في الذكرى الخامسة والسبعين لاستقلالها، احتفلت الهند للتو بالذكرى السنوية الثانية والسبعين لتحولها إلى جمهورية.
نحن شعب الهند، سوف ننظر إلى الوراء بشكل طبيعي إلى ملاحم النضال الذي خاضه أسلافنا من أجل تحرير هذا البلد العظيم، أساس الجمهورية والدستور هو حصيلة تلك النضالات والتضحيات الهائلة، فقد اجتمعت تيارات مختلفة من الأفكار ومسارات المقاومة حول قضية مشتركة للحرية، كان القتال فريدًا ومتسقًا، مما أجبر الإمبريالية البريطانية الجبارة على حزم أمتعتها والرحيل.
استخدم الاستعماريون الظالمون السلاح السام “فرق تسد” للحفاظ على هيمنتهم غير المرغوب فيها على شعب الهند المحب للحرية، استخدموا الأصولية الدينية كأداة لتحقيق غاياتهم، ومنذ تلك الأيام، تعرضت القيم العلمانية للهند للهجوم من قوى الأصولية الدينية والظلامية، ونتيجة لذلك، تم تقسيم البلاد إلى قسمين بدعم من السادة الإمبرياليين.
انعدام الأمن الغذائي زاد بنسبة 3.8% بالهند بين عامي 2014 و2019
إن التزام الهند بالديمقراطية والعلمانية والسيادة والاشتراكية ليس عرضيًا على الإطلاق، لأنها خلاصة وجوهر النضال العظيم ضد الحكم الأجنبي الذي استمر قرابة 190 عامًا، كانت الهند الحرة والمزدهرة هي الأمل والوعد الذي قاتل الناس وانتصروا في المعركة بناء عليه.
بعد كل هذا الكفاح والنضال، وبعد الاستقلال بسبعة عقود، ما زالت المواجهة بين الأصولية الدينية والديمقراطية العلمانية هي العامل الحاسم في الحياة الوطنية، حزب بهاراتيا جاناتا المسيطر عليه من قبل “آر إس إس”، الذي يحكم البلاد لديه ولاء سطحي فقط للمبادئ التأسيسية للجمهورية الهندية، وقد قام ببصق السم مراراً وتكراراً ضد الأفكار الأساسية للدستور الهندي.
العلمانية، حسب رأيهم، مفهوم غربي، والديمقراطية غير مرغوب فيها، والاشتراكية غريبة، وقد صيغت كل برامجهم وسياساتهم في إطار فلسفة الكراهية هذه.
الفلسفة الفاشية لحزب بهاراتيا جاناتا و”آر إس إس” اليوم هي التحدي الأكبر أمام الهند وشعبها، الفاشيون يعرفون كيف يخدعون الناس بإخفاء وجوههم الحقيقية، تاريخ الفاشية مليء بالوعود الكاذبة التي قدموها للشعب من أجل الاستيلاء على السلطة السياسية، بمجرد أن حصلوا عليها، ألقيت كل الوعود في مهب الريح.
عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي ارتفع من 42.65 مليوناً في الفترة 2014-2016 إلى 48.86 مليوناً في الفترة 2017-2019
تطوير كل شيء
“ساب كا فيكاس” كان شعار رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ومعناه تطوير كل شيء، في رحلته إلى السلطة السياسية، لكن الجوع والفقر ودموع وأحزان الفقراء لم تؤخذ في الاعتبار على الإطلاق خلال فترة حكمه، وقد كشفت الأيام الوبائية الحقيقة المرة المخبأة في برنامج “ساب كا فيكاس”، الجوع والحزن اللذان اجتاحا الهند الفقير يفوق الخيال.
حتى قبل الوباء، كان سوء التغذية ووفيات الأطفال يطارد البلاد، ووفقًا لتقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم (SOFI)، الذي يُقال: إنه التقييم الأكثر موثوقية للجوع وانعدام الأمن الغذائي في العالم، زاد انعدام الأمن الغذائي بنسبة 3.8% في الهند بين عامي 2014 و2019.
وبحلول عام 2019، كان عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في عام 2014 يزيد بمقدار 6.2 ملايين على عددهم في عام 2014، وارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي من 42.65 مليوناً في الفترة 2014-2016 إلى 48.86 مليوناً في الفترة 2017-2019.
