بهدف تأهيل نحو ألف من أئمة وخطباء المساجد في جمهورية مقدونيا للتعامل مع القضايا الأسرية؛ نُظمت على مدار عشرة أيام سلسلة ندوات في ست محافظات رئيسة حول أحكام الزواج والطلاق في الشريعة الإسلامية وكيفية مواجهة التحديات المعاصرة التي تهدد كيان الأسرة المسلمة بمقدونيا.
البرنامج الذي يأتي تحت عنوان “عقد الزواج والطلاق حسب أحكام الفقه الإسلامي، والتحديات المعاصرة”، يشرف عليه الاتحاد الإسلامي في جمهورية مقدونيا (المشيخة الإسلامية)، وينظم من قبل إدارة التربية والتعليم بالاتحاد، مدته الزمنية في مرحلته الأولى عشرة أيام بدأت في 12 مارس الجاري بمحافظة إستروجس، واختتم أمس الثلاثاء 20 مارس في العاصمة المقدونية إسكوبيا.
وفي تصريحات لـ”المجتمع”، قال الشيخ يوسف زيميري، رئيس إدارة التربية والتعليم بالاتحاد الإسلامي في جمهورية مقدونيا: إنه نظراً للظروف المحيطة بالمجتمع الإسلامي في مقدونيا، والتحديات اليومية التي تواجهها الأسرة الإسلامية، قررنا تنظيم سلسلة ندوات حول موضوع الزواج والطلاق وفقاً للشريعة الإسلامية والتحديات المعاصرة في معظم مدن جمهورية مقدونيا.
وتابع: شارك في إلقاء المحاضرات بهذه الندوات أساتذة من كلية الدراسات الإسلامية في إسكوبيا العاصمة، مثل د. تاج الدين بسليمي، مدرس أصول الفقه، ود. شعبان سليماني، مدرس الأحوال الشخصية، بالإضافة لأساتذة من المدرسة الثانوية (عيسى بك) في إسكوبيا، حيث أكد المحاضرون أن تعاليم أحكام الشريعة الإسلامية تعد ضماناً لتأسيس أسرة إسلامية سليمة، وبناء مجتمع إسلامي صحيح.
4 عوامل
وحول العوامل التي دفعتهم لتنظيم هذا البرنامج في هذا التوقيت، أرجع الشيخ زيميري، ذلك لأربعة عوامل.
وأضح بأن العامل الأول، تمثل في “ارتفاع نسبة الطلاق بين الشباب المتزوج حديثاً نظراً لغياب مفهوم تأسيس وبناء الأسرة وفق التعاليم والتوجيهات الإسلامية”.
بينما العامل الثاني أشار إليه الشيخ زيميري، حيث “دأب بعض الشباب بعد تقدمه للزواج وقبول أسرة الفتاة إلى تأجيل توثيق عقد الزواج لعدة سنوات؛ وهو ما اعتبره الشيخ زيميري هروباً من مسؤولية الشاب العائلية”.
والعامل الثالث “يتمثل في نظم توثيق الزواج وتعارض التوثيق المدني في مؤسسات الدولة مع أحكام الشريعة الإسلامية وهو ما دفع بالاتحاد الإسلامي لتخصيص عقود زواج خاصة به وفقاً لأحكام الشريعة إلا أن الدولة لا تعترف بها وهو الأمر الذي دفع بعدد من الأئمة وخطباء المساجد لتقديم اقتراح للاتحاد الإسلامي بإعداد قانون أحوال شخصية وفق أحكام الشريعة الإسلامية يعرض على البرلمان المقدوني في المستقبل القريب بالرغم من تقديرهم المسبق لعدم الموافقة عليه”.
وتابع: “نحن نريد نظام أحوال شخصية كبعض الدول الأمريكية؛ فهناك أي شاب يريد توثيق عقد الزواج لدى المحكمة لا يستطيع ما لم يتم عقد الزواج أمام الجهات الدينية أولاً”.
وهناك عامل رابع (خارجي)، يتم التسويق له محلياً في وسائل الإعلام، وتمثل في “رياح التغريب الآتية من أوروبا وتتبناها بعض وسائل الإعلام وتهدد كيان الأسرة ومن بينها هذه التحديات على سبيل المثال ظاهرة الشذوذ الجنسي والادعاء بأنها حرية شخصية ويجب قبولها وهو ما ترفضه إدارة الاتحاد الإسلامي في مقدونيا وتأبي الموافقة عليه”.
ورداً على سؤال لـ”المجتمع” حول الخطوات التالية بعد انتهاء سلسلة الندوات بالأمس، قال الشيخ زيميري: إنه سيتم إنشاء لجنة خاصة في كل دار إفتاء إقليمية في محافظات مقدونية للتعامل مع القضايا الأسرية، وتوثيق عقود الزواج طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية على الرغم من عدم اعتراف الدولة بها؛ ولكن مع توثيق العقد بشكل رسمي بعد ذلك لدى السلطات الحكومية.
وحول الدور الذي سيقوم به الأئمة وخطباء المساجد بعد مشاركتهم في هذا البرنامج، قال الشيخ زيميري: إن الأئمة سيلقون الدروس في المساجد، وهناك سوف يشرحون أحكام الزواج بدءًا من الخطوبة إلى الطلاق وأحكام العدة وحضانة الأطفال، وكافة الموضوعات المتعلقة بالأسرة والزواج والتحديات المحيطة المعاصرة.
وتابع: وسنكون على تواصل دائم مع المفتين في المحافظات والأئمة وخطباء المساجد لحل أي مشكلة أو لتنظيم ندوات أخرى حال طلبهم هذا.
4 توصيات
وحول التوصيات التي صدرت عن اللقاءات التي تمت مع أئمة وخطباء المساجد في مقدونيا على مدار 10 أيام، أوضح الشيخ زيميري أن من أهمها 4 توصيات، وهي:
1- استثمار الأئمة وخطباء المساجد والعاملين في حقل الدعوة كل فرصة ليبينوا أهمية ودور الأسرة في المجتمع، وتكوينها على ركائز وأسس سليمة، وتحظيرهم وتخويفهم من الانزلاق في الرذيلة وعدم الانضباط.
2– قيام الأئمة والخطباء وغيرهم بتعليم المسلمين أحكام عقد الزواج والطلاق، وتوعيتهم من خطر الذوبان في الثقافات الواردة من الخارج والعادات الضارة.
3- يطلب المشاركون من الأئمة وخطباء المساجد في هذه الندوات من إدارة الاتحاد الإسلامي في مقدونيا تقديم طلب رسمي للجهات الرسمية، الحكومة ومجلس الشعب، بإصدار قانون الأحوال الشخصية للمسلمين وفق الشريعة الإسلامية، بدلاً من القانون المدني.
4– التأكيد على الإفتاء بأصح الأقوال والمعتمدة في المذهب الحنفي، منعاً لأي فتنة، مع السماح بأن بالفتوة في بعض الحالات بأقوال مذاهب الأخرى، لما تقتضي الضرورة والمصلحة، مثل الطلاق بالثلث بلفظ واحد والوصية الواجبة ومثل ذلك مما يحفظ كيان الأسرة من الهدم والتفكك.