يضع شراء روسيا طائرات إيرانية بدون طيار، الكيان الصهيوني أمام معضلة قد تقودها لاتخاذ القرار بتزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة ما سيؤثر على علاقاتها مع روسيا.
ومنذ بداية الأزمة الروسية-الأوكرانية في 24 فبراير/ شباط الماضي، أرسلت حكومة الاحتلال مساعدات إنسانية لأوكرانيا ودعمتها سياسيا بإدانة العمليات العسكرية الروسية.
وفي محاولة منها لتفادي أزمة مع روسيا، رفضت حكومة الكيان الصهيوني طلبات متكررة من أوكرانيا بتزويدها بالأسلحة الثقيلة بما فيها أنظمة الدفاع الجوي والمعدات العسكرية في وقت امتنعت فيه عن الموافقة بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا.
لكن مع ورود تقارير عن شراء روسيا طائرات دون طيار وصواريخ من إيران بدأت قواعد اللعبة التي سادت منذ بدء الأزمة بدأت تتغير بالنسبة لإسرائيل.
وتنفي إيران تزويد روسيا بأسلحة “للاستخدام في حرب أوكرانيا”، فيما تصر كييف وحلفائها الغربيين على اتهام موسكو، باستخدام طائرات مسيّرة إيرانية الصنع في استهداف مناطق أوكرانية في الآونة الأخيرة.
** تهديدات ميدفيديف
وقال الدكتور إيمانويل نافون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب: “هذه التغييرات في الحرب تسهل على الكيان الصهيوني لأن تكون أكثر فاعلية في توفير الأسلحة لأوكرانيا لأنه بخلاف بداية الحرب فإنها واضحة اليوم إلى أين تتجه”.
وأضاف نافون: “أعتقد أن حقيقة أن الروس اشتروا طائرات دون طيار من الإيرانيين قد رسمت خطا واضحا بشأن حقيقة أمر لم تفعله روسيا من قبل، فمعروف أن روسيا كانت داعم أساسي لإيران ولكن أصبح الآن هناك تعاون عسكري بين روسيا وإيران”.
واعتبر أن “من شأن ذلك أن يشرع قرارا صهيونياً بتزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة، بغض النظر عن تهديدات (الرئيس الروسي السابق ديمتري) ميدفيديف الذي قال مؤخرا إن هكذا قرار هو بمثابة تخطي للخط الأحمر”.
وأردف نافون: “لكن هذا الخط الأحمر تم تخطيه من قبل روسيا نفسها دون إغفال خطوط حمراء أخرى تخطتها بما فيها ارتكاب جرائم حرب ضد الأوكرانيين”.
وتابع: “أضف إلى ذلك فقد انتشرت أنباء عن أن روسيا أزالت منظومة مضادة للصواريخ من سوريا وهو ما سيمكن الكيان الصهيوني من تفادي مخاطر إسقاط هذه المنظومة لطائرات صهيونية، وهو ما يزيل العقبة الأخيرة أمام قرار صهيوني بتزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة”.
وكانت إسرائيل أكدت على انها نفذت بالسنوات الماضية مئات الغارات الجوية على ما تقول إنها أهداف إيرانية في سوريا أو أسلحة موجهة إلى “حزب الله” في لبنان.
كما تنظر حكومة الاحتلال بخطورة إلى استخدام روسيا طائرات إيرانية بدون طيار في أوكرانيا.
وقال نافون: “هذا يغير قواعد اللعبة، فبشراء روسيا الطائرات دون طيار الإيرانية فإنها بوضوح تتجاوز الخطوط الحمراء من وجهة نظر إسرائيلية”.
وأضاف: “لذا فإن التهديد الذي أدلى به ميدفيديف الأسبوع الماضي بأنه إذا ما زودت إسرائيل أوكرانيا بالأسلحة فإنها بذلك تقوض العلاقات مع روسيا، ففي الحقيقة أن روسيا هي من يقوض العلاقات مع الكيان الصهيوني بشراء الأسلحة من أكبر عدو للاحتلال ” في إشارة إلى إيران.
** تعاون خطير
وقال أركادي ميل مان، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب: “يجب التعامل مع تهديدات ميدفيديف بقدر محدود من الشك، على الرغم من مكانته الرفيعة في الماضي لأنه ليس في مركز صنع القرار في روسيا في الوقت الحالي”.
