كشف التقرير السنوي الرابع لإستراتيجية مكافحة الفساد للعام 2023م في الكويت، الصادر عن الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة)، عن «انخفاض الشهادة الجامعية والمهنية المُزوّرة مع تطبيق آلية مكافحة التزوير في الشهادات الجامعية والمهنية»، وبيّنت الإحصاءات التي تضمّنها التقرير تضاعف حالات الشهادات المُزوّرة التي رصدتها وزارة التعليم العالي في عام 2023 مع وصولها إلى 4 حالات مقارنة بحالتين في العام 2022م.
ولفت التقرير، الصادر في مارس الماضي، إلى أن هذه الآلية صدرت في يوليو 2021م وتقوم الوزارة بتطبيقها بشكل سنوي، مشيراً إلى أن تطبيقها أدى إلى انخفاض التزوير في الشهادات العلمية، حيث بلغ عدد الحالات في عام 2019م 28 حالة، و10 حالات في عام 2020م، و5 حالات في عام 2021م، وحالتين في عام 2022م، و4 حالات في عام 2023م، ليبلغ إجمالي عدد الشهادات المُزوّرة التي تم رصدها خلال تلك السنوات الخمس 49 شهادة.
وتعتبر قضية تزوير الشهادات الأكاديمية والحصول على مؤهلات وهمية من الظواهر الخطيرة التي تهدد استقرار المجتمعات وتضرب في صميم قيم الأمانة والجدارة.
وصرّح د. خالد المذكور، رئيس لجنة الفتوى في وزارة الأوقاف، بأنه إذا ثبت التزوير بشكل قاطع، وكان نتيجة لذلك توظيف الشخص الحاصل على الشهادة المزورة أو ترقيته إلى رتبة أعلى أو زيادة راتبه، فإنه يجب عزله من وظيفته بسبب هذا التزوير.
وأوضح المذكور أنه من الناحية الشرعية، يتعين على الشخص أن يعيد المال الذي حصل عليه بفضل الشهادة المزورة؛ لأن هذا يُعدّ من أكل أموال الناس بالباطل، ويجب عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً.
وأضاف المذكور أن التزوير محرَّم في الدين، ومجرَّم في الشرع والقانون، ويُعتبر مرفوضاً اجتماعياً لما يتضمنه من غش وكذب وتحايل على مؤسسات الدولة، وكل ما يترتب على التزوير يُعتبر باطلاً.
من جانبه، أوضح أستاذ الفقه المقارن في جامعة الكويت د. عدنان الرشيدي، أن التزوير والحصول على شهادات وهمية يعد جريمة بحق طموحات الآخرين وآمالهم، الذين يبذلون جهدهم طوال فترة دراستهم الحقيقية لتجاوز جميع التحديات.
وأضاف الرشيدي أن لقب «د» (دكتور) قبل الاسم أصبح تهمة لصاحبه، نظراً لكمية الشهادات الوهمية المنتشرة في المجتمع؛ مما يستدعي التحقق من صحة هذه الشهادات.
وأكد أن التزوير جريمة متعددة الأضرار، فهي ليست فقط موجهة إلى الفرد المتورط، بل تعتبر غشاً يهدد المجتمع بأسره، خاصة أولئك الذين يعملون في سلك التدريس في الكليات والجامعات الكويتية.
واختتم الرشيدي حديثه بتأكيد أن «أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به»، في إشارة إلى أن الحصول على شهادات وهمية والاستفادة المالية منها أعمال مجرّمة ومحظورة دينياً.
من ناحيته، أوضح رئيس قسم التفسير د. عبدالمحسن المطيري أن تلاعب بعض المعاهد في إصدار شهادات وهمية، سواء للدراسات العليا أو الثانوية، لا يعفي أحدًا من المسؤولية الشرعية والدنيوية.
وأضاف أن المزور متشبع بما لم يعطَ، وبالتالي يرتدي ثوبي زور، مؤكداً أن هذه الممارسة محرمة شرعاً وقانوناً وعقلاً، لما لها من آثار سلبية على المجتمعات وما يترتب عليها من فساد كبير.