منذ أكثر من نصف عام، انهارت منظومة الأمن الغذائي لسكان القطاع الذين يتجاوز عددهم 2.3 مليون نسمة، وباتوا يعانون من المجاعة وسوء التغذية مع تشديد الاحتلال للحصار ومنعه تدفق المواد الغذائية، وتدمير شامل لكل المنظومة الزراعية والإنتاجية بكل أنواعها.
وتسبب تدمير منظومة الأمن الغذائي لأهالي غزة في انتشار المجاعة التي حصدت أروح العشرات من الأطفال وكبار السن، وسط عجز من المنظمات الدولية عن نقل الغذاء والدواء والمياه للمحاصرين في القطاع، وذلك بفعل سياسة التجويع الممنهجة التي يرتكبها المحتل بحق الأطفال والنساء.
تدمير سلة غذاء القطاع
ويؤكد رئيس المركز العربي للتطوير الزراعي محسن أبو رمضان لـ«لمجتمع» أن الاحتلال دمر 95% من منظومة الأمن الغذائي في قطاع غزة، خلال عدوانه المستمر على القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي، من خلال تدمير شامل للقطاعات الزراعية والحيوانية، والصناعية.
أبو رمضان: الاحتلال دمر 95% من منظومة الأمن الغذائي في غزة
وأضاف أبو رمضان أن القطاع سيبقى يعيش على إثر ذلك لسنوات طويلة، خاصة أن الاحتلال الغاشم أقام ما يسمى بالمنطقة العازلة بعمق يزيد على 1500 متر من بيت لاهيا شمالاً حتى مدينة رفح جنوباً، مشيراً إلى أن هذه المناطق كانت تشكل سلة خضار وفواكه القطاع، وإعادة التأهيل تحتاج لسنوات طويلة.
وبين أن القطاع الزراعي والحيواني كان يشكل ما نسبته أكثر من 80% في الحصول على الأمن الغذائي خاصة في الخضار واللحوم والأسماك، وتدمير هذه القطاعات بشكل متعمد أدخل أهالي قطاع غزة في مجاعة حقيقية، وهذا ما تم حدوثه على أرض الواقع، خاصة في شمالي القطاع، الذي يشكل اعتماد القطاع عليه بما يزيد على 60% من الثروة الزراعية والحيوانية.
ولفت إلى أن كافة المناطق الشرقية من بيت لاهيا شمالاً حتى رفح جنوباً بطول 64 كم، وبعمق يزيد على كيلومترين تم تدميرها وتجريفها خلال العدوان، وهي مناطق تعد الحاضنة الأساسية للأمن الغذائي.
وتابع أبو رمضان أن حالة الجوع التي تفشت في القطاع ناتجة بشكل أساسي لتدمير الاحتلال لهذه المناطق التي تتركز فيها معظم مقومات منظومة الأمن الغذائي لأهالي غزة.
عياش: 70 ألف أسرة فقدت مصدر دخلها بسبب تدمير الاحتلال منظومة الصيد
وأوضح أن خسائر منظومة الأمن الغذائي المدمرة تقدر بعشرات مليارات الدولارات، مؤكداً في الوقت ذاته تعمد الاحتلال تدمير المنظومة الغذائية حتى تبقى غزة تعاني من الجوع وانعدام الأمن الغذائي لسنوات طويلة.
تدمير قطاع الصيد
من جانبه، يشير نقيب الصيادين الفلسطينيين في غزة نزار عياش لـ«المجتمع» إلى أن الاحتلال الصهيوني الغاشم دمر كل منظومة الصيد من بيت لاهيا شمالاً حتى شواطئ رفح جنوباً، من خلال تدمير مراكب الصيادين وحرقها، ومنعهم طيلة أيام العدوان المستمر منذ أكتوبر الماضي من الصيد، وهذا تسبب في فقدان أكثر من 70 ألف أسرة من مصدر دخلها، وكذلك حرمان أهالي القطاع من الثروة السمكية.
وأضاف أن الاحتلال دمر ميناء الصيادين الفلسطينيين بشكل كامل الذي كان يضم أكثر من ألف مركب صيد، مشيراً إلى أن قطاع الصيد انهار بشكل كامل بفعل العدوان وتعمد الاحتلال تدميره.
سلاح التهجير
في سياق متصل، يؤكد رئيس الهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبدالعاطي أن الصهاينة منذ بدء العدوان الغاشم على قطاع غزة يستخدمون الطعام والشراب والدواء كسلاح لتهجير الفلسطينيين، من خلال منع دخول المواد الغذائية والأدوية لمدينة غزة وشمال القطاع، ووضع قائمة بأنواع الأطعمة التي قد يسمح لها بالدخول في بعض الأوقات.
عبدالعاطي: الصهاينة يستخدمون الطعام والشراب والدواء سلاحاً لتهجير الفلسطينيين
وأكد عبدالعاطي لـ«المجتمع» أن الصهاينة دمروا كافة مخازن الأغذية والمحال التجارية في قطاع غزة، وذلك بهدف تجويع الأهالي لدفعهم للهجرة، مبيناً أنه حتى المخابز لم تسلم من القصف الصهيوني، فقد دمر الاحتلال 90% من مخازن القطاع.
وأشار إلى أن كل أنواع الأغذية نفدت من المحال التجارية، مبيناً أنه تم توثيق تسجيل وفاة 87 طفلاً ومسناً بالجوع، بسبب الحصار ومنع إدخال المواد الغذائية، مؤكداً أن غزة تعيش حالة من انهيار الأمن الغذائي بفعل سياسة التجويع الممنهجة من الاحتلال الصهيوني، لافتاً إلى أن سلاح التجويع وتدمير منظومة الأمن الغذائي لا تقل خطورة عن قصف الطائرات والمدفعية للأبرياء منذ بدء العدوان؛ مما تسبب في استشهاد وإصابة أكثر من 120 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء.
وطيلة 17 عاماً الماضية، خضع قطاع غزة لحصار صهيوني ظالم فاقم من حالة الجوع والحرمان، خاصة في أوساط مليون وربع المليون لاجئ فلسطيني في القطاع، معظمهم يعتمدون على المساعدات الإنسانية المقدمة لهم من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).