في الوقت الذي ينشغل فيه العالم كله بقضايا الساعة وأحداثها، وتبلغ فيه القلوب الحناجر لهول المصائب، يستمر الليبراليون ورموز العلمانيين بأشغال الناس بتوافه الأمور، ممارسين أسلوب التدليس أحياناً والافتراء أحياناً أخرى!
كتب أحد مثقفيهم في أكبر صحيفه كويتية وأكثرها انتشاراً ما يلي:
“لا شك أن هناك عزوفاً متزايداً لدى الشباب من الجنسين عن القضايا الدينية بسبب كم الفتاوى غير المنطقية.. ومنها رضاعة الكبير وأكل جزء من لحم المرأة حية حال الجوع القاتل بدلاً من تركها للمغتصبين…”، بالله عليكم، متى طرحت هذه القضايا على الساحة الإعلامية؟ ومن سمع بها غير صاحبنا وأتباعه؟ وهل ورود توافه الأمور في سؤال عابر على مدعي المشيخة يكفي لتعميمه واعتباره ظاهره تستحق الكتابة حولها والحديث عنها، أم إنه كره الدين، والظاهرة الدينية التي جعلته ينقب في كتب الخرافات وقنوات الإثارة لعله يمسك شيئاً ينتقد فيه الإسلام ولو بالباطل؟!
ويستمر صاحبنا في التدليس دون رادع أخلاقي ليدعي أن ظاهرة المؤامرة التي يقودها الغرب ضدنا انتشرت بين الشباب لدرجة “طفشتهم” من الالتزام الديني لعدم واقعيتها، ويضرب مثلاً على ذلك مقولة أن مواليد الإناث مؤخراً أكبر من مواليد الذكور في بلداننا العربية والإسلامية! وهذه مؤامرة على مستقبل دولنا! بالله عليكم، من قال بهذه المقولة الساقطة؟ وما مدى انتشارها لدرجة جعلت الشباب “يكتشفون حالة الزيف والخداع في شعارات المتدينين وبالذات قادتهم”.
هذا الأسلوب يكون أوضح عندما يكون الليبرالي ملحداً أو لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولذلك تجده أحياناً يقول كلاماً يفضح تدليسه وافتراءاته على الدين، ومنها عندما يتحدث عن العمل الخيري ويقول: “ومع هذا نجد أن الغرب وليس غيره هو الأكثر اهتماماً بنهضة أفريقيا وتقديم المساعدات لها”، ثم يختم مقالته بهذا التساؤل: “ماذا فعلت الدول العربية النفطية من أجل أفريقيا؟”، ولو اطلع على تقارير لجنة مسلمي أفريقيا وجهود المرحوم بإذن الله عبدالرحمن السميط فيها واستمرار هذه الجهود في عهد ابنه عبدالله أقول: لو كان منصفاً غير مدلس لذكر ذلك، لكنه التعامي والصدود عن الحقيقة التي تستدعيها الأمانة الصحفية، كما أن لجنة الرحمة العالمية التي كافأتها الحكومة بتحويلها إلى جمعية نفع عام مؤخراً لها نشاط دعوي وتنموي لا يقل عن لجنة مسلمي أفريقيا، حيث بناء المدارس والمساجد والمنازل وحفر الآبار وتوفير المستشفيات وغيرها، وبصراحة أكاد أجزم أن صاحبنا يعلم يقيناً بكل ذلك، لكن ضياع أمانة النقل وتعمد تشويه الخصم والفجور في خصومته يجعله يدلس ويفتري دون رادع!
قال تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ) (النمل: 14)، صدق الله العظيم.
يُنشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.