“نحن الموقعون أدناه، من فلسطين، ومن كل أنحاء العالم، نطالب بإطلاق سراح عهد التميمي، وكافة الأطفال الأسرى من سجون الاحتلال”.
بهذه الجملة، افتتح ناشطون حملة دولية على شبكة الإنترنت، تطالب بالإفراج عن الطفلة الفلسطينية عهد التميمي، التي اعتقلها الجيش “الإسرائيلي” فجر الثلاثاء الماضي.
ودشن الناشطون عريضة، عبر الموقع الرسمي لمنظمة “آفاز” العالمية، وحملت اسم “الحرية لعهد التميمي”.
و”آفاز”، هي منظمة عالمية أطلقت عام 2007، وتناضل من أجل قضايا “البيئة وحقوق الإنسان وحرية التعبير والفساد والفقر والصراع”.
وأقدم جنود الجيش “الإسرائيلي” على اعتقال الفتاة الفلسطينية عهد التميمي البالغة من العمر 17عاماً، فجر الثلاثاء، بعد مداهمة منزلها في قرية النبي صالح في رام الله، وذلك لطردها جنوداً من أمام منزلها.
وفي ذات اليوم اعتقل الجيش والدتها ناريمان، وابنة عمها نوراً (21 عاماً) في اليوم التالي.
وتحوّلت الطفلة التميمي، عقب ساعات من إعلان اعتقالها، إلى “أيقونة” للمقاومة الشعبية السلمية في فلسطين.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، لاقى اعتقال التميمي صدى واسعاً.
وحصد وسم “#عهد_التميمي”، عشرات الآلاف من التغريدات المستنكرة لاعتقالها.
كما نشر نشطاء صوراً وفيديوهات بعضها قديم للتميمي، توثق مقاومتها “الشعبية” للاحتلال “الإسرائيلي” منذ طفولتها.
وأشاد النشطاء بشجاعتها الكبيرة في مقارعة الجنود “الإسرائيليين” المدججين بالسلاح.
كما وصل لوالد التميمي عشرات الرسائل من متضامنين أجانب فلسطينيين.
وعلى صفحته، على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” كتب له العشرات متضامنين ومستنكرين اعتقال طفلته.
وأمس الأربعاء، وقفت التميمي أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية في سجن “عوفر”، غربي رام الله، مبتسمة، رغم القيود التي تكبل يديها.
وأبلغ القاضي “الإسرائيلي” الطفلة التميمي بقرار تمديد اعتقالها حتى يوم الإثنين القادم، على أن يتم تقديم لائحة اتهام ضدها.
وقال باسم التميمي (والد الطفلة) لوكالة “الأناضول”: إن طفلته أحضرت للمحكمة اليوم مُقيدة ومحاطة بعدد كبير من الجنود، حتى إنه لم يستطع مشاهدتها بشكل واضح.
وأضاف: لم يُسمح لي بالحديث مع عهد، ولكن يبدو أنها بصحة جيدة، وتتمتع بروح معنوية عالية، وقد تم نقلها بعد المحكمة لسجن هشارون.
وبيّن أن زوجته المعتقلة أيضاً ناريمان التميمي سيتم عرضها على ذات المحكمة اليوم الخميس.
وأوضح أنه تسلّم استدعاء لمقابلة المخابرات “الإسرائيلية” للتحقيق في مركز “بنيامين” شرقي رام الله.
وكانت وسائل إعلام “إسرائيلية” قد تناقلت لقطات مصورة للتميمي وهي تطرد جنوداً من الجيش “الإسرائيلي” من أمام منزلها الجمعة الماضي.
ومنذ صغرها تشارك التميمي في المسيرات الأسبوعية المناهضة للاستيطان وجدار الفصل.
واستشهد خال عهد، رشدي التميمي، برصاص الجيش “الإسرائيلي” خلال مواجهات في البلدة بتاريخ في العام 2012.
كما توفيت عمتها باسمة التميمي عام 1993، إثر تعرضها للضرب من قبل شرطية “إسرائيلية” خلال حضورها محكمة نجلها في ذلك الوقت، بحسب مصادر في عائلتها.
وتشهد قرية التميمي (النبي صالح) وقرى مجاورة، مسيرة أسبوعية، منذ العام 2009، ضد الاحتلال، واستمرار “إسرائيل” في الاستيلاء على أراضي البلدة.
وعادة ما يستخدم الجيش “الإسرائيلي” قنابل الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، والمياه العادمة، والرصاص الحي، لتفريق المسيرة.
ويقع على أراضي البلدة مستوطنة “حلميش” ومعسكر للجيش “الإسرائيلي”، وحاجزاً عسكرياً على مدخل البلدة.
وسبق للتميمي أن تسلمت جائزة “حنظلة للشجاعة” عام 2012، من قبل بلدية “باشاك شهير”، في تركيا، لشجاعتها في تحدي الجيش “الإسرائيلي”، والتقت في حينه برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان (رئيس الجمهورية الحالي) وعقيلته.
