الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ما من شك أنه إذا عز العرب عز الإسلام، وإن دلت هذه المقولة على شيء فإنما تدل على عظم الأمانة التي تحملون وأنتم -وفقكم الله لخير الأمة- من استرعاه الله حاضر الأمة ومستقبلها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله سائل كل راعٍ عما استرعى حفظ أم ضيع»، فاللهَ اللهَ في أمة الإسلام وقد رماها أعداء الله وأعداؤها عن قوس واحدة.
وإن أمامكم اليوم تحديات جساماً، وشعوبكم تنظر ما ستتمخض عنه القمة من قرارات، وكلها أمل أن تكون قرارات القمة على مستوى ما نواجه من تحديات، ولا يخفى أن على رأس تلك التحديات قضية العرب والمسلمين المركزية؛ قضية فلسطين، وكلي أمل أن تثمر هذه القمة عما يشكل رافعة لشعب فلسطين وقد أبوا إلا أن يواصلوا مسيرتهم الجهادية حتى يحقق الله النصر الذي نحب والذي يرفع الله به شأن أمتنا بإذنه تعالى.
وإني أناشدكم أن تأخذ القمة بعين الاعتبار القضايا التالية التي تخدم القضية الفلسطينية:
أولاً: أرض فلسطين أرض عربية إسلامية اغتصبت بقوة السلاح من قبل اليهود الصهاينة، ولن تعود إلا بقوة السلاح، وهي أرض وقف إسلامي لا يجوز التنازل عن شبر منها حتى وإن كنا لا نملك الآن القوة اللازمة لتحريرها.
ثانيًا: الجهاد في فلسطين حق مشروع للشعب الفلسطيني، وهو فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وإن وصفه بالإرهاب من قبل أعداء الله لظلم عظيم يرفضه شعبنا المرابط في فلسطين، وترفضه كذلك شعوبنا العربية والإسلامية، ونتمنى على القمة أن توضح موقفها بوضوح لا لبس فيه نصرة لجهاد شعبنا المجاهد.
ثالثًا: إن شعبنا وهو يخوض ببسالة معركة قد فرضت عليه لهو جدير أن يلقى كل أشكال الدعم والتأييد من قادة الأمة، فهو بحاجة إلى الدعم الاقتصادي لتعزيز صموده وقد دمر الصهاينة الأشرار كل أسباب الحياة والعيش الكريم لهذا الشعب المرابط، ونهبوا خيراته، وهو بحاجة أيضًا إلى الدعم العسكري، والأمني، والإعلامي، والمعنوي، والدبلوماسي، وغير ذلك من أشكال الدعم التي تعينه على مواصلة جهاده، وهو يتطلع إلى أن تحقق له القمة كل ذلك بإذن الله تعالى.
رابعًا: إننا نناشدكم أن توقفوا كل أشكال التطبيع مع هذا العدو، وأن تغلقوا سفاراته، وقنصلياته، ومكاتبه التجارية، وأن تُفعِّلوا المقاطعة العربية، وأن توقفوا الاتصال به، والتعاون معه.
خامسًا: إن الأمة تملك من الإمكانات والطاقات والقدرات ما يجعلها قادرة على نصرة قضاياها القومية، ووضع حد لجرأة أعدائها عليها، وإني لأرى أنه قد آن لأمتنا أن تعمل بقول الله عز وجل: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ)؛ لتصبح قوة في زمن التكتلات؛ (وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ).
سادسًا: إن المسجد الأقصى يناشدكم وقد أعد الصهاينة العدة لدك أركانه وهد بنيانه، فمن له بعد الله إن لم تكونوا أنتم؟
سابعًا: إننا نناشدكم أن تقدموا كل أشكال الدعم للعراق الشقيق وشعبه حتى يتحرر من الاحتلال الأمريكي؛ لأن نصرة العراق وشعبه هي نصرة لقضية فلسطين والشعب الفلسطيني.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
هذا ما أردت أن أنصح به وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدين النصيحة، وأسأل الله أن يجمع كلمتكم لنصرة دينه، وأن يوحد صفكم على ما فيه خير الأمة ورفعتها.
_________________________
نص رسالة الشيخ أحمد ياسين التي أعدها قبيل استشهاده من أجل إرسالها لقمة تونس العربية عام 2004م.
المصدر: مؤسسة الشيخ أحمد ياسين الدولية.