توقفت طبول الحرب في تصعيدها على قطاع غزة المحاصر إلا أنها لم توقف نزيف الدم والألم للكثير من الحكايات التي ستكون شهادة على بشاعة الاحتلال «الإسرائيلي» في مجازره المتوالية في كل عدوان.
الطفل تميم داود
المُحتل الذي لا يفرق في استهدافه حيث إن صواريخه تجد من أجساد غزة مرمى لأهدافه، فتلك الصواريخ القذرة التي أرعبت قلب الطفل تميم داود الذي لم يتجاوز 6 سنوات جعلته يفزع صارخاً بأعلى صوته حينما تم استهداف منطقة سكنه، وما هي إلا دقائق قليلة حتى يقف الصوت، وقبل أن يقف فقد سبقه توقف قلبه عن نبضه؛ ليرتقي شهيداً.
محمد أثناء تشييع جثمان عروسه
استشهاد العروس
أما العروس دانية عدس فكانت حكاية ألم كبيرة في فؤاد عريسها محمد الذي ما زال يبكي وجعاً على فراق عروسه بعد أن جهزا بيتهما استعداداً لعقد حفل زفافهما.
لكن صاروخ الاحتلال كان أسرع من يوم عرسهما؛ ليزفها في كفنها الأبيض الذي تبلل بدمائها الطاهرة.
دانية لم ترحل وحدها، فقد تجاورت معها شقيقتها إيمان المتفوقة في دراستها وفي أخلاقها التي كانت تحلم أن تكون طبيبة تداوي جراحات غزة.
وكان فراقهما جرحاً غائراً لوالديهما بعد أن أخذا يبحثان بين ركام منزلهما عن دانية، وإيمان، رغما أنهما قد ودعاهما في الكفن، فهما ما زالا يبحثان عنهما، لكن سرعان ما يقف ذلك البحث حينما يقفان على قبرهما.
سائد فروانة استشهد قبل أن يحتض طفله الأول
يتيم قبل الولادة!
أما سائد فروانة فكان كثير ما يوصي زوجته مي بطفلهما الذي ما زال جنيناً في رحمها، فقد اتفقا على اسم «جواد»، إلا أن هذا الاتفاق لن يكون؛ لأنها سوف تسميه بعد شهرين من موعد ميلادها بـ«سائد» على اسم والده الشهيد.
سيولد سائد الطفل الأول لهما دون أن يرى ملامح وجه أبيه أو حتى أن يؤذن له، أو يأخذه في أحضانه، فقد استشهد قبل ميلاده حيث إنه سيولد يتيم الأب.
الطفلة ميرال
ميرال تبحث عن بابا
هذا اليُتم الذي تعيشه الطفلة ميرال التي لم تستوعب سنوات عمرها القليلة بأنها أصبحت يتيمة الأم والأب، فمن الصعب عليها أن تعلم ما معنى أن يُستشهد والداها وشقيقها الأكبر مرة واحدة، فمهما تم الحديث معها فكل الكلمات عاجزة عن تفسير المشهد لها.
هي الطفلة ذاتها التي أبكت قلوب الملايين حينما تم مداولة فيديو لها تبكي به في حرقة وتنادي: «بابا.. بابا»، وهي في سيارة الإسعاف مع والدها في نفس السيارة، لكنه لا يستطيع أن يجيبها، فقد كان جثة فارقتها الروح.
صبراً آل غزة
من الصعب أن تحتوي هذه السطور كل الحكايات والمشاهد المؤلمة في عدوان أكبر من أن يقال له «همجي»، فقد تجاوز المحتل كل معاني الإنسانية حيث أبكى الحجر الذي احتضن دماء وأشلاء الشهداء.
ورغم ذلك قد يستغرب الكثير كيف لغزة أن تقف من جديد؟! كيف لأطفالها العودة إلى مقاعد الدراسة بعد استشهاد زملائهم؟! وكيف لأم انتشر الشيب في رأسها بعد فقدانها أبنائها وزوجها مرة واحدة؟! وكيف لأب أن ينهض لعمله بعد أن تلطخت ملابسه بدماء أطفاله الشهداء؟!