الإستاد الرياضي لحفل الافتتاح على شكل خيمة عربية، الاستعراض الأساس يصور خيمة الشَعر العربية، الافتتاح بآية من القرآن الكريم، روح الافتتاح روح الأخوة الإنسانية انطلاقا من الآية القرآنية وإلقائها باللغة العربية: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}…
ملايين البشر حول العالم بمختلف اللغات والجنسيات عيونهم معلقة على الشاشات لمشاهدة تلك المناسبة الأكثر شعبية ومشاهدة حول العالم، يطالعون من خلالها ثقافة مختلفة، ربما لم يسمع بعضهم عنها سابقا، أو وصلته بطريقة مغلوطة.
استثمار فرصة الحدث لتقديم ثقافتنا العربية، وإبراز هويتنا الإسلامية الجامعة، وطابعها الإنساني، عمل يستحق كل الشكر والعرفان والتقدير لكل من ساهم في هذا الحدث، ورسالة في غاية الأهمية جاءت في وقتها تماما.
فالعالم الآن في ظل العلمنة والهيمنة الغربية يعيش حالة من ديكتاتورية فرض الثقافة الغربية، وقد تحملت قطر ضغوطا هائلة للرضوخ لتطبيق النموذج الغربي الثقافي كنموذج أحادي يرى الغرب أحقيته في فرضه على العالم.
كان من الممكن لقطر أن تختار الطريق الأقصر والأيسر والأقل كلفة من مواجهة تلك الديكتاتورية الثقافية التي تريد فرض نموذجها على العالم كله، ولكنها على صِغَر حجمها الجغرافي قاومت فرض الهيمنة الثقافية الغربية، وقدمت نموذجا مغايرا يتفق مع هويتها، ونالت محبة أشقائها العرب والمسلمين، واحترام كل من يقاوم عنجهية فرض الثقافة الغربية، وأثبتت أن الهيمنة الغربية ليست قدرا لا يمكننا إلا الرضوخ والخنوع له، بل يجب مقاومته، والصمود أمام هيمنته، وستكون “قطر” ملهمة لتجارب تالية ستأتي بعدها.
ومن ناحية أخرى؛ فإن استضافة قطر للبطولة الدولية الأكثر شعبية في العالم هو ميلاد جديد؛ فكثير من مدن العالم صنعتها أو أحيتها تلك المناسبات الدولية.
في زيارتي لإسبانيا سألت دليلي السياحي عن تلك المباني الجميلة والشوارع المنظمة التي تتشكل منها مدينة “برشلونة”، فقال لي:
وجه المدينة تغير تماما خلال عشرة أعوام بين استضافة “أسبانيا” لكأس العالم عام 1982 -والتي كانت فيها الكويت المنتخب العربي الآسيوي الوحيد- ثم استضافة “برشلونة” لدورة الألعاب الأوليمبية الصيفية لعام 1992؛ فقد كانت الأولمبيات فرصة للدعاية للمدينة وإحياء معالمها وترميم مبانيها وتأسيس بنيتها التحتية، وكانت الانطلاقة التي جعلت من “برشلونة” الآن واحدة من أوائل الوجهات السياحية في العالم.
وهكذا نجحت “قطر” بعد سنوات من المعاناة والصعوبات والعقبات، في اجتياز حدود الماضي لتبني المستقبل، وتقدم نموذجا جادا لبناء المستقبل من رحم الماضي بعاداته وتقاليده.