توافق اليوم الإثنين 21 أغسطس الذكرى الـ54 لإحراق المسجد الأقصى المبارك، في وقت تتصاعد فيه الاعتداءات على قبلة المسلمين الأولى والمدينة المقدسة.
ففي مثل هذا اليوم عام 1969م، اقتحم يهودي متطرف أسترالي الجنسية إرهابي يدعى مايكل دينيس المسجد الأقصى، وأشعل النيران عمداً في الجناح الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بـ«منبر صلاح الدين».
ومن ضمن المعالم التي أتت عليها النيران مسجد عمر الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية، ويمثل ذكرى دخول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مدينة القدس وفتحها، إضافة إلى تخريب محراب زكريا المجاور لمسجد عمر، ومقام الأربعين المجاور لمحراب زكريا، وثلاثة أروقة من أصل سبعة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة، وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق، وعمودين مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد، و74 نافذة خشبية وغيرها.
كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والجدران الجنوبية، وتحطمت 48 نافدة في المسجد مصنوعة من الجص والزجاج الملون، واحترقت الكثير من الزخارف والآيات القرآنية.
واستطاع الفلسطينيون إنقاذ بقية المسجد من أن تأكله النار، وفي ذلك اليوم قامت سلطات الاحتلال بقطع المياه عن منطقة الحرم فور ظهور الحريق، وحاولت منع المواطنين العرب وسيارات الإطفاء التي هرعت من البلديات العربية من القيام بإطفائه.
وادعى الاحتلال في البداية أن تماساً كهربائياً كان السبب في الحريق، ولكن تقارير المهندسين العرب أوضحت بجلاء أن الحريق كان بفعل أيدٍ مجرمة مع سبق الإصرار والتصميم، الأمر الذي اضطر حكومة الاحتلال إلى الادعاء بأنها قبضت على الفاعل كان دخل فلسطين المحتلة قبل أربعة أشهر من وقوع الحريق، وأنها ستقدمه للمحاكمة، ولكن لم يمض وقت طويل حتى أعلنت أن دنيس شخص معتوه وأطلقت سراحه، ثم رحلته إلى أستراليا.
وأثار إحراق المسجد الأقصى من قبل المتطرف مايكل ردود فعل كبيرة عند العرب والمسلمين وقتها، حيث أدى في اليوم التالي للحريق آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى، واشتعلت التظاهرات بالمدينة المقدسة، وكان من تداعيات الحريق عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب، وإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية.
ومن بين ردود الفعل قرار مجلس الأمن الدولي رقم (271) لعام 1969م بتاريخ 15 سبتمبر الذي أدان الاحتلال لحرق المسجد الأقصى في يوم 21 أغسطس 1969م، ودعا إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس، والتقيد بنصوص اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الذي ينظم الاحتلال العسكري.
وتولت لجنة إعمار المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية إزالة آثار الحريق التي تعرض لها المسجد الأقصى وترميمه وإعادة صنع منبر صلاح الدين الأيوبي، من خلال فريقها الفني المتكامل الذي بدأ عمله مطلع عام 1970م.
وجاء هذا العمل الإجرامي في إطار سلسلة من الإجراءات التي قام بها الاحتلال منذ عام 1948م وما زال، بهدف طمس الهوية الحضارية الإسلامية لمدينة القدس.
بعد أكثر من نصف قرن على الجريمة، لا تزال النار تشتعل في المسجد الأقصى بأشكال مختلفة، من اقتحامات يومية واعتداءات خطيرة ومحاولة للسيطرة عليه وتقسيمه، بل والجرأة على التخطيط لبناء «الهيكل» المزعوم مكانه.
وتأتي هذه الذكرى فيما تتطلع «جماعات الهيكل» المزعوم إلى هدم المسجد الأقصى وإزالته من الوجود، لتأسيس «الهيكل» مكانه، وتسعى لإعادة تعريفه من مسجد إسلامي خالص إلى مقدس مشترك بين المسلمين واليهود، تمهيداً لإنهاء كل وجود إسلامي فيه فيما بعد.
«البقرات الخمس» آخر خزعبلات اليهود لإقامة هيكلهم المزعوم في «الأقصى» 📺 pic.twitter.com/ZXbkma1n9k
— المجتمع (@mugtama) August 5, 2023