في مشهد بطولي خلدته ذاكرة العالم، رحل القائد الفلسطيني يحيى السنوار، زعيم حركة «حماس»، شهيدًا كما كان يتمناه طوال حياته.
السنوار، الذي لطالما أكد أن «الموت في سبيل الله أسمى أمانينا»، قضى حياته مجاهدًا مدافعًا عن الأرض والعقيدة، تاركًا خلفه إرثًا من البطولة والصمود سيتردد عبر الأجيال.
الشهيد في عيون العلماء والمفكرين
يصف د. عجيل النشمي استشهاد السنوار بأنه اختيار إلهي لمرتبة الشهداء، فيقول: «يحيى السنوار صدق الله فاختاره لمنازل الأنبياء، نال كرامات الشهداء، غُفِر له عند أول قطرة من دمه، وسينال تاج الوقار في الآخرة»، هذا المديح لم يكن فقط إقرارًا باستشهاده، بل تأكيدًا على مقامه الرفيع.
ويشيد د. يوسف السند بالسنوار كرمز للثقة والعزة والثبات، مؤكدًا أن السنوار ربّى الأمة على الكرامة والاعتماد على الذات، وقال: «رحم الله السنوار الذي أسمع أمته خطاب الصدق والشجاعة، في زمن تعلو فيه أصوات الجبناء».
بطولة غير قابلة للنسيان
الشيخ محمد العوضي، من جانبه، سلط الضوء على طبيعة السنوار القيادية، حيث كان السنوار في مقدمة الصفوف، متقدماً جنوده، مجاهداً ومقاتلاً حتى اللحظات الأخيرة؛ «في وقت يجلس المثبطون في الراحة والرفاهية، يواصل السنوار الليل بالنهار على الجبهات، متحدياً أعتى قوى العالم»، يقول العوضي، ويضيف: «ارتقى القائد أبو إبراهيم إلى مقام الشهداء، وقد أبلى جسده من المعارك، وهو يواجه الموت بثبات وإيمان».
د. طارق الطواري اختصر مسيرة السنوار بعبارة واحدة: «من عاش على شيء، مات عليه»، موضحًا أن السنوار كان مثالًا لرجل عاش وصدق ما عاهد الله عليه.
صورة تلهم الأجيال
الشيخ محمد الصغير من اتحاد علماء المسلمين أكد أن استشهاد السنوار سيبقى علامة فارقة في تاريخ الأمة، وشبهه بعمر المختار، وزيد بن حارثة، مضيفًا: «السنوار هدم أسطورة الاحتلال الذي زعم أنه كان يختبئ في الأنفاق، بل كان يقاتل على الأرض كأي بطل عظيم في تاريخ الإسلام».
د. عبدالله الشايجي أشار إلى أن اغتيال السنوار لم يكن عملًا استخباراتيًا دقيقًا كما حاولت «إسرائيل» أن تصوره، بل كان نتيجة للصدفة، وأكد أن غيابه سيفضح كذب الاحتلال حول عملية وقف إطلاق النار، حيث إن السنوار وافق على المبادرات لكن المتطرفين في حكومة نتنياهو رفضوها.
رمز التضحية والبطولة
النائب السابق جمعان الحربش نعى السنوار بكلمات عميقة: «استشهد كما يليق بأبطال الأمة، فوق الأرض لا تحتها، ثابتًا في الحياة والموت»، وأضاف: «السنوار سيظل حيًا في وجدان الأمة، ملهماً لأبطالها».
النائب السابق د. حمد المطر أكد أن السنوار كان شرارة تحت الرماد، وأصبح قدوة في التضحية والجهاد، وأن موته أيقظ روح الجندية في الأمة؛ «دم السنوار أحيا في الأمة روح المقاومة والصمود»، يقول المطر.
موقف الأمة والعالم
في الوقت الذي تشهد فيه الأمة استشهاد القادة، يتساءل الأكاديمي أحمد الزايدي: «كيف لا نتفاعل مع المقاومة الفلسطينية وهي خط الدفاع الأول ضد المخططات الصهيونية؟!»، مشيرًا إلى أن استشهاد السنوار زاد من تفاعل العالم مع المقاومة.
تظل مسيرة الشهيد السنوار ملهمة لأجيال قادمة، ليس فقط في فلسطين، بل في كل أنحاء العالم، حيث ترسخت صورته كقائد شجاع لم يتراجع عن مبادئه أو يخضع لضغوط الاحتلال، بل ظل مقاتلاً حتى الرمق الأخير، مؤكدًا أن النصر الحقيقي لا يتحقق إلا بالصمود والمقاومة.
لن ينسى التاريخ شهيد فلسطين، يحيى السنوار، كأحد أعظم القادة الذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية أرضهم.