يبدو أن إغلاق حقول النفط الليبية لن يؤثر فقط على السوق العالمي بل سيمتد أثرها إلى الشعب الليبي نفسه حيث سيؤثر بلاشك على الرواتب كما سيؤثر على أسواق الصرف والسلع الرئيسية في ليبيا، لتشهد زيادات كبيرة.
المؤسسة الوطنية للنفط
وقد أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا حالة القوة القاهرة على تحميلات الخام من حقلي الشرارة والفيل النفطيين.
وقالت أنه تم إعلان حالة القوة القاهرة على موانئ الحريقة والبريقة والزويتينة والسدرة وراس لانوف بعد أن قام كلّ من رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية اللواء ناجي المغربي والعقيد علي الجيلاني من غرفة عمليات سرت الكبرى، يوم 17 يناير 2020، بإصدار تعليمات إلى الشركات التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط بإيقاف التصدير.
وأكدت على أن القدرة التخزينية لهذه الموانئ محدودة، وسوف تضطر المؤسسة الوطنية للنفط إلى وقف إنتاج النفط الخام بالكامل عند بلوغ القدرة التخزينية القصوى، وعقب إعلان حالة القوة القاهرة على عمليات الشحن من موانئ الزويتينة والحريقة والبريقة والسدرة وراس لانوف بعد أوامر وقف التصدير، فإنّ المؤسسة الوطنية للنفط غير قادرة على تحميل شحنة من غاز الطهي من المقرّر تخصيصها لمدينة بنغازي.
وأشارت المؤسسة إلى أن مستودع بنغازي يحتوي على كميات من غاز الطهي كافية لمدّة 12 يوما، وتقوم المؤسسة الوطنية للنفط باتخاذ كافّة التدابير اللازمة لضمان استمرار التزويدات ولا يزال ميناء بنغازي مفتوحا؛ ويجري تفريغ الناقلة ( نورديك بي آي إي ) والتي تحوي منتج الديزل، كما وصلت اليوم الناقلة أتلانتيك سيريوس والقادمة من مصفاة الزاويةو سيتسبب توقف انتاج الغاز المصاحب لإنتاج النفط، والذي يستخدم لتزويد محطات الكهرباء في الزويتينة وشمال بنغازي، في عجز سينتج عنه طرح الأحمال الكهربائية.
وبينت أنه نتج عن إغلاق صمامات محطة ضخ الحمادة أول أمس 19 يناير والمسؤول عنه حرس المنشآت النفطية اعلان حالة القوة القاهرة ووقف الإنتاج من حقلي الشرارة والفيل، وتسبب ذلك في وقف تزويد محطة أوباري الكهربائية مما سيتسبب في توقفها عند نفاذ مخزونها، وتم إغلاق الإنتاج من حقل الحمادة أول أمس 19 يناير 2020، وقد تم خفض معدلات انتاج النفط الخام قدر الإمكان تجنّبا لوقف الإنتاج بالكامل. وتجدر الإشارة إلى أنّ عمليات الإقفال التي طالت الحقول ستتسبب في خسائر في إنتاج النفط الخام قدرها 1.2 مليون برميل في اليوم، وخسائر ماليّة تقدّر بحوالي 77 مليون دولار في اليوم.
الشرعية والسلطة
فيما أعربت الأمم المتحدة، عن قلقها إزاء إغلاق قوات اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، منشآت إنتاج النفط الرئيسية شرقي ليبيا.
وتنازع تلك القوات حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليًا، على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.
ومعلقًا على إغلاق قوات حفتر لمنشآت إنتاج النفط، قال المتحدث باسم الأمين للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، إن “هذه التطورات هي مصدر قلق بالنسبة لنا”.
وشدد دوغريك، خلال مؤتمر صحفي، على أن “موارد ليبيا يجب أن يستفيد منها كل أبناء الشعب الليبي”.
وأضاف أن الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، يعتزم أن يقدم، الثلاثاء أو الأربعاء، إفادة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن نتائج مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا، الأحد.
