نستكمل في هذا المقال عرض السمات المساندة للمدرِّب المتألِّق التي تعينه على جذب المتدربين إليه والاستفادة القصوى من الدورة التدريبية.
9- الثناء والتشجيع:
من طبيعة المتدربين أنهم يحبون المدرِّب الذي يثني على أفكارهم ويشجعهم على المشاركة.
مثال على ذلك: في إحدى الدورات التدريبية لجمعية المعلمين الكويتية، وجهت سؤالاً للمتدربين حول حرص المدرب على احترام المتدربين له، وحبهم له، فقلت: أيهما أولى؛ حرص المدرب على احترام المتدربين له، أم حبهم له؟
أجاب أحدهم قائلاً: لا احترام بلا حب أولاً.. لكن، هذه الإجابة تخالف آراء كثيرة لعلماء في الإدارة، حيث يقولون: إن ما يحرص عليه المدرب هو الاحترام أولاً، وقد يأتي حب المتدربين له لاحقاً، وقد لا يأتي.
هنا، لم أقل للمتدرب: إجابتك خاطئة، بل قلت: لعل هناك من يؤيدك في هذا الرأي، وهناك من يرى أن الاحترام يسبق الحب، وأنتم أيها السادة، ما رأيكم؟
هذه إحدى وسائل تشجيع الحوار بين المتدربين، والثناء على آرائهم.
المتدربون يحبون المدرِّب الذي يثني على أفكارهم ويشجعهم على المشاركة
مثال آخر: في دورة لمركز التدريب البترولي بعنوان «سد الثغرة بين الأجيال المتعددة في بيئة العمل»، وجهت سؤالاً حول نسبة الثقة المتبادلة بين المتدربين ومسؤوليهم في بيئة العمل، ومن أجل جعل الحوار ممتعاً، كتبت النسبة العالمية على ظهر اللوح الورقي في قاعة التدريب دون أن يراه أحد، وكانت النسبة 71%، ثم طلبت من كل متدرب أن يكتب النسبة الخاصة به على ورقة، ويحيطها بدائرة؛ كي لا يفكر بتغيير إجابته، ولا يتأثر بإجابات زملائه.
وقمت بجمع الإجابات، واستخرجت منها المتوسط الحسابي؛ فكانت 71.5%، وكم كانت مفاجأة الجمع، حينما كشفت لهم عما كتبته على ظهر اللوح الورقي، إذ كانت النسبة مقاربة لنسبتهم! بعد ذلك فتحت باب النقاش للتعرف إلى أصحاب النسب العالية وسبب علوها، وأصحاب النسب المتدنية وسبب دنوها.
نخلص من ذلك، أن مثل هذه النقاشات تؤكد للمتدربين أهمية علو الثقة المتبادلة بين الأفراد ومسؤوليهم، وأثر ذلك في ارتفاع مستوى الأداء لديهم؛ فعلى المدرب المتألق أن يحرص على علو نسبة الثقة المتبادلة بينه وبين المتدربين.
10- التفاؤل والإيجابية:
كذلك من طبيعة المتدربين أنهم يحبون المدرب المتفائل ذا التفكير الإيجابي، الذي يستعمل الكلمات الإيجابية، التي ترسم صوراً زاهية في أذهانهم.
فإذا قال المدرب كلمة طيبة، مثل كلمة «شجرة»؛ فإن المتدرب يرى صورة شجرة في ذهنه، ولا يرى الأحرف التي تتألف منها كلمة شجرة؛ حيث لا يرى حرف الشين، ولا الجيم، ولا التاء المربوطة؛ لذلك على المدرب المتألق أن يختار الكلمات الإيجابية في دوراته التدريبية؛ كي ترسم صوراً إيجابية في أذهانهم.
ففي إحدى الدورات، قلت للمتدربين: لا أريد منكم أن تتخيلوا صورة وردة حمراء في أذهانكم، ثم سألتهم: ماذا ترون في مخيلتكم؟ فقالوا كلهم: نرى صورة وردة حمراء! إذن، الكلمات ترسم صوراً في أذهان المتدربين رغم أنوفهم!
