ودعت مصر اليوم الثلاثاء 21 سبتمبر أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة أحمد محمد إدريس عن عمر يناهز 84 عاماً، المعروف إعلامياً بأنه “صاحب الشفرة النوبية” التي حيرت الكيان الصهيوني في حرب العاشر من رمضان – أكتوبر في العام 1973م، وكانت سبباً في إرباك الصهاينة في الحرب المجيدة.
نوبي من جنوب البلاد استغل لغته حربياً
مرابط عتيق!
“إدريس”، هو ابن قرية توماس وعافية بمنطقة النوبة في محافظة أسوان ، جنوب البلاد، لكن اقامته حاليا بمنطقة الكينج مريوط في محافظة الإسكندرية شمال البلاد، والتي ستشهد مكان دفنه.
ولد الراحل في أواخر الثلاثينات من القرن الماضي، وبالتحديد في العام 1937م، وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1952م.
والتحق إدريس بالقوات المسلحة المصرية عام 1954 كعسكري متطوع وشارك في حرب العدوان الثلاثي في مواجهة غدر الكيان الصهيوني.
وظل الراحل مرابطا في صحراء سيناء منذ عام 1957 حتى دخل حرب 1967م، وعانى من ويلات الهزيمة، ثم شارك حرب العاشر من رمضان – أكتوبر، كان له الفضل فى فكرة استخدام اللغة النوبية كشفرة تواصل حربي فى الانتصار المدوي.
شفرته حيرت الكيان الصهيوني وأربكته
الشفرة النوبية!
وفي عام 1970م عندما تولى الرئيس الراحل محمد أنور السادات الرئاسة المصرية والقيادة الأعلى في القوات المسلحة المصرية، كانت هناك مشاكل في عملية وضع شفرات تواصل حربي لا تدركها قوات الاحتلال الصهيوني.
وأمرت القيادة العسكرية في ذلك الوقت بابتكار حلول ، وسمع الراحل محادثة دارت حول هذا الشأن بين قياداته ، فتدخل مؤكدا أن ” اللغة النوبية هي الحل لأنها تنطق ولا تكتب ولن يستطيع أحد فك الشفرة نظرا لخلو اللغة من الحروف الأبجدية”.
وبحسب موقع ويكيبيديا للمعلومات فإن اللغة النوبية “تعتمد على الدلالات أكثر من اعتمادها على المعاني”.
وبحسب تقارير إعلامية متواترة فقد استدعى السادات ادريس عندما سمع بفكرته عن استخدام اللغة النوبية كشفرة بين قادة الجيش المصري.
ودار حوار بين السادات وإدريس اتفقا فيه على استدعاء أبناء النوبة القديمة ما قبل 1964 من قوات حرس الحدود حيث يتوفرون هناك، للقيام بالمهمة، شريطة أن تكون سرا حربيا لا يعرفه أحد مهما كان، وهدده بالإعدام لو أخبر به أحداً
ودربت القوات المسلحة المصرية في ذلك الوقت بمشاركة “ادريس” حوالي 70 مجنداً من حرس الحدود لإرسال واستقبال الشفرات، حيث ذهبوا جميعا وقتها خلف الخطوط لتبليغ الرسائل بداية من عام 1971 وحتى انتصار 1973م.
واستمرت هذه الشفرة متداولة بحسب بعض التقارير حتى عام 1994م وكانت تستخدم في البيانات السرية بين القيادات.
وكان الجنود يطلقون على الدبابة “أولوم” ومعناها تمساح، أما العربات المجنزرة “اسلانجي”، ويعني “ثعبان”.
وكانت كلمة “أوشريا” هي الكلمة الأشهر في كتاب الشفرات النوبية بحرب أكتوبر، ومعناها “اضرب”، وجملة “ساع آوي” تعني “الساعة الثانية”، وبتلقي الوحدات القتالية كلمة “أوشريا” وكلمة “ساع آوي”، بدأت ساعة الصفر في الحرب المجيدة.
وتشير بعض التقارير أن الكيان الصهيوني لم يعرف بالشفرة إلا في بداية التسعينات، بعد محاولات لدراسة اللغة النوبية.
وفي العام 2017 ، جرى تكريم “إدريس” في احتفالية رسمية ، وتداول سر”الشفرة النوبية” على نطاق واسع بعد سنوات من الكتمان.