وصفت صحيفة “التليجراف” البريطانية محادثات السلام التي تجري بين الحين والآخر لإنهاء الصراع في سورية المشتعل منذ سنوات، بأنها تقود “لمزيد من الحرب”.
وقالت الصحيفة في تقرير نشر اليوم السبت: “الساسة الذين يسوّقون لناخبيهم أنهم يرون محادثات السلام على أنها شيء جيد، وبما أن معظم الناس يفضلون السلام على الحرب، فإن القادة الوطنيين سوف يروجون أي شيء يظهر أنهم يقومون بواجبهم”.
إلا أن الأمر بالنسبة لأولئك الموجوين على أرض مختلفة، فجولات المفاوضات لإنهاء الحرب في سورية، كان تسفر عن زيادة ملحوظة في المعارك على الأرض، حيث قتل المئات من المدنيين في غارات جوية روسية، 35 منها في يوم واحد الأسبوع الماضي، كما تعرضت عشرات المدارس والمستشفيات للتدمير.
وأخبر طبيب سوري الصحيفة كيف أجبرته الغارات على العمل تحت الأرض، قائلاً: إن تلك الخطوة لم تكن بسبب القصف المتواصل، ولكن بسبب الصواريخ الروسية التي تبدو أكثر دقة من صواريخ النظام في ضرب المنشآت الطبية بشكل متواصل”.
ويكثف نظام الأسد حالياً هجماته على حلب وضواحي شمال شرق دمشق، وقتل الأحد الماضي 49 شخصاً على الأقل في ضاحية دوما، بما في ذلك مدير مدرسة وعدد من تلاميذه.
القصف لا يقوم به النظام وحلفاؤه فقط – بحسب الصحيفة – ولكن بريطانيا سوف تصبح أحدث البلدان التي تقوم بغارات جوية في سورية، بدعوى مواجهة تنامي تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا بـ”داعش”.
ومؤخراً، أعلنت المملكة العربية السعودية تحالفاً جديدا للدول السنية لنصرة إخوانهم، وقال وزير الخارجية السعودية عادل الجبير: إنه لا يستبعد وجود قوات على الأرض”.
عبر حدود جنوب شرق تركيا، توفي العشرات خلال الأيام الأربعة الماضية وحدها، في “الحرب غير المباشرة” بين الحكومة، وخصومها من العصابات الكردية، وحزب العمال الكردستاني.
الولايات المتحدة، سعت بهدوء لتفعيل تحالف لضرب البنية التحتية للدولة الإسلامية في العراق والشام، وقد رأى سائقو الشاحنات التي تنقل النفط عبر شبكات التهريب قوة الصواريخ الأميركية والروسية.
وإذا كانت كل هذه الفوضى تمهيداً للسلام، فإنه قد يكون ثمناً يستحق أن يُدفع، لكن للأسف، لا تبدو فرص السلام تختلف عن الماضي، فقرار الأمم المتحدة الذي صدر مساء الجمعة الماضية تجاهل تماماً مصير الرئيس بشار الأسد، وفي نهاية اليوم لا يوجد إلا الحرب.
منذ بداية الصراع، كانت هناك مفاوضات وإعلانات وقف إطلاق النار، بداية من مؤتمر “أصدقاء سوريا” الذي عقد في تونس يناير عام 2012، ثم مؤتمر “جنيف 1” في يونيو من نفس العام، ووقف لإطلاق النار، ثم “جنيف 2” في يناير 2014.
كل هذه المؤتمرات بشرت بقرب نهاية الصراع، إلا أنها في كل حالة كانت تؤدي إلى مزيد من الحرب.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالاستشهاد بقول مأثور عن الرومان مفاده: “إذا أردت السلام.. عليك الاستعداد للحرب”، وفي الوقت الحاضر: “إذا كنت تريد الحرب.. فعليك الاستعداد لمحادثات السلام”.