المتظاهرون يغطون الجثث بالبطاطين وأكياس البلاستيك، وعلى الرأس وضعت ورقة مكتوب عليها أسماؤهم، وبجانبهم فوارغ الرصاص الذي قُتلوا به، ثم تصاعد الهتاف: ”لا توجد ديمقراطية.. لا توجد عدالة”.
هذا هو المشهد في بلدة بمنطقة أوروميا بإثيوبيا كما صورته صحيفة “الجارديان” البريطانية لتسليط الضوء على الاحتجاجات المتصاعدة في الدولة الواقعة بالقرن الإفريقي، بعد إطلاق اﻷمن النار على حشد من المتظاهرين الذين يحتجون على خطط حكومية لمصادرة أراضي زراعية في محيط العاصمة أديس أبابا يسكنها أفراد من قومية اﻷورومو المسلمة التي تعتبر أكبر اﻷقليات في البلاد.
الاحتجاجات تصاعدت بعد سقوط عدد من القتلى -بلغ حسب آخر اﻹحصاءات غير الرسمية حوالي 71- حيث علت الصراخات تنادي “أوقفوا القتل”، هذه الوفيات هي اﻷحدث برصاص الشرطة خلال الاحتجاجات التي تعم منطقة أوروميا بسبب إستراتيجية الحكومة لتنمية المنطقة والمناطق المحيطة بأديس أبابا وربطها بالعاصمة .
ومنطقة أوروميا تمتد عبر إثيوبيا وتعد موطنًا لثلث سكان البلاد البالغ عددهم 95 مليون شخص، وفي حين أكد شهود عيان، أن الشرطة قابلت احتجاجات أوروميا السلمية بوابل من الرصاص، قالت السلطات: إنّ العامة نهبوا قبل أربعة أيام مجمع إدارة المدينة وأحرقوا مركزاً للشرطة.
من جانبها، قالت الحكومة الأسبوع الماضي: إن الاحتجاجات أسفرت عن سقوط 5 قتلى على الأقل، لكن عدداً من قادة المعارضة قالوا: إن الاشتباكات أدت لمقتل أكثر من 70 شخصاً، بينهم الكثير من الطلاب.
وتنفي الحكومة اتهامات المحتجين بأن التوسع الحضري يصل إلى حد الاستيلاء على الأراضي، وزير الاتصالات جيتاتشيو رضا يقول: “إن المقصود من تلك الخطط ضمان أخذ مصالح اﻷورومو في الاعتبار”.
وكثيراً ما أشيد بإثيوبيا باعتبارها قصة نجاح للتنمية الحديثة، وتسعى الحكومة لدفع عملية التنمية ببرنامج بنية تحتية طموح، ومع ذلك، غالباً ما ينتقد سجلها في مجال حرية التعبير وغيره من حقوق اﻹنسان.
وتظهر خطط الحكومة للتوسع الحضري التناقض الحاد، فمع ازدهار أديس أبابا والمنطاق المحيطة بها ووجود مصانع، ومباني شاهقة، سوف يفقد المزيد من مزارعي اﻷورومو أراضيهم، بحسب نشطاء.
وتصر سيدة تبلغ من العمر 60 عاماً من اﻷورومو رفضت اﻹفصاح عن اسمها، أنها لن تترك أرضها ومزرعتها حيث عاشت دائماً، ويقول المسؤولون المحليون: إنهم دعوا لاجتماع مع أهالي المنطقة قبل 3 أسابيع وأخبروهم أنه سيتم بناء مجمع سكني في هذه المنطقة.
وأضافت:” لن نتخلى عن هذه الأرض التي مات أجدادنا من أجلها”.
والعام الماضي قالت منظمة العفو الدولية في تقرير: “إن السلطات استهدفت بلا رحمة أعضاء في عرقية اﻷورومو لأنهم ينظر إليهم على أنهم معارضون للحكومة، كما أن الحكومة الحالية متهمة بارتكاب انتهاكات.
وفي تعليقها على تلك الاحتجاجات، وصفت الحكومة المتظاهرين بأنهم “إرهابيون” وتتهمهم بالتخطيط لزعزعة استقرار البلاد، واعتبرت منظمة العفو الدولية لغة الحكومة تصعيداً لحملة القمع ضد المحتجين.
ونقلت الصحيفة عن “لين موثوني” المدير اﻹقليمي لمركز شرق إفريقيا قوله: “أعتقد أن احتجاجات اﻷورومو والقمع سيكون له تاثير سلبي على حرية التعبير في البلاد، إنهم (ساﻷورومو) يحتجون لاعتقادهم أن هذه الخطط خطر حقيقي على حياتهم”.
وأضاف أن: “بيان الحكومة بشأن الاحتجاجات يبارك استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، بدلاً من إدانة عمليات القتل غير القانونية”.
وفي مقهى للإنترنت يقول شاب: إن خطط الحكومة سيكون لها تاثير سلبي للغاية على اﻷورومو الذين يعيشون في المكان، فمعظمهم مزارعون، وعندما تغير نشاط المنطقة من زراعة للحضر تفقد المنطقة طابعها الخاص، كما أنه يقلل بشكل كبير فرص شباب اﻷورومو في العمل، وبعد تنفيذ الخطط سوف تتغير لغة المكان إلى اﻷمهرية.
في الوقت الراهن، هناك عدد قليل من الدلائل على أن الجانبين على استعداد للتراجع، فعبر أوروميا التقارير تتحدث على أن الاحتجاجات والاضطرابات لا تزال مستمرة رغم الدماء.