والتمرين التالي يساعد المدرب على انتقاء الكلمات الإيجابية، فقل للمتدربين الكلمات الإيجابية التالية، ولا تقل خلافها:
– قل: اطمئن، ولا تقل: لا تقلق.
– قل: أجر وعافية، ولا تقل: «ما تشوف شر».
– قل: يبدو أن الأمر سهلاً، ولا تقل: من الصعوبة بمكان.
– قل: نحاول تنفيذ الأمر، ولا تقل: هذا الأمر مستحيل.
– قل: إن الأمر فيه سعة، ولا تقل: لقد ضاقت السبل.
– قل: إن رسوم هذه الدورة استثمار في نجاحك، ولا تقل: رسوم هذه الدورة عالية.
– قل: إجراءات القبول في هذه الدورة ميسرة، ولا تقل: إجراءات القبول طويلة.
– قل: قد يسعفني الوقت، ولا تقل: قد يداهمني الوقت.
– قل: مادة هذه الدورة ميسرة، ولا تقل: قد يجد بعضكم صعوبة في فهم هذه الدورة.
– قل: اتباعك لإرشادات هذه الدورة مفيد، ولا تقل: احذر من مخالفة لوائح هذه الدورة.
– قل: إدخال المرح في الدورة هدفنا، ولا تقل: الدورة جادة، واحذر من الملل!
– قل: عليك بالسكينة والتأني، ولا تقل: لا تستعجل.
– قل: أبشروا، الهواء في هذه القاعة منعش، ولا تقل: قد تأتينا روائح نتنة من الخارج.
– قل: حضورك مبكراً يسعدني، ولا تقل: لا تتأخر عن موعد الدورة فإنه يؤلمني.
– قل: هناك حل يرضيك، ولا تقل: هناك مشكلة تؤذيك.
– قل: توقيعك هنا وسام على صدري، ولا تقل: وقع هنا حتى لا تحسب غائباً.
– قل: وجودك معنا يسعدني، ولا تقل: غيابك يؤلمني.
– قل: لتكن ضمن هذا الفريق، ولا تقل: لا تكن وحيداً.
.. والمتفائل الذي يستعمل الكلمات الإيجابية التي ترسم صوراً زاهية بأذهانهم
وإليكم هذا المثال: في إحدى الدورات لشركة مستشفيات الضمان الصحية، وكانت الدورة بعنوان «التميز في خدمة العملاء»، طلبت من المتدربين سرد عبارات في كيفية مخاطبة المرضى؛ سواء عبر مركز الاتصالات التابع للشركة، أو أثناء استقبالهم، أو أثناء زيارة الممرضات والأطباء لهم، أو أثناء تلقيهم للعلاج، أو أثناء تسريحهم من المستشفى، أو أثناء متابعة أحوالهم بعد أن يمن الله تعالى عليهم بالصحة والعافية.
فجاءت الإجابات كما يلي:
– حياك الله، معاك مستشفى ضمان، أرجو أن يكون يومك سعيداً، كيف يمكنني أن أخدمك.
– اطمئن، إجراءات الدخول للمستشفى ميسرة، ونحن نسعد بوجودك معنا.
– اتباعك للإرشادات الصحية مفيد، وحضورك إلينا مبكراً يسعدنا.
– توقيعك على هذه الورقة وسام لنا، وسوف نتذكرك دائماً بالخير.
– سوف تجد ما يرضيك في مشفانا؛ من تميز في الخدمة، وطعام صحي، وهواء منعش، ونظافة ذات جودة عالية.
– سوف تجد من يساعدك على إجراءات الخروج من المستشفى.
– سوف تجد من يتصل بك، ويتابع ظروفك الصحية.
– السكينة والتأني في التشخيص شعارنا.
– رسوم العلاج تجلب لك الصحة والعافية بإذن الله تعالى.
– خبرات أطبائنا فخر لنا، والجهاز الطبي المساند لهم وسام على صدورنا.
وعلى هذا الأساس، إذا أراد المدرب المتألق أن يكون ناجحاً فعليه أن يكون إيجابياً، ويتجنب استعمال الكلمات السلبية.