في خضم محنة احتلال الكويت من قبل القوات العراقية، برزت قصص بطولية لأبناء هذا البلد الطيب، ممن وقفوا بشجاعة ضد الاحتلال بطرق غير مسلحة، من بين هؤلاء الأبطال يبرز موقف العم عبدالعزيز أحمد الغنام ورفاقه، الذين قاموا بأعمال بطولية تستحق أن تروى.
التحديات وأعمال المقاومة
في كتاب «رجال في تاريخ الكويت» للأستاذ يوسف الشهاب، يروي العم عبدالعزيز بنفسه قصته، قائلاً: «لديّ ذكريات أليمة وصعبة عن أحداث تلك المحنة الكبيرة، ولكننا قدمنا ما يمليه علينا ضميرنا وواجبنا الوطني».
وقد تمثل دوره في إمداد رجال المقاومة العسكرية والمدنية بكل ما يحتاجونه من أموال، وعندما كانوا يسألونه عن إيصالات، كان رده دائماً: «الفلوس ليست أغلى من تحرير الكويت وعودة أهلها وشرعيتها إليها».
الضغط والترهيب
فرض المحتل سياسة التخويف على التجار، حتى منعهم من إتمام عمليات البيع دون وجوده، واستولى على البضائع بطرق الاحتيال، وعرض حياة المطالبين بحقوقهم للخطر، في موقف شهده العم عبدالعزيز، اشترت وزارة التصنيع العسكري العراقية بضاعة بمبلغ كبير بدنانير عراقية، فدفعه فوراً للمقاومة.
التهديد والمواجهة
فوجئ العم عبدالعزيز باتصال من شخص عراقي يهدده بزيارة غير معلومة الغرض؛ ما دفعه للاتصال بالمقاومة لاستعادة المبلغ، رغم عدم حضور العراقيين في اليوم التالي، أرجع العم المبلغ للمقاومة مرة أخرى نظراً لحاجتهم الماسة إليه.
اللحظات العصيبة
بعد ثلاثة أيام، حضر الجنود العراقيون مطالبين بالمبلغ، بجرأة وثقة، طلب منهم العم مهلة ثلاثة أيام لإحضاره، حينها، واجهته مشكلة توفير المبلغ الكامل، خاصة بعد صرف جزء منه من قبل المقاومة، لجأ العم إلى الاقتراض من زملائه، لكن دون جدوى، فاستذكر مبلغاً دفنه أخوه محمد في بداية الاحتلال داخل بيت أخيهم يوسف.
الحل والتحرر
استخرج العم المبلغ من الحفرة، وأضاف إليه دنانير كويتية ودولارات كان يحتفظ بها، ليتمكن أخيراً من توفير المبلغ المطلوب، وعندما حضر الجنود العراقيون مرة أخرى، سلمهم المبلغ، وحصل على إيصال بتوقيع علي حسن المجيد، يحمل تهديداً مبطناً.
النهاية السعيدة
حفظ الله العم عبدالعزيز من مكائد المحتل، ورغم خسارة الأموال، فقد كانت عودة الكويت أعز وأغلى، بهذه الأعمال البطولية، قدم العم عبدالعزيز أحمد الغنام نموذجاً رائداً في البذل والعطاء من أجل تحرير الوطن الغالي، مشعلاً بماله حياته وحياة أهله اللتين كانتا مهددتين بالخطر.
هكذا يظل موقف العم عبدالعزيز أحمد الغنام منارة تضيء دروب الوطنية والإخلاص، ملهماً للأجيال القادمة بحبه للوطن وتفانيه في خدمته.
___________________
المصدر: مقال د. عبدالمحسن الخرافي.