ما تجرأ علينا الآخرون وسخروا من مقدساتنا إلا لعيوب فينا
بداية دعونا نؤكد أنه ما تجرأ علينا الآخرون وسخروا من مقدساتنا إلا لعيوب فينا، والتي تتمثل في:
* عيوب على مستوى الفرد: وتتمثل في التقصير مع الله، والاستسلام للواقع المر، وعدم السعي للتغيير، والتقصير في عمل اليوم والليلة.
* عيوب على مستوى الأسرة: وتتمثل في التقصير في تربية الأبناء على لزوم الطاعات والصلوات، وإدخال المنكرات إلى بيوتنا.
* عيوب في المؤسسات والمجتمع: وتتمثل في إهمال مصالح العباد وتعطيلها وانتشار الرشوة والفساد في كثير من مؤسساتنا.
وحل هذه العيوب الثلاثة يكمن في ثلاث وصايا:
1- إصلاح النفس:
ويعتمد على لزوم طاعة الله سبحانه وتعالى وطاعة نبيه محمد صلي الله وسلم, ومحاسبة الإنسان لنفسه، وتنقيتها من كل الآثام، قال الله تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا {7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا {8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا {9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا {10}) (الشمس)، ولقد عاب القرآن الكريم على أناس أخذوا يأمرون الناس بالبر ونسوا أنفسهم فقال تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {44}) (البقرة).
وما أجمل قول عمر رضي الله عنه حينما قال: “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا, وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم”.
2- إصلاح الأسر:
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {6}) (التحريم)، وفي الآية الكريمة أمر من الله تعالى بأن نعمل على حماية أنفسنا وأهلنا من النار، وذلك بالتزام طاعة الله تعالى، والأخذ بيد جميع أفراد الأسرة إلى الله سبحانه وتعالى والاقتداء بسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
3- نصرة دين الله تعالى ونصرة رسوله صلى الله عليه وسلم: قال تعالى: (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ {38}) (محمد)، من الثوابت في حياة المسلم الحق أن الإسلام سينتصر بنا أو بغيرنا، فخير لنا أن ينتصر بنا وإلا فسُنة التبديل لابد أن تلحق بنا، ونعوذ بالله من ذلك، ولقد أخبرنا سبحانه وتعالى أنه من تولى عن نصرة دينه ونصرة نبيه صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى سيستبدل به من هو خير منه وأشد منه وأقوم سبيلاً منه قال تعالى: (إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) (النساء:133)، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) (المائدة:54).
ومطلوب من كل مسلم أن ينصر دين الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بما آتاه الله تعالى؛ (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً {7}) (الطلاق)، وهنا يأتي دور أثرياء هذه الأمة فأقول لهم: أين أنتم من نصرة دينكم ونبيكم؟! إن المال كما يقال “عصب الحياة”، وأنتم قد منَّ الله عليكم بالمال، فماذا فعلتم لنصرة نبيكم؟ إن العالم عامة والعالم الغربي خاصة عنده جهل مطبق بحياة النبي صلى الله عليه وسلم وبمنهجه، ولذلك رأينا هذه السخرية منه – صلى الله عليه وسلم – بين الحين والآخر، فلابد من تعريف هؤلاء بسيرته – صلى الله عليه وسلم – فهلا تناديتم يا أثرياء الأمة فيما بينكم لإنشاء مركز عالمي تكون مهمته نشر الثقافة الإسلامية بشموليتها في ربوع المعمورة، وأذكركم بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ {7}) (محمد).
ولقد سمي الأنصار أنصاراً لأنهم نصروا رسول الله، فنصرة رسول الله فريضة على كل مسلم، ننصره بأن نكتب سيرته بكل المستويات: الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، للعوام والخواص وخواص الخواص، وننقلها إلى اللغات الأخرى كي تصل إلى كل الناس، ومن لغات العصر لغة الأفلام والمسلسلات، فعلى أثرياء الأمة دخول هذا المجال والإنفاق فيه للتعريف بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يجب أن ننصر رسول الله بأساليب العصر، حتى نصل إلى عقل وقلب كل إنسان، المسلم وغير المسلم، فهل يتحقق ذلك؟ أرجو ذلك.