في تظاهرة جامعة لكنها لم تستنفر كل قوى المعارضة للانقلاب تجمع عشرات الآلاف من التونسيين رجالاً ونساءً و شباباً وشيباً للتعبير عن رفضهم للانقلاب واصرارهم على استئناف الحياة الديمقراطية التي أكدوا أنها أغلى من زيت السانغو، ومن الأرز، والخبز، وحتى لقاحات كورونا.
وقد شارك في المظاهرة رموز المعارضة في كل العهود، من بينهم، قيادات في حركة النهضة، ومحمد نجيب الشابي، رئيس حزب أمل، وعصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري، وحمة الهمامي الأمين العام لحزب العمل، وأستاذ القانون الدستوري، جوهر بن مبارك وهو أحد أبرز الداعين للمظاهرة، ورضا بلحاج الأستاذ الجامعي، والسياسي المعروف في تونس، ومحمد الكيلاني، رئيس الحزب الاشتراكي.
كما شارك في المظاهرة محامون، وقضاة مثل القاضي، أحمد صواب، والقاضي أحمد الرحموني، وغيرهما، إلى جانب ناشطين في المجتمع المدني ونواب بالبرلمان.
احتجاج ضد الانقلاب
وقال الناشط الحقوقي واستاذ القانون الدستوري، جوهر بن مبارك في تصريحات اعلامية أثناء الوقفة الاحتجاجية على الاجراءات الاستثنائية بشارع الثورة أن الرئيس قيس سعيّد انقلب على الدستور الذي أقسم على احترامه.
وأشار إلى أن هذه الوقفة هي بالأساس وقفة مواطنين ولا تقف وراءها أحزاب ولا منظمات، ولاحظ بن مبارك أن هذا التحرك الاحتجاجي الرافض للإجراءات التي أعلنها سعيد في 25 يوليو كان منتظراً ضد الانقلاب على الدستور والمسار الديمقراطي ولتوجيه رسالة لما وصفها بـ سلطة الانقلاب، بأن الشارع التونسي متنوع وفيه آراء مختلفة وأنه ليس ملكاً لأحد وحكراً على شخص معيّن.
وأوضح بأن الدستور هو العقد السياسي والاجتماعي الذي يجب على الرئيس بعد أن أقسم على احترامه، أن يواصل احترامه.
وأكد أن الإصلاح ومقاومة الفساد، يمكن أن تتم تحت المظلّة الدستورية وليس بقرار فردي، بإلغاء الدستور وحل المؤسسات ووضع الدبابات أمام المؤسسات السيادية، سواء كان مقر الحكومة أو البرلمان .
وأضاف أن الإصلاح يجب أن يكون في وضع هادئ يتضمن حواراً رصيناً وأن جميع الإصلاحات السياسية والدستورية يجب أن تقع من داخل الدستور وبمقتضى الإجراءات الدستورية (في تصريحات إعلامية).
ماذا سيختار سعيّد؟
وقال النائب سيد الفرجاني (حركة النهضة) “يوم السبت: أثبت الشارع التونسي معاضداً لسبر الآراء (سبر آراء أظهر تقدم الغنوشي وتأخر سعيّد بعدد كبير من النقاط) وليس أمام الرئيس سوى الانحياز للديمقراطية وثورة 14 يناير.. أو الإمعان في الانقلاب والانحياز للفوضى.
ودعا الفرجاني الجيش التونسي إلى التقيد بالدستور والقانون ونصرة الديمقراطية والوطن لنصبح شعباً ومؤسسات دستورية وجيشاً وأمناً ورئيس، خدماً للشعب التونسي بكل فئاته مع التقيد الكامل بدستور الثورة ولو بإصلاحات ضمنية عبر حوار وطني لصالح الديمقراطية وعلاج المشاكل المالية والاقتصادية والاجتماعية داخل القانون والدستور وضد الفوضى والاستبداد..
وأكد أن الانقلاب جريمة ضد الوطن..
الانتخاب والحساب
وقال أحد المشاركين في المظاهرة “سيدي الرئيس رفعت شعار الشعب يريد واتخذت قرارات دستورية وقمت بانقلاب على الشرعية وجمدت عمل البرلمان وصفق لك الكثير ولكن خذلت البعض ممن لم يروا شيئاً على أرض الواقع غير الشعارات الجوفاء تحت مسمى مقاومة الفساد.. هذا الشعب خرج البعض منه اليوم وطالبك بتعديل بوصلتك والعودة إلى الشرعية وإيجاد مخرج لما تعانيه البلاد من وضع اقتصادي واجتماعي مترد فماذا أنت فاعل؟ ننتظر الإجابة.
