أصبح نحو 21 ألف معلم في ولاية أوتار براديش بالهند مهددين بفقدان وظائفهم بعد قرار حكومة الولاية مطلع العام الجديد التوقف عن دفع حصتها من أجورهم التي كانوا يتقاضونها ضمن عملهم في برنامج حكومي لتوفير التعليم الجيد للمدارس الدينية الإسلامية.
برنامج حكومي
هذا العدد من المعلمين البالغ 21 ألف معلم لمواد مثل الرياضيات والعلوم كانوا يعملون في نحو 7700 مدرسة دينية إسلامية بالولاية وحدها ضمن برنامج «تطوير المدارس الإسلامية»، بموجب خطة تطوير وتحديث المدارس الإسلامية التي بدأتها حكومة حزب المؤتمر في عام 2009 – 2010م، وكان يغطي في سنواته الست الأولى نحو 70 ألف مدرسة إسلامية في عموم الهند.
البرنامج كان يقوم على تطوير المدارس الدينية الإسلامية من خلال تعيين معلمين مسلمين وهندوس للعلوم والرياضيات واللغات الإنجليزية والهندوسية وغيرها من مواد التعليم العصري، جنباً إلى جنب مع التعليم الديني الذي تقوم عليه هذه المدارس، على أن تدفع الحكومة الفيدرالية نحو 12 ألف روبية (144 دولاراً) للمعلم، وكانت الولاية تدفع من ميزانيتها حصة إضافية للمعلمين تقدر بـ3 آلاف روبية (30 دولاراً).
ووفق مصادر محلية نقلت عنها وكالة «رويترز»، فقد كان البرنامج في البداية عبارة عن مخطط فيدرالي ممول بالكامل، ولكن في عام 2018م، أخبرت الحكومة المركزية الولايات بأن عليها توفير حصة بنسبة 40% لإدارة وتمويل البرنامج بنفسها، ثم لم تعد الحكومة المركزية منتظمة في دفع حصتها بالبرنامج منذ 6 سنوات، إلى أن أوقفت تمويل البرنامج في مارس 2022م، وأبلغت الولايات بإنهاء البرنامج في أكتوبر الماضي.
وبحسب تقرير «رويترز»، فمن جانبها لم تدفع حكومة ولاية أوتار براديش حصتها للمعلمين منذ أبريل 2023م، حتى أعلنت رسمياً التوقف عن دفع أتعاب للمعلمين في مطلع العام الجديد (2024م).
استجابة حكومية
وفي مقابلة مع «المجتمع»، قال د. ظفر الإسلام خان، رئيس تحرير صحيفة «ميلّي غازيت»: إن برنامج تطوير المدارس الإسلامية بدأته حكومة حزب المؤتمر في عام 2007م؛ استجابة لتوصيات تقرير لجنة ساشار التي درست أوضاع مسلمي الهند، وكان من توصياتها توفير التعليم العصري لطلاب المدارس الدينية الإسلامية التي تركز فقط على اللغة العربية والعلوم الإسلامية.
واستجابت الحكومة وقتها لتوصيات اللجنة، وبدأت برنامجاً لتحديث المدارس الدينية، وكان يتضمن تقديم معونات بسيطة للمدارس الدينية لبناء بعض الغرف وتوفير أجهزة الكمبيوتر ودفع مرتبات مدرسي المواد العصرية، أما مدرسو المواد الدينية فاستمرت المدارس الدينية تتكفل بها.
موقف حزب الشعب الحاكم
وأضاف: في المقابل، كان حزب الشعب الهندي (الحاكم حالياً) كسياسة ثابتة لديه يعارض أي برامج خاصة لفائدة المسلمين، وظل يعلن من وقت لآخر أنه سيلغي هذه البرامج لو وصل للحكم، ووقْف مرتبات مدرسي المواد العصرية أو بالأحرى إلغاء وظائفهم أصلاً، يصب في هذا الغرض.
ويشير خان إلى أن حزب الشعب الهندي -الذي يحكم منذ عام 2014م- يعارض أي مشروع خاص لفائدة الأقلية المسلمة، وظل يلغي أو يخفض ميزانيات مختلف البرامج لفائدة الأقليات (أكبرها الأقلية المسلمة).
إغلاق وتضييق
ولفت ظفر الإسلام خان إلى إجراءات حكومة ولاية آسام التي يقودها حزب الشعب الهندي أيضاً، قبل أسابيع التي غيرت بجرة قلم آلافاً من المدارس الدينية إلى مدارس عصرية، وغيرت أسماءها، وقررت أن هذه المدارس من الآن فصاعداً ستدرِّس فقط المواد العصرية.
وأوضح أنه حتى المدارس الدينية الباقية تقوم الحكومة بالتضييق عليها بمختلف الأساليب؛ مثل مطالبتها بتقديم حساباتها، وفحص أوراق ملكية أراضيها، وفحص قوائم مدرسيها وطلابها، وإجبارها على غناء أناشيد «وطنية» في المدارس والاحتفال بالمناسبات الرسمية، وتقديم تسجيلات لحكام المديريات تثبت قيامها بهذه الأنشطة.
لجنة «ساشار»
وفيما يخص تقرير لجنة «ساشار»، فبالعودة إلى كتاب «المسلمون في الهند.. بين تضييق الواقع وتحديات المستقبل» الذي أصدرته مجلة «المجتمع» عام 2022م، نجد أنه تضمن فصلاً حول موضوع التعليم الإسلامي في الهند، وأشار إلى الدراسة التي أعدتها لجنة حكومية بقيادة القاضي «راجندر ساشار»، في عام 2006م، حول واقع مسلمي الهند.
وذكرت اللجنة في تقريرها أن الوضع التعليمي للمسلمين في الهند مصدر قلق؛ إذ خلصت إلى أن 88% من المسلمين يتوقف تعليمهم عند المرحلة الابتدائية أو قبلها، أما الذين يتلقون التعليم في المدارس الحكومية فلا تتجاوز نسبتهم 8% من المسلمين، بينما الذين يدرسون في المدارس الإسلامية نسبتهم 4% فقط، والمعنى أن 90% منهم جهلاء بالدين والدنيا معاً، ومن هنا كانت من بين توصيات اللجنة التي أعدت التقرير العمل على تطوير المدارس الدينية الإسلامية وتوفير التعليم العصري لها.
يذكر أن المسلمين في الهند يمثلون نحو 14% من إجمالي عدد سكانها البالغ نحو 1.42 مليار نسمة، ويتم تمويل المدارس الدينية الإسلامية من خلال تبرعات المسلمين.