وكان وزير الدفاع “الإسرائيلي”، أفيجدور ليبرمان، قد عقّب الثلاثاء، على اعتقال الجيش للطفلة التميمي، بالقول: كل من في محيطها، ليس فقط الفتاة، ولكن أيضاً ذويها لن يفلتوا مما يستحقونه”.
ورد باسم التميمي والد الطفلة على ليبرمان، في حديث خاص لوكالة “الأناضول” قائلاً: لن يردعنا ليبرمان ولا جيشه.
وأضاف: ما يقوم به أطفال بلدتي وطفلتي عهد هو المشهد الطبيعي، والمشهد غير الطبيعي أن تعاني من الاحتلال ولا تقاوم.
وعبر عن فخره بعهد، وقال: هذا هو حال الشعب الفلسطيني.
وكانت عهد قد قالت لمراسل “الأناضول” في وقت سابق: لم نخف يوماً من الجيش “الإسرائيلي”، لن تخيفنا قوتهم ولا سلاحهم، نُتقن التعامل معهم.
وأضافت: اعتقلوا والدي ووالدتي، تعرضوا لنا بالضرب، قتلوا خالي، وعمتي، ليس لشيء سوى أننا ندافع عن أرضنا.
وعادة ما تتقدم التميمي المسيرة الأسبوعية التي تُنظم في بلدتها، وتواجه الجنود، وتصرخ في وجوههم، وتحاول منعهم من إطلاق الرصاص وقنابل الصوت.
وتعود شهرة التميمي، لعام 2015، حينما التقطت وسائل الإعلام،، صوراً لها ولوالدتها، خلال محاولتها تخليص شقيقها محمد من قبضة جندي “إسرائيلي” جلس فوقه معتزماً اعتقاله.
وعهد طالبة في الثانوية العامة، بمدرسة البيرة الثانوية في مدينة رام الله.
وشاركت التميمي في العديد من المؤتمرات والمهرجانات داخل وخارج فلسطين، أبرزها في العاصمة الفرنسية باريس، وفي جنوب أفريقيا وتركيا وغيرها.
بدوره، يقول عمها ناجي التميمي: إن عهداً عاشت انطلاق المسيرة الأسبوعية في بلدتها (النبي صالح) بينما كانت ابنة 8 سنوات.
وأضاف في حوار خاص مع وكالة “الأناضول”: عاشت (عهد) المواجهات والإصابة بالرصاص المطاطي والاختناق بقنابل الغاز المسيل للدموع، واعتقال والديها واستشهاد خالها وعمتها، بدلاً من أن تعيش طفولتها.
وأضاف: بُنيت شخصية عهد بشكل استثنائي، ومثلها بقية أطفال البلدة، كسرت حاجز الخوف من الجندي “الإسرائيلي”، وباتت أيقونة المقاومة الشعبية.
وتابع: عهد اليوم تبتسم رغم القيد، هي كسرت جبروت الاحتلال الذي حاول كسرها وكسر طفولة البلدة.
ويصف الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية (حزب سياسي)، النائب مصطفى البرغوثي، اعتقال عهد بالجريمة، والمحاولة “الإسرائيلية” لكسر روح المقاومة الشعبية لدى أطفال فلسطين.
وقال البرغوثي (ناشط بارز في المقاومة الشعبية الفلسطينية): ما تقوم به الطفلة عهد، وأطفال النبي صالح إبداع للمقاومة الشعبية التي تفضح الجيش “الإسرائيلي” وقادته.
وأَضاف: اعتقال عهد فضح وزير الدفاع “الإسرائيلي” الذي جعل من طفلة عدواً شخصياً له ولجيشه.
وشدد البرغوثي على ضرورة تصعيد المقاومة الشعبية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال “الإسرائيلي”.
وقال: باتت المقاومة الشعبية مُقلقة لدولة الاحتلال، لاتخاذها أشكالاً إبداعية من إقامة القرى المقاومة للاستيطان لإغلاق الطرق أمام المستوطنين، لمقاومة الاعتقالات، ونموذج الطفلة عهد إحدى إبداعات المقاومة الشعبية.
وأضاف: هؤلاء الأطفال هم أيقونة النضال الشعبي الفلسطيني.
أما عبد الله أبو رحمة، الناطق باسم هيئة مقاومة الاستيطان والجدار التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن قصة الطفولة الفلسطينية تتجلى في شخصية الطفلة عهد.
وأضاف: عهد أيقونة الطفولة المقاومة، رضعت حليب المقاومة من والدتها، ونشأت على مقارعة الاحتلال.
وتابع: سطرت الطفلة مع أبناء بلدتها قصة صمود وتحد للاحتلال.
وتعد عائلة التميمي واحدة من أبرز العائلات الفلسطينية، بالضفة الغربية.