أصدرت هيئة علماء فلسطين فتوى تتعلق ببيان حكم الاعتكاف في المسجد الأقصى المبارك والرباط فيه مع قرب حلول شهر رمضان في ظل الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد من قبل قوات الاحتلال الصهيوني.
وقالت الهيئة في الفتوى: إن ما يتهدد المسجد الأقصى المبارك من تحشيدات صهيونية لاقتحامه طوال شهر رمضان المبارك، وكذا في غيره من الأشهر، يوجب على العلماء بيان حكم الاعتكاف والرباط فيه لصد العدوان والوقوف في وجه مخططات العدو المحتل.
وأوضحت أن الاعتكاف وهو اللّبث في المسجد بنيّة التعبد لله تعالى سنّة طوال العام، ويتأكد في شهر رمضان المبارك ويزداد تأكيده في العشر الأواخر منه.
وأشارت إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم حافظ على الاعتكاف في المسجد خلالها واعتكف آخر عام من عمره عشرين يومًا، فقد أخرج البخاري أنه صلى الله عليه وسلم كان سيعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده.
وتابعت الهيئة أن الاعتكاف يزداد فضله إذا كان في أحد المساجد التي تشد الرحال إليها؛ وهي: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، ويزداد فضله أكثر وأكثر إذا اجتمع معه الرباط والجهاد ودفع العدوان.
وبينت أن كل ساعة تُقضى في الاعتكاف بالمسجد الأقصى في هذه الظروف التي يمر بها والمخاطر التي تتهدده إنما هي ساعة رباط في سبيل الله.
واستشهدت الفتوى بما أخرجه الحاكم في مستدركه عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أنبئكم بليلة أفضل من ليلة القدر؟ حارس يحرس في أرض خوف لعله لا يرجع إلى أهله»، وما أخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه كان في الرباط، ففزعوا إلى الساحل، ثم قيل: لا بأس، فانصرف الناس، وأبو هريرة واقف، فمر به إنسان، فقال: ما يوقفك يا أبا هريرة؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود».
وأشارت إلى أن المكث في المسجد الأقصى المبارك في ظل الاحتلال والاستعداد لصدّ اقتحامات الصهاينة المحتلين، يجمع بين جملة من العبادات العظيمة التي منها الرباط والجهاد والاعتكاف وغيرها، مبينة أنه أداء لفريضة الرباط في سبيل الله، فقد قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «وكل من قاتل العدو بسيف أو حجر أو عصا أو غير ذلك فهو مجاهد في سبيل الله تعالى».
ودعت هيئة علماء فلسطين المسلمين القادرين على الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك لشد الرحال إليه والسعي للرباط فيه بكل السبل ولو مع المشقة وتحمل الصعاب والنفقات، لافتة إلى أن كل أنواع المشقّة هي ضرب من ضروب الجهاد الذي يجب أن يبذل لما له من أثر في حماية المسجد الأقصى والدفاع عنه وصونه من تدنيس الأعداء وقذف الرعب في قلوبهم.
وتابعت أن من أعظم الواجبات على كل مسلم ومسلمة إعانة المرابطين ودعمهم وتمكينهم بكل وسائل التمكين سواء أكان ذلك من خلال الدعم المادي على شكل كفالة حملات البيارق لإيصال المعتكفين إلى المسجد الأقصى أو تفطير الصائمين في المسجد وتوفير السحور لهم، أو كان من خلال تقديم المساعدات المادية الأخرى لهم أو كان من خلال الدعم الإعلامي وغير ذلك من سبل الدعم ووسائله، وهذا من المشاركة في الجهاد والرباط والدفاع عن مسرى النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وأكدت أنه يجب على وزارة الأوقاف الإسلامية في الأردن وجوباً شرعيّاً الإعلان عن فتح المسجد الأقصى طوال شهر رمضان، بل طوال العام للاعتكاف فيه ليلًا ونهارًا، فهو ضرب من ضروب الرباط والجهاد وليس مجرد اعتكاف مسنون، والتشجيع على ذلك بما تملكه من آليات.