“الإجراءات الصارمة في الصين فوضى عارمة قادمة إلينا”، هكذا استهلّت مقالها في “نيويورك تايمز” (New York Times) كاتبة خبيرة في عالم التكنولوجيا وشركاتها منذ الأيام الأولى لنشأة الإنترنت.
نيويورك تايمز: الإجراءات الصارمة في الصين فوضى عارمة قادمة إلينا
وترى كارا سويشر أن صاحب شركة التكنولوجيا العملاقة فيسبوك، مارك زوكربيرغ، كان محقًّا في موضوع واحد على الأقل خلال المقابلة التي أجرتها معه قبل 3 سنوات -في أثناء محاولته تفادي الأسئلة عن قضايا المعلومات المضللة المتزايدة على فيسبوك- عندما حوّل المحادثة إلى المخاطر المتزايدة الآتية من الصين عبر المشهد الرقمي.
وجادل بأن شركات التكنولوجيا مثل شركته بحاجة إلى أن تكون كبيرة، حتى لو كان ذلك فقط لدرء التحديات المتوقعة من العملاق الآسيوي وشركاته القوية التي تسيطر عليها الحكومة أكثر من أي وقت مضى.
وعلقت الكاتبة بأنها على الرغم من عدم تصديقها حجة زوكربيرغ، فإنها ترى أنه كان محقًّا، مشيرة إلى أن الحكومة الصينية تحركت في الأسابيع القليلة الماضية ضد “ديدي”، الشركة المحلية الرائدة لمشاركة الركوب في البلاد التي كان لها ظهور مذهل في وول ستريت في أواخر يونيو/حزيران، مما دفع قادة الحكومة في بكين إلى توجيه طعنة لها لعرقلة حركتها السريعة على الفور عن طريق إيقاف تسجيلات المستخدمين الجدد وإخراج “ديدي” من متاجر التطبيقات.
وكما هو الحال مع كل الأشياء في “هذا البلد الاستبدادي”، فإن السبب في هذا الإجراء محاط بالغموض بكلام مزدوج عن الخصوصية والأمن السيبراني ومعلومات الموقع الحساسة، بخاصة الثرية القادمة من مكان حوّل نفسه بشكل أساسي إلى اقتصاد مراقبة.
وأردفت سويشر بأنه يمكن بالتأكيد توجيه الاتهامات نفسها في جميع أنحاء العالم المتعلقة بإساءة استخدام البيانات الشخصية من قبل عمالقة التكنولوجيا، بخاصة في الولايات المتحدة، ولكنّ القوتين التوأمين المتمثلتين في السيطرة الكاملة والسماح للابتكار بالتجول تصطدمان بوسائل أكثر إثارة للقلق والحقد في الصين.
ورأت الكاتبة أن تحركات حكومة الرئيس الصيني شي جين بينغ ضد “ديدي” تمثل عملا حكوميا مرعبا، وتبع ذلك مزيد من التحركات ضد العديد من الشركات الصينية الأخرى التي أدرجت جميعها حديثا أسهمها في البورصات الأميركية.
وأضافت أن من الواضح أن حكومة شي تتخذ إجراءات صارمة بحق الشركات الصينية التي تدرج أسهمها في مواقع أميركية، وذلك يزيل إحدى آليات السيطرة.
ورأت أن ما تفعله الصين نوع من العدوان على الولايات المتحدة وأنه يعني استمرار تفرع الإنترنت، وهذا ليس جيدا لمسيرة الابتكار إلى الأمام في أي مكان، حيث تنشئ البلدان نسخة رقمية تناسبها، وضربة لفكرة الإنترنت العالمي المجاني والمفتوح، وذلك سيؤدي إلى مزيد من التنازلات الإشكالية من قبل شركات التكنولوجيا الكبيرة في الولايات المتحدة مثل آبل.
وهذا يعني أيضا سباقا بين الصين والولايات المتحدة في ميدان نشر البنية التحتية الرقمية، وهو تنافس قائم بالفعل على تقنية الهاتف المحمول من الجيل الخامس.
وتعتقد الكاتبة أنه لا يوجد كثير من الخيارات الواسعة للولايات المتحدة، باستثناء تقييد التعامل مع الشركات الصينية وإبقاء البيانات الأميركية خارج الخوادم الصينية وغيرها من الإجراءات الانتقامية.
واختتمت مقالها بأن ما يحدث فوضى عارمة لا تختلف عن تلك التي سيظل زوكربيرغ يواجهها محليا مع زيادة التدقيق التنظيمي. ومن المؤكد أنه لا يزال لديه كثير من الخلافات المهمة التي يجب الرد عليها، والتي أكدها الرئيس بايدن الأسبوع الماضي عندما اتهم وسائل التواصل الاجتماعي بـ”قتل الناس” من خلال تقديم معلومات مضللة عن اللقاحات، ولكن زوكربيرغ كان في ذلك الوقت محقًّا في أننا قد نرغب بالبدء بقضاء مزيد من الوقت في التفكير في الصين.