقة مستوطنة نتساريم للحي من الجهة الجنوبية، وكذلك شارع المنطار/ كارني ممر المستوطنين وبوابة ملكة، أحد المواقع العسكرية «الإسرائيلية» شرق الحي؛ جميعها كانت مسرحاً لعمليات أبناء تلك الكتيبة إلى أن فرضت المقاومة على الاحتلال «الإسرائيلي» الانسحاب من جانب واحد في عام 2005م.
دور مهم في «طوفان الأقصى»
وأضافت: كان لكتيبة الزيتون دور كبير في كافة جولات الصراع مع الاحتلال والحروب، لا سيما تفجير الدبابة في أحد التوغلات في الحي عام 2002، الذي أدى إلى مقتل 12 جندياً «إسرائيلياً» وتناثر أشلائهم في بيارات الحي.
ولفتت إلى أن هذه الكتيبة أدت دوراً مهماً في معركة «طوفان الأقصى» سواء في اقتحام السابع من أكتوبر كون الحي ملاصقاً للحدود الشرقية لغزة أو خلال عمليات التصدي لتوغل قوات الاحتلال على مرتين في أكتوبر 2023، أو فبراير 2024م.
من جهته، قال الكاتب الصحفي إبراهيم المدهون: تعد كتيبة الزيتون بوابة مدينة غزة الجنوبية، والجنوبية الشرقية، وتعتبر أولى الكتائب في لواء غزة.
وأضاف المدهون لـ«المجتمع» أن كتيبة الزيتون بدأت بالتصدي للعملية البرية خلال الحرب على غزة فشرعت بعملياتها الدفاعية في 30 أكتوبر الماضي مكبدة الاحتلال خسائر كبيرة.
وأكد أن ما ميز الكتيبة في معركة «طوفان الأقصى» أن كفاءتها القتالية ما زالت تعمل وفق ما هو مخطط له، وبنفس المستوى القتالي المعد للمقاتلين.
وقال: رغم استمرار العمليات العسكرية فيها حتى يومنا هذا، فالعملية الأخيرة بالزيتون منتصف نهاية فبراير الماضي أثبتت جدارة المقاتلين وثباتهم في ميدان المعركة وملاحقتهم لقوات الاحتلال في كافة محاور الحي.