ليبيا ستواجه وضعا كارثيا
فيما قال فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا إن ليبيا ستواجه وضعا كارثيا إذا لم تضغط القوى الأجنبية على اللواء المتقاعد خليفة حفتر لوقف حصار حقول النفط الذي أدى إلى وقف إنتاج الخام تقريبا.
وأضاف أنه يرفض مطالب حفتر بربط إعادة فتح الموانئ بإعادة توزيع إيرادات النفط على الليبيين، مشيرا إلى أن الدخل في النهاية يعود بالفائدة على البلد بأكمله.
وأعلن السراج أنه سيحترم دعوة قمة برلين إلى وقف إطلاق النار وإجراء محادثات سياسية، لكنه لن يجلس مرة أخرى مع حفتر.
حفتر يتجاهل
هذا وقد نشرت صحيفة الغارديان تقريرا لمراسل الشؤون الدبلوماسية باتريك وينتور حول تراجع صادرات النفط الليبية وتأثير الحرب بين القوات الموالية للواء السابق خليفة حفتر وقوات الحكومة الليبية المعترف بها دوليا برئاسة فايز السراج.
ويقول وينتور إن “حفتر يتجاهل بشكل شبه كلي الدعوات الدولية لوقف الحرب الأهلية في ليبيا، وهو ما أدى إلى تراجع صادرات النفط الليبية إلى الصفر تقريبا”.
ويضيف أن حفتر رفض التعاون في مؤتمر دولي حول ليبيا، الذي كان يهدف إلى التأسيس لحكومة وفاق وطني وتقسيم عائدات النفط بين الشرق والغرب الليبي بشكل عادل، ويصر حتى الآن على تصعيد الضغط المالي على حكومة السراج في طرابلس بوقف إنتاج حقول النفط التي يسيطر على أغلبها، حيث أوقف ضخ النفط في الأنابيب التي تحمله إلى معامل التكرير في الموانئ الليبية.
ويشير وينتور، نقلا عن تقارير دبلوماسية روسية غير رسمية، إلى أن حفتر رفض التوقيع على أي شيء أثناء مؤتمر برلين كما أغلق هاتفه وتجاهل بعض الاجتماعات في المؤتمر قبل أن يرحل
ويوضح المراسل أن أول علامة على مدى جدية حفتر بالالتزام بمعاهدة سيكون بالتزام قواته بوقف إطلاق النار وإرسال ممثلين إلى اجتماعات لجنة وقف إطلاق النار التابعة للأمم المتحدة في جنيف والتي تهدف إلى تأسيس بنية أولية لحكومة وفاق وطني.
حفتر يخنق إنتاج النفط
ونشرت الديلي تليغراف تقريرا لمراسلها راف سانشيز حول التطورات في ليبيا بعنوان “حفتر يخنق إنتاج النفط في ليبيا”.
ويقول سانشيز إن حفتر يصر على حصار وخنق الحكومة الليبية المعترف بها دوليا بقيادة فايز السراج في طرابلس رغم اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون وقادة آخرين في برلين الأحد الماضي لتجديد مطالبته بوقف إطلاق النار. لكن كل ذلك تضاءل أمام أزمة وقف إنتاج النفط.
ويشير سانشيز إلى أنه رغم الوقت الطويل الذي تقاتل فيه الجانبان، إلا أنهما حرصا دوما على إبقاء إنتاج النفط وتصديره بمعزل عن الحرب الأهلية، وهو ما خالفه حفتر مؤخرا حيث قامت قواته بمنع تدفق النفط في أنابيب النقل من الحقول الواقعة تحت سيطرته إلى الموانئ ومعامل التكرير التي يسيطر عليها السراج.
ويوضح سانشيز أن التقديرات الأولية تشير إلى أن الصادرات الليبية من النفط ستقل يوميا بمقدار 1.2 مليون برميل لتصل إلى 72 ألف برميل فقط، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار التعاقدات النفطية في السوق العالمية، بما يعكس عدم ثقة المستثمرين في إمكانية حل الأزمة قريبا.