في 11 مارس الجاري، أوصت منظمة الصحة العالمية سلطات أوكرانيا بتدمير مسببات الأمراض شديدة الخطورة المخزنة في مختبراتها من أجل منع أي تسرب محتمل بسبب الحرب الدائرة هناك.
ولم تذكر المنظمة موعد إرسال التوصية، ولم تقدم معلومات محددة حول أنواع مسببات الأمراض أو السموم المخزنة في المختبرات الأوكرانية، كما لم تحدد هل تم تنفيذ توصيات منظمة الصحة العالمية أم لا.
قبلها بيومين، قالت نائبة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند: إنّ الولايات المتحدة “تشعر بالقلق” من احتمال تمكّن روسيا من الوصول إلى مواد المختبرات البيولوجية الأمريكية الموجودة في أوكرانيا، خلال الهجوم الحالي.
وأضافت، في جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي: هناك مرافق للبحوث البيولوجية في أوكرانيا، ونحن الآن قلقون للغاية من أنّ القوات الروسية قد تحاول السيطرة عليها.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تعمل حالياً مع الأوكرانيين على كيفية منع أي مواد تتعلق بهذه الدراسات من الوقوع بأيدي القوات الروسية.
ورد السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنطونوف، بالقول: إن أمريكا تخشى اتهامها بانتهاك اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية، حال وقوع محفزات الأمراض المخزّنة في المختبرات البيولوجية الأوكرانية بيد الروس.
قبل هذا بأسبوع، سربت المخابرات الروسية معلومات أنها استولت على مختبرات أمريكية لتصنيع الفيروسات الفتاكة على أراضي أوكرانيا، وأن الأمريكيين تمكنوا في هذه المختبرات من تخليق جينوم لفيروس الجدري يتنكر داخل فيروس كورونا.
لذا، اعتبرت وزارة الدفاع الروسية، في 7 مارس الجاري، حديث نولاند بشأن وجود مرافق للبحوث البيولوجية في أوكرانيا اعترافاً أمريكياً بمشاركة البنتاغون في برامج بيولوجية عسكرية في أوكرانيا.
اتهامات روسية صينية لأمريكا بإقامة مختبرات بيولوجية في أوكرانيا لتصنيع الفيروسات الفتاكة
أمراض خطيرة
واتهم إيغور كيريلوف، قائد قوات الدفاع الشعاعي والكيميائي والبيولوجي في القوات الروسية، في تصريح لوكالة “الأناضول”، الولايات المتحدة بإقامة 30 مختبراً بيولوجياً في أوكرانيا، تشمل فيروسات تسبب أمراضاً خطيرة، مؤكداً أنهم دمروا بعضها.
وأضاف: تم العثور هناك على آثار لمسببات أمراض الطاعون والجمرة الخبيثة وداء البروسيلات والدفتيريا وداء السلمونيلات والدوسنتاريا.
وادعت وزارة الدفاع الروسية أن واشنطن أنفقت أكثر من 200 مليون دولار على أعمال المعامل البيولوجية في أوكرانيا.
الصين أيضاً دخلت على الخط، وحثت وزارة الخارجية الصينية، في 8 مارس، الولايات المتحدة على الكشف عن تفاصيل حول المختبرات البيولوجية التي تمولها في أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، كذلك، في بيان رسمي له: إن الولايات المتحدة تمول مختبرات بيولوجية، مطالباً بالكشف عما تحتويه هذه المختبرات الموجودة في أوكرانيا من أنواع فيروسات مخزنة.
أدت هذه الاتهامات المتبادلة لعودة ملف “حرب الجراثيم” إلى الواجهة مجدداً، وهل مختبرات أوكرانيا البيولوجية إشاعات روسية أم تهديد حقيقي؟
فقد نفت كييف وواشنطن اتهامات موسكو وحذرت من أنّ الهدف من هذه المزاعم قد يكون التحضير لإمكانية أن تستخدم القوات الروسية قريباً مثل هذه الأسلحة في أوكرانيا.
لكن روسيا تزعم منذ سنوات أن أمريكا تدير في جورجيا وأوكرانيا مختبرات بيولوجية تعمل على إنتاج أسلحة كيميائية فتاكة، ما يشكل تهديداً مباشراً وحقيقياً على أمنها وينتهك الاتفاقات الدولية.
وسبق أن قالت وكالة “تاس” عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في يناير 2022، بكلمة أمام مجلس “الدوما”: إن معظم الدول المجاورة لبلاده لديها مختبرات بيولوجية عسكرية أمريكية، وإنه من الصعب للغاية فهم ماهية عمل هذه المختبرات.
وأكد محمود حلبلب، الخبير في علم الجراثيم والأمراض المعدية بجامعة رفيق الحريري في لبنان، أن الولايات المتحدة تدير نحو 340 معملاً بيولوجياً في 30 دولة حول العالم.
خبير في علم الجراثيم: تسرب أي فيروس أو جرثومة من المعامل البيولوجية أمر مستبعَد
وقال: إن من أهمها مختبر “نمرو” في مصر الذي ينسب إليه التسبب في تفشي بعض الأمراض، وهو معمل يقع في العباسية شرق القاهرة وتشرف عليه وزارة الدفاع الأمريكية “سلاح البحرية الأمريكية”، وتتجمع فيه كافة الأبحاث المتعلقة بالجوانب الصحية والغذائية في مصر بدءاً من الثروة الحيوانية والزراعية والمياه والهواء والأوبئة والفيروسات.
وأضاف، في حوار لبرنامج “مع الحكيم”، على قناة “الجزيرة مباشر”، أن تسرب أي فيروس أو جرثومة من المعامل البيولوجية أمر مستبعَد؛ لأن الاختبارات تتم تحت تغطية أمنية مشددة وإجراءات مكثفة، لكن هذا لا يمنع وقوع بعض الحوادث في حالات الحرب أو غيرها من الصراعات.
مخاوف سابقة
وسبق أن حدث بالفعل انفجار عام 2019 بالقرب من مختبر روسي به عينات لفيروس الجدري الذي اختفى من خارطة الأمراض منذ عام 1980، وهو ما يفسر دعوة منظمة الصحة العالمية لأوكرانيا لتدمير مسببات الأمراض الشديدة الخطورة في المختبرات البيولوجية الأوكرانية لمنع أي تسربات محتملة.
لذلك، لا يستبعد حلبلب تسرب أي فيروس أو جرثومة من المعامل البيولوجية بسبب وقوع بعض الحوادث في حالات الحرب أو غيرها من الصراعات.
وأعاد الجدل الدائر الآن بشأن الحرب البيولوجية إلى الأذهان الشكوك بشأن منشأ فيروس كورونا الذي لم يتحدد بشكل قاطع حتى الآن، الذي ظهر في مدينة ووهان الصينية التي تضم مختبرًا بيولوجيًا قيل: إن خبرات أمريكية كانت تسهم في أعماله بشكل ما.