وأضاف في ورقة موقف: “من المهم الإشارة إلى أن ميدفيديف تجاهل في بيانه شراء روسيا طائرات مسيرة إيرانية متوسطة المدى وصواريخ أرض-أرض”.
واعتبر ميل مان، أن “هذا التعاون بين إيران وروسيا خطير للغاية على أمن الكيان الصهيوني”.
وفسر موقفها هذا بالقول: “أفادت مصادر أوكرانية أن عناصر من الحرس الثوري موجودون في الأراضي المحتلة بأوكرانيا ويوجهون جنود الجيش الروسي حول كيفية تشغيل الطائرات المسيرة”.
وأضاف: “بهذه الطريقة يمكن للإيرانيين التحقق من أداء الأنظمة في الميدان وتحسينها إذا لزم الأمر، وقد تواجه حكومة الكيان الصهيوني أنظمة إيرانية محسنة وأكثر تقدمًا في المستقبل، مما قد يؤدي إلى الإضرار بأمن الدولة”.
** الحكومة والمعارضة
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس قال الأربعاء، إن الاحتلال الصهيوني”قد تساعد كييف عبر تزويدها بأنظمة إنذار مبكر لإنقاذ الأرواح، دون نقل أسلحة إليها”.
وأضاف غانتس في إحاطة لسفراء الاتحاد الأوروبي: “لقد أرسلنا طلبا إلى الأوكرانيين لمشاركة المعلومات حول احتياجاتهم من تنبيهات الدفاع الجوي، بمجرد حصولنا على هذه المعلومات، سنتمكن من المساعدة في تطوير نظام إنذار مبكر مدني منقذ للحياة”.
وأردف: “سياستنا تجاه أوكرانيا لن تتغير، سنواصل دعم الغرب والوقوف معه، ولن نقدم أنظمة أسلحة”.
وتابع غانتس: “حكومة الكيان الصهيوني تدعم وتقف إلى جانب أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي والغرب، وهذا شيء قلناه في الماضي ونكرره اليوم”.
وأشار إلى أن “حكومةالكيان الصهيوني تتبع سياسة دعم أوكرانيا من خلال المساعدات الإنسانية، ونقل المعدات الدفاعية المنقذة للحياة”.
وقال: “أخطط لمراجعة واعتماد حزمة إضافية، وأود تأكيد أن الكيان الصهيوني لن تسلم أنظمة أسلحة إلى أوكرانيا بسبب مجموعة متنوعة من الاعتبارات التشغيلية”.
وأوضح قائلا: “سنواصل دعم أوكرانيا في حدود قيودنا، كما فعلنا في الماضي”.
كما عارض رئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو تزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة.
ونقل موقع “تايمز أوف إسرائيل” الإخباري الإسرائيلي عن نتنياهو الأربعاء، أنه “يخشى أن تصل هذه الأسلحة في نهاية الأمر إلى أيدي الإيرانيين”.
وكان وزير الشتات الصهيوني نحمان شاي قال في تغريدة على تويتر الأحد الماضي: “أفادت الأنباء صباح اليوم أن إيران تنقل صواريخ باليستية إلى روسيا”.
وأضاف: “لم يعد هناك شك في المكان الذي يجب أن تقف فيه حكومة الكيان الصهيوني في هذا الصراع الدموي، لقد حان الوقت لتلقي أوكرانيا المساعدة العسكرية أيضا، تماما كما تقدمه الولايات المتحدة ودول الناتو”.
واعتبر نافون، أنه “في حال فوز نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية في 1 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل وتشكيله الحكومة فإن فرص حصول أوكرانيا على أسلحة صهيونية سيكون صفر”.
وقال: “نتنياهو كان صامتا إزاء هذه الحرب، وفي ذهنه أنه لا يريد التوتر مع روسيا، ولكن أعتقد أن استطلاعات الرأي العام تظهر أن الإسرائيليين يصطفون مع أوكرانيا”.
وأضاف نافون: “ولذا فإن نتنياهو يعبر بالتأكيد عن موقفه ولا اعتقد أنه يعبر عن موقف الغالبية في حكومة الكيان الصهيوني ، فلا يوجد استطلاع يظهر بأن موقفه يحظى بدعم الأغلبية فضلا عن فرصه بالعودة إلى الحكم ضئيلة”.
وتابع نافون: “ولكن أعتقد أنه إذا ما عاد إلى الحكم، وهو مستبعد، فإن فرص تزويد الكيان الصهيوني أوكرانيا بالأسلحة ستهبط إلى صفر”.