تمر الذكرى وبيت المقدس في أخطر اللحظات والمحطات لمحاولة طمس معالمه وتغيير طبيعة القدس الحضارية، فالاقتحامات الصهيونية الممنهجة والمبرمجة والمنظمة المتكررة بمشاركة وزراء ونواب وبحماية جيش الاحتلال وشرطته وتشديد الخناق على المقدسيين، وتقسيم المسجد زمانياً وصولاً لتقسيمه مكانياً، عدا عن الحفريات المتواصلة، وما زالت ردود الفعل العربية والإسلامية الرسمية دون الواجب والمطلوب.
من المؤكد أن دعم جهود المقدسيين بكافة وسائل الدعم ليس فضلاً أو تبرعاً أو هبة، بل هو أوجب الواجبات ومساهمة لازمة ومشاركة مستحقة، فإسنادهم واجب، والوقوف معهم لازم، فصمودهم خط دفاع عن الأمة ومساجدها ومقدساتها، وانتهاك «الأقصى» انتهاك لكل المساجد أينما وجدت.
واجبنا توعية الأجيال بفئاتها العمرية بمكانة وقدسية المسجد المبارك، وما يعنيه لهم، وتبيان الخطر الصهيوني وأطماعه وجرائمه، وإظهار تضحيات ونضالات الشعب الفلسطيني وإبراز أبطاله ورموز مقاومته، والعمل على معرفة دور الأجيال في الدفاع عنه، والذود عن حياضه، وإكسابهم مهارات الدعم والإسناد، وكل حسب تواجده وإمكاناته وقدراته وظروف إقامته.
في عصر التقدم السريع والواسع لوسائل التواصل وسهولة الحصول عليها واستثمارها، فمن الواجب والمطلوب الاهتمام بقضية «الأقصى» وإبرازها في وسائل الإعلام المختلفة بشكل يومي، وتخصيص مساحات للحديث عنها؛ لكشف الاعتداءات الصهيونية، وإبراز معاناة المقدسيين اليومية، وأخطار الانتهاكات الصهيونية بلغات متعددة، وإظهار الحقائق التاريخية، وكشف زيف وأكاذيب الادعاءات التلمودية الزائفة.
بدا واضحاً أن الرباط في المسجد الأقصى المبارك وشد الرحال إليه وتكثيف التواجد فيه خط الدفاع الأول عنه، ينبغي إسناده ودعمه بكافة وسائل الدعم، ورعاية المرابطين والمرابطات، والتواصل معهم وشد أزرهم، ومحاكاة رباطهم في المساجد وإقامة صلوات الفجر العظيم كفعلهم رفعاً لمعنوياتهم وشداً لأزرهم.
التطبيع مع العدو حارق أقصانا، ومنتهك حرماته، وقاتل مصليه؛ طعنة ظهر وتنكر لدماء الشهداء واستهزاء بالمرابطات والمرابطين وسخرية بتضحيات الأسرى والمعتقلين وتنكر لمعاناة أهاليهم ينبغي التوقف عنه، فالتطبيع مع هذا العدو توريط وتفريط وعبث عدو بأحشاء المطبعين، ونهب خيراتهم وثروات بلادهم، فهو استعمار بأدوات ناعمة.
المسجد الأقصى عامل وحدة، ومحرك مقاومة، ومشعل ثورة وضرورة جهاد؛ فواجب الأمة تكثيف جهودها وتوحيد قواها، وإسناد المقاومة، لتصبح فاتورة الاحتلال مكلفة، لا يطيقها ومن وقف معهم وسانده، فسيف القدس لن يغمد إلا بتحريره من دنس محتليه، وحارقيه، فالأيام دول؛ ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً﴾ (الإسراء: 51).