لعل من أبرز سمات الساحة السياسية الأمريكية ذلك التباين الواضح في الآراء والمواقف بين الديمقراطيين والجمهوريين في مجموعة واسعة من القضايا، من بينها الصراع العربي «الإسرائيلي»، وفي هذا السياق، أظهرت استطلاعات الرأي المتنوعة، من: مركز الأبحاث «بيو» (Pew Research Center)، و«Gallup»، مؤسسة «إبسوس» (Ipsos)، وغيرها، منذ بداية العدوان «الإسرائيلي» الأخير على غزة في أكتوبر 2023م، تباين الآراء بين الحزبين حول هذه الحرب في قضايا عدة.
فرغم أن الديمقراطيين والجمهوريين يشتركون في تحميل المسؤولية لحركة «حماس» بشكل أكبر عن اندلاع الصراع، فإن الجمهوريين هم الأكثر ميلاً لقول ذلك، حيث أظهر استطلاع جامعة «Quinnipiac» في 12 – 16 أكتوبر 2023م، أن أغلبية الجمهوريين بنسبة 85% قد حملوا المسؤولية لـ«حماس»، في مقابل 3% ممن حملوها لـ«إسرائيل»، و4% ممن حملوها لكلا الطرفين.
أما الديمقراطيون فمالوا بشكل أكبر إلى تحميل دولة الاحتلال المسؤولية بنسبة 66%، مقابل 14% ممن حملوها لـ«إسرائيل»، و7% ممن حملوها لكلا الطرفين.
أما في استطلاع «بيو»، ديسمبر 2023م، فقد كان الجمهوريون أكثر ميلاً لإلقاء اللوم على «حماس» بنسبة 73%، مقارنة بـ62% بين الديمقراطيين.
ومال الديمقراطيون أكثر إلى القول: إن «إسرائيل» بالغت في ردها، حيث أظهر استطلاع «NPR/PBS NewsHour/Marist National Poll»، في 11 أكتوبر 2023م، أن الجمهوريين بنسبة 39% هم أكثر ميلاً بـ3 مرات من الديمقراطيين؛ 13% للقول: إن الاستجابة لم تكن كبيرة بما فيه الكفاية، بينما مال الديمقراطيون بنسبة 28% أكثر من الجمهوريين، 13% إلى القول: إن الرد كان أكثر من اللازم، 44% من الجمهوريين مقابل 41% من الديمقراطيين يرون أن الرد كان مناسباً، أما في استطلاع مركز «بيو»، ديسمبر 2023م، فقد اعتبر 45% من الديمقراطيين أن دولة الاحتلال بالغت في عملياتها مقارنة بـ12% من الجمهوريين.
وكان الديمقراطيون هم الأكثر موافقة على تعامل إدارة بايدن مع الحرب، حيث أظهر استطلاع «NPR/PBS NewsHour/Marist National Poll» السابق أن 80% من الجمهوريين، و19% من الديمقراطيين، لا يوافقون على تعامل إدارة بايدن، في مقابل 77% من الديمقراطيين، و16% من الجمهوريين من الموافقين، ولاحقاً أظهر استطلاع مركز «بيو»، ديسمبر 2023م، أن 51% من الجمهوريين كانوا غير موافقين، في مقابل 44% من الديمقراطيين الموافقين!
كذلك، يريد الديمقراطيون من الولايات المتحدة أن تكون وسيطاً محايداً، بينما يطالبها الجمهوريون بأن تكون في صف «إسرائيل»، ففي استطلاع «Reuters/Ipsos»، بين 12-13 أكتوبر، مال الجمهوريون 41% أكثر من الديمقراطيين 37% إلى القول: إن على الولايات المتحدة دعم «إسرائيل»، بينما مال الديمقراطيون 38% أكثر من الجمهوريين 27% إلى أن عليها أن تكون وسيطاً محايداً، 21% من الجمهوريين و18% من الديمقراطيين يرون أن على الولايات المتحدة ألا تنخرط إطلاقاً في الصراع، بينما يرى 3% من الديمقراطيين و2% من الجمهوريين أن عليها أن تدعم الفلسطينيين، وبعد مرور ما يقارب 4 أشهر على بدء الحرب، أظهر استطلاع «Global Affairs-Ipsos»، في فبراير 2024م، أن الجمهوريين أكثر ميلاً لدعم «إسرائيل» 56%، مقارنة بالديمقراطيين 19%.
وبصورة عامة، تعكس النتائج الفجوة بين الحزبين في قضايا متعددة، التي تتداخل فيها الأيديولوجية والثقافة والمصالح، بما يؤثر على صنع السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وحتى في اختيار الرئيس الأمريكي القادم، فرغم أن بايدن قد ضمن ترشحه مرة أخرى عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية القادمة، في مقابل منافسه الجمهوري دونالد ترمب، فإنه قد يخسر أصوات العديدين من العرب والمسلمين، الذين كانوا من الممكن أن يدعموه سابقاً، في تعبير عن غضبهم إزاء سياسة بايدن تجاه الحرب على غزة حتى ولو كانوا يرونه أفضل من ترمب!