كما أن الهند تمثل 22% من العبء العالمي لانعدام الأمن الغذائي، في عام 2017-2019، وهو الأعلى بالنسبة لأي بلد حسبما ذكرت صحيفة “ذي هندو”، بتاريخ 24 أغسطس 2020.
ووفقًا لتقرير المسح الوطني لصحة الأسرة (NFHS) لعام 2015-2016، كان 50.4% من النساء الحوامل مصابات بفقر الدم، ومات 880 ألف طفل دون سن الخامسة في عام 2018 في الهند، حسب تقرير حالة أطفال العالم 2019 لـ”يونيسف”، وأشار هذا التقرير إلى أن سوء التغذية سبب 69% من الوفيات دون سن الخامسة.
الهند تمثل 22% من العبء العالمي لانعدام الأمن الغذائي في 2017-2019
وتحدث مؤشر الجوع العالمي لعام 2021 عن تراجع الهند إلى المرتبة 101 من بين 116 دولة، بعد أن كانت في المركز 94 في عام 2020، الهند في مرتبة أدنى من باكستان وبنغلاديش ونيبال، وقد أدى الوباء إلى تفاقم الوضع حيث جعل حياة المحرومين أكثر بؤسًا.
العاملون في القطاع غير المنظم الذي يشكل أكثر من 90% من القوة العاملة يشكلون الضحايا الأشد تضرراً، لا يمكن للبلاد أن تنسى مشاهد الهجرة الجماعية للعمال المهاجرين، الذين كانوا يسيرون مئات الكيلومترات للوصول إلى قراهم الأصلية لإنقاذ أنفسهم من الفقر والموت.
وشوهدت جثث الفقراء تطفو على نهر الجانج خلال تلك الأيام، ولا تحتفظ الحكومة ببيانات دقيقة عن أولئك الذين لقوا حتفهم خلال الوباء، بغض النظر عما إذا كان ذلك بسبب نقص الطعام أو نقص أسطوانات الأكسجين.
وفي الوقت الذي قوضت فيه موجات الصدمة من الوباء المستوى المعيشي للجماهير العاملة، تقول الإحصائيات: إن فاحشي الثراء سجلوا نموًا بنسبة 35% في أرباحهم.
حسب مؤشر الجوع العالمي 2021 تراجعت الهند إلى المرتبة 101 من بين 116 دولة بعد أن كانت بالمركز 94 عام 2020
وعندما كانت الحكومة تجري بروفات على احتفالات يوم الجمهورية الهندية، لقي 145 شخصًا حتفهم في العاصمة نفسها في موجات برد شديدة.
في مواجهة هذه الحقائق الحية، ما الذي كان يجب أن يفعله شعب في دولة ديمقراطية ذات سيادة؟ كانوا سيفكرون بشكل طبيعي في مستقبلهم ويحاولون إيجاد طرق لتصحيح مسار نموهم، وقد حث آزادي كا عمريت مهوتساف مواطني الهند على أن يحملوا هذه المهمة على أكتافهم، إن من حقهم الأساسي وواجبهم السعي من أجل الهند الجديدة، التي يتم فيها حماية الهيكل الأساسي للدستور، وتتم حماية الديمقراطية والعلمانية والسيادة الوطنية والأهداف الاشتراكية من جميع أنواع الهجمات.
إن أكبر تهديد اليوم في هذا المنعطف التاريخي هو أن محاولات تقويض الدستور تنبع من الداخل، في ديمقراطية حقيقية، لا يمكن الفصل بين الحقوق والواجبات، وقد حاول المستعمرون البريطانيون أيضًا تقويض حقوق الناس من خلال التركيز فقط على الواجبات.
في الذكرى الخامسة والسبعين للاستقلال، يحاول حزب بهاراتيا جاناتا ومنظمة “آر إس إس” استعارة النظرية الاستعمارية القائلة: “الحقوق تهدد الواجبات”، “نحن شعب الهند” نتفهم المخططات الشائنة لحكومية بهاراتيا جاناتا، نقول لهم: إنه من واجبنا النضال من أجل حقوقنا، هذا الكفاح فقط هو الذي يمكن أن ينقذ الهند وديمقراطيتها العلمانية.
__________________
(*) كاتب هندي.
المصدر: “ناشيونال هيرالد”.