ظلّ الإعلام العربي طيلة السنوات الماضية يفتقد إلى الاستمرارية والثبات في المواقف وتقلبات السياسة الداخلية والخارجية، وظل هذا الإعلام يعاني من التأثير والمؤثرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مما أفقدها الرؤية الواضحة التي يمكن من خلالها تصنيف تبعية الوسيلة الإعلامية.
في مارس من العام 1970م، ولدت مجلة “المجتمع” عملاقة تحمل هموم الأمة المسلمة وقضايا المحيط العربي، مدافعة عن الأقليات المستضعفة، وصوت الحق لكل القضايا الإسلامية والمسلمين أينما وجدوا، وظلت طيلة الـ52 عاماً الماضية تقود الراية وتنير عتمات الظلام بحثاً عن الحقيقة ومدافعة عن الحق، تحت قيادة تحريرية تؤمن بالقضية والحق، وتدافع عن المظلومين والمستضعفين في الأرض، فلن يستطيع أحد أن يتهمها بالانتماء إلى تنظيم سياسي أو كيان جهوي أو نظام بعينه.
ضمت “المجتمع” بين صفحاتها خيرة العلماء والمفكرين والكتَّاب، ليس لأنها تدفع أكثر، بل لقناعتهم بمحتوى ما تنشره هذه المجلة على صفحاتها دون إملاء من جهة، وإنما قناعتها التامة بالموضوعات التي تطرحها؛ الأمر الذي أكسبها ثقة الجميع واحترام القرَّاء الذين يتدافعون وينتظرون بشغف كل يوم لقراءة ما تجود به قريحة هؤلاء العلماء والمفكرين.
ولدت “المجتمع” وهي تحمل راية القضية التي بها “حملت” صفحاتها بهذا المولود وسمته مجتمعاً حاملاً همها وقضاياها، مدافعاً عن القضية بكل ثبات دون أن تجرفه عوامل الضغوط والإملاءات التي أثرت كثيراً في بحر الإعلام، وسعت تلك الضغوط إلى طمس الهوية في ظل متغيرات إقليمية ودولية، لكن “المجتمع” ظلت كما ولدتها أمها، وسارت عليه طيلة تلك الفترة، ثابتة في مواقفها، ناصعة صفحاتها تحت إدارة تحريرية تعرف كيف تدير هذه المجلة دون أن تنجرف أو تنحرف عن المسار.
وظلت “المجتمع” تقف حائط صد في مواجهة كل محاولات إفساد المجتمع والأسرة، مدافعة عنهم، ففتحت صفحاتها منبراً للتوعية والنصح والإرشاد، وتحمل بين طياتها كل همومهم وقضاياهم وطرحها بطريقة مبسطة ولغة يفهمها الجميع، لغة الأم الحنون لأطفالها.