وقال آخر أنا ممن انتخبوا قيس سعيد وبالتالي من حقي أن أنقده وأرفع عدد من الملاحظات التي أرى أنه من الواجب توجيهها إليه حتى يفيق من غفوته ويعود إلى الجادة أنا أشاركه شعارات مكافحة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة والضرب على أيدي العابثين بمقدرات البلاد ولكن عليه من جانب آخر أن يضع يده في يد من يبادله نفس الرؤى ولا يمكنه أن يقوم بكل هذا العمل وحده أو أن يصف كل الأطراف من أحزاب ومنظمات وجمعيات بالخيانة ومسالك الصرف الصحي واتهام الجميع وكأنه يمثل الطهورية وحده ولا يوجد في البلاد أحد ممن يشاركونه الأفكار.
وقال متظاهر آخر البلاد ليست على قرنه بيننا دستور، يحترمه بالسيف عليه غصباً عنه) وعندما يريد استبداله، يعلن من الآن للشعب ذلك، ويجعله برنامج حملته الانتخابية في 2024م (الانتخابات الجديدة)، وتحت سقف الدستور وليس بقوة الدبابات، لا يمكن أن نسمح له أن يفصل وينسج خارج القانون والدستور والاجماع الوطني، وفي أقل الأحوال الأغلبية.
الرحموني يتكلم.. يسأل
أما القاضي أحمد الرحموني فقال، لم نصدق أو لم نكن نريد أن نصدق أن قوة الدفاع عن مكتسباتنا التي يختزنها الشعب التونسي كانت على وشك الانهيار أمام تحرك الدبابة أو سطوة البوليس أو الصواريخ الوهمية لولا تحرك الشعب اليوم، وليس آخر يوم.
وتابع، هل فعلاً كنا سنصنع دكتاتوراً جديداً في مدة شهرين ونجعل من قيس سعيد صانع التحول الذي لا يقهر (التحوّل وصف به انقلاب الهالك بن علي)!
هل كانت دماء الشهداء قرابين قدمناها حتى يأتي من يبتلع مؤسسات البلاد ويرتهن مستقبلنا ونحن ننظر له وننتظر مصيرنا؟!
هل وجد في تاريخ الثورات من تجرأ منفرداً بمثل ما نرى على غلق البرلمان ومقر الحكومة وعزل رئيسها (الذي لم يظهر منذ شهرين) وبعضاً من أعضائها وملاحقة نواب الشعب المنتخبين ورفع الحصانة عنهم وزج بعضهم في السجون والتصرف في التعيينات الوزارية والإدارية والأمنية والعسكرية (عزلا وتسمية) بصفة مطلقة وبلا رقيب؟
هل وجد في تاريخ الأمم من استند إلى تدابير استثنائية لا ندري إلى الآن أسبابها الحقيقية وموضوعها ومدة سريانها بعد تمديدها إلى أجل غير معلوم وفي غياب أية هيئة استشارية أو رقابية تحد من سلطاته؟
هل وجد مثيل لرئيسنا الذي يرفض الحوار مع كل الأحزاب والمنظمات الوطنية وكافة خصومه، وحتى مؤيديه ويؤجل في كل مرة تشكيل الحكومة حتى يقف على سياستها ويرفض الكشف عن سياسته المقبلة وما يرشدنا عن نواياه وخارطة طريقه؟!
هل وجد من بين الرؤساء من يطلق التسريبات (بواسطة مستشاريه) عن تعديل النظام السياسي وتعليق الدستور الذي أقسم عليه وإصدار تنظيم مؤقت للسلطات خارج أية مشروعية دستورية ثم يؤكد بعد ذلك تمسكه بالدستور وبالإجراءات القانونية؟!
هل وجد في التاريخ (وحتى في غابر الأزمان) من رؤساء العالم من رفع شعار مكافحة الفساد حتى يسارع إلى زج القضاة والموظفين والناشطين وحتى رئيس هيئة مكافحة الفساد بالإقامة الجبرية ويضع يده على ملفات هذه الهيئة ويحرض الناس ضد خصومه بتعلة الإثراء على حساب الشعب ويمنع أفراداً وقطاعات كاملة من السفر إلى الخارج ويخضع المواطنين الأبرياء إلى إجراءات التحري دون أي سند وخارج كل الضمانات القضائية؟!
وهل رأينا مثيلاً لرئيسنا في تنصيب نفسه رئيساً للنيابة العمومية وتقييد حق القضاة في التنقل والتعدي على اختصاصات المجلس الأعلى للقضاء وملاحقة المدنيين لدى المحاكم العسكرية وتهيئة الأجواء الملائمة للضغط على القضاة وترهيبهم؟!