إن الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال «الإسرائيلي» في شمال قطاع غزة ليست إلا حلقة أخرى في سلسلة طويلة من المذابح التي استهدفت الشعب الفلسطيني منذ بداية الاحتلال.
ما يشهده العالم اليوم من وحشية «إسرائيلية» في استهداف المدنيين، خصوصًا النساء والأطفال، محاولة بائسة لإرهاب الشعب الفلسطيني وكسر إرادته، ومع ذلك، أثبتت التجربة الفلسطينية الطويلة أن مثل هذه الجرائم لن تنال من عزيمة المقاومة، ولن تثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة طريقه نحو الحرية والتحرير.
تأتي الهجمات الشرسة التي يشنها الاحتلال على مناطق شمال غزة في إطار مخططاته الاستعمارية لتفكيك البنية التحتية للمقاومة وضربها في قلب معاقلها، لكن ما يجهله الاحتلال هو أن المقاومة الفلسطينية ليست مجرد كتائب أو صواريخ، بل هي إرادة شعب يعيش تحت الظلم والحصار، ويتشبث بحقوقه الوطنية الثابتة، إضافةً إلى ذلك، هذه الجرائم، مهما كانت بشاعتها، لا تستطيع أن تقتل الروح الوطنية التي تتجسد في كل بيت فلسطيني، ولا يمكنها أن تقضي على الأمل الذي يغذيه كل جيل جديد.
لقد حاول الاحتلال مرارًا وتكرارًا تصفية القضية الفلسطينية عبر القتل والتدمير، ولكنه لم ينجح إلا في زيادة تمسك الفلسطينيين بحقوقهم.. ففي هذا السياق، كل مجزرة تُرتكب، سواء في غزة أو الضفة، تزيد من توحيد الصف الفلسطيني وتدفع الشباب نحو المقاومة، فالمجازر التي نشهدها اليوم في شمال غزة ليست سوى تأكيد جديد على أن الاحتلال لم يتعلم من أخطائه السابقة، وأنه لا يدرك أن القوة العسكرية وحدها لا يمكنها أن تحسم معركة إرادات.
ما يميز المقاومة الفلسطينية اليوم هو قدرتها على التأقلم مع مختلف الظروف، وتطوير نفسها لتكون أكثر استعدادًا لمواجهة الجرائم «الإسرائيلية»، فالحصار والقصف والتدمير لم تكسر عزيمة المقاومة، بل جعلتها أكثر صلابة.. الاحتلال الذي يظن أنه يستطيع بالقوة أن يفرض سيطرته على غزة يتناسى أن غزة، رغم حصارها، تحولت إلى رمز عالمي للصمود والمقاومة.
من جهة أخرى، التاريخ أثبت أن الاحتلال «الإسرائيلي» يعتمد على المجازر لترهيب الفلسطينيين، من مجزرة دير ياسين إلى صبرا وشاتيلا، واليوم مجازر غزة تأتي كجزء من تلك السياسة القمعية. لكن الفشل المتكرر لهذه السياسات هو ما يدفع الفلسطينيين دومًا للتمسك بخيار المقاومة المسلحة كوسيلة وحيدة لردع الاحتلال وتحقيق العدالة.. المقاومة ليست فقط حقًا مشروعًا للشعوب المحتلة، بل هي ضرورة حتمية في ظل القمع اليومي الذي يمارسه الاحتلال.
لقد تمادى الاحتلال في هجماته على المدنيين في شمال غزة، حيث يستهدف بيوتًا ومناطق سكنية مكتظة، مما أدى إلى وقوع آلاف الشهداء والجرحى.. إن هذا القتل الممنهج للأطفال والنساء والشيوخ هو جريمة بحق الإنسانية يجب أن يحاسب عليها قادة الاحتلال، ومع ذلك، بينما يحاول الاحتلال أن يغطي على جرائمه بالمزاعم الواهية حول حماية أمنه القومي، فإن العالم بات يدرك تمامًا أن ما يحدث في غزة هو جريمة حرب بشعة، تهدف إلى كسر إرادة المقاومة وتحقيق أهداف استعمارية بحتة.
في ضوء هذا الوضع، يظل الشعب الفلسطيني، والمقاومة الفلسطينية على وجه الخصوص، صامدين في وجه هذه الهجمة الشرسة، فالروح التي تميز المقاومة الفلسطينية هي روح لا تعرف اليأس، لقد بنى المقاومون بنيتهم التحتية بأيدٍ وطنية، وسلاحهم مستمد من الإرادة الحرة، وليس من الهيمنة الأجنبية، والأهم من ذلك، ما زالت المقاومة تحتفظ بمفاجآت جديدة للاحتلال، وهي جاهزة دائمًا للرد على كل مجزرة وكل انتهاك.
إن محاولة الاحتلال لتغيير الواقع في غزة عبر القتل والتدمير لن تؤدي إلا إلى تعزيز عزيمة المقاومين، فالاحتلال يعتمد على المجازر ليزرع الخوف في قلوب الفلسطينيين، لكنه لا يدرك أن الخوف لم يعد سلاحًا فعّالًا أمام إرادة المقاومة، إنّ ما يسعى إليه الاحتلال هو خنق غزة وكسر صمودها، ولكنه يواجه مقاومة شرسة تحوّل غزة إلى قلعة صمود في وجه أعتى قوة استعمارية في التاريخ الحديث.
تجدر الإشارة إلى أن المجازر التي يرتكبها الاحتلال ليست مجرد انتهاكات عابرة، بل هي جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى إضعاف البنية الاجتماعية والسياسية في غزة، ومع كل عملية قصف، تتزايد مقاومة الشعب الفلسطيني، وتزداد إصرارًا على المضي قدمًا نحو التحرير. في هذا الإطار، نستطيع أن نؤكد أن المجازر التي ترتكبها “إسرائيل” في شمال غزة لن تؤدي إلا إلى مزيد من الوحدة والتلاحم بين صفوف الفلسطينيين، مما يعزز من روح المقاومة ويجدد العزم على تحقيق الأهداف الوطنية.
في النهاية، ومع كل التحديات التي نواجهها، تبقى الدماء التي تسفك في شمال غزة دليلاً على وحشية الاحتلال وإجرامه، إننا نؤمن أن المقاومة الفلسطينية ستظل قائمة، وأن الأجيال القادمة ستواصل النضال حتى تتحقق الحقوق الوطنية، ومن هنا، فإن المجازر «الإسرائيلية» لن تثني الشعب الفلسطيني عن النضال من أجل حريته، بل ستزيده إصرارًا على المقاومة وتحقيق العدالة.
إن دماء الشهداء في شمال غزة لن تُنسى، وستبقى شاهدة على وحشية الاحتلال وإجرامه، وستظل غزة، رغم كل المجازر، قلعة الصمود، ومركز المقاومة الفلسطينية، ورمزًا للنضال من أجل الحرية.
في هذا السياق، نؤكد أن المستقبل للشعب الفلسطيني، وأن المقاومة هي الخيار الإستراتيجي الوحيد لتحقيق أهدافه.. لقد أثبت التاريخ أن الإرادة الشعبية لا تُقهر، وأن الشعب الفلسطيني سيظل يقاوم حتى تحقيق حلم العودة والتحرير.