في حياة الأمم مواقف وبصمات لابد أن تسجل لتكون سيرة ذاتية يطلع عليها الجميع، عرفت الكويت بالعمل الخيري وجهودها الإنسانية التي أصبغت خريطة العالم بنقاط مضيئة فلا تكاد تخلو بقعة من العالم إلا وللكويت بصمة فيها.
في حياة الأمم مواقف وبصمات لابد أن تسجل لتكون سيرة ذاتية يطلع عليها الجميع، عرفت الكويت بالعمل الخيري وجهودها الإنسانية التي أصبغت خريطة العالم بنقاط مضيئة فلا تكاد تخلو بقعة من العالم إلا وللكويت بصمة فيها.
امتدت المسيرة منذ سنوات مضت عبر مؤسسات خيرية بلغت 10 جمعيات كبرى، بجانب عدد من المبرات والمؤسسات الاجتماعية التي تمارس دوراً إنسانياً وخيرياً ضخماً تجاوزت 180 مؤسسة وهيئة، وربما لا يكاد يوجد في الكويت بيت وعائلة إلا ولها مشروعها الإنساني وعطاؤها الخيري على اختلاف توجهات أبناء المجتمع.
أسباب كثيرة كتب فيها الكثير من المحققين والباحثين ومن يهتمون بهذا الشأن، وعدوا على رأسها طبيعة المجتمع الكويتي وما جبل عليه من التقارب والود بين أفراده، حتى قبل ظهور النفط، بجانب التجربة الديمقراطية التي شهدتها الكويت في الحياة السياسية، والتي فتحت الأفق أمام التسابق على التواجد المجتمعي بحرية، كما لم يغفل المتابعون للشأن الخيري طبيعة العلاقة بين المؤسسات الرسمية والخيرية والإنسانية في الكويت، فضمنياً هناك تقارب بين جهود العمل الإنساني الشعبي والأهلي وبين توجهات الكويت الرسمية تجاه المجتمع الدولي ودوله التي تتعرض خاصة للنكبات والكوارث.
قائمة التعذيب:
في صورة أخرى دللت على مدى حفاظ الكويت على الجانب الإنساني ووجهها الحضاري ، أشاد رواد التواصل الاجتماعي والمتابعون لخبر قائمة التعذيب التي نشرها الكونجرس الأمريكي في تقريره الذي أدان فيه استخدام “السي آي إيه” لوسائل تعذيب بدعم من دول كثيرة منها دول عربية لم تخلُ منها تقريباً سوى “الكويت، وقطر، وعُمان”.
وهو الموقف الذي صب في معين صنعته الكويت عبر تاريخها في النأي بعيداً عن القلاقل والتشابكات الدولية، وحفاظها على الدور المحايد والذي جعلها وسيطاً مقبولاً في غالب القضايا واللقاءات والاجتماعات الدولية، ويُعزى ذلك بشكل أساسي إلى أن الخلفية الدبلوماسية لصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وهو عميد الدبلوماسية العربية، حيث أثرت هذه الخلفية في سياسته الخارجية خصوصاً، وكان من ثمراتها تحقيق الكثير من المنجزات الكويتية والتي كان آخرها دوره في تحقيق المصالحة الخليجية، بجانب حصوله على لقب قائد إنساني، وهو لقب يمنح لأول مرة من قبل المؤسسة الأممية (الأمم المتحدة) لأحد رؤساء وملوك الدول.
الكويت عاصمة العمل الخيري:
بعد هذا التاريخ الحافل من العمل الخيري والإنساني، وبعد هذه المنجزات التي لا يستطيع أحد إنكارها، يتردد السؤال: أما آن للكويت أن تكون عاصمة للعمل الخيري؟ ليس باللقب وفقط، ولكن بخطوات واقعية تبدأ من تأسيس حاضنة رسمية لها لوائحها ونظامها الذي يتماشى مع القوانين الدولية، يُستقطب عبرها عمالقة العمل الخيري من مؤسسات وفواعل ومناشط وخاصة الوقف ومؤسساته الإسلامية، وتستطيع الكويت عبر ما لديها من إمكانات وقدرات أن يكون لديها ذلك، وأن تقوم على هذه المهمة، فلديها عناصر بشرية مؤهلة وخبرات تراكمية عبر سنوات من العطاء وعلاقات أممية واسعة بجانب نزاهة وشفافية بشهادات دولية وأممية.
وأخيراً حُق لأهل الكويت أن يفخروا بدولتهم وموقفها من اللائحة المشؤومة للتعذيب، فقد اختارت الكويت أن تكون في قائمة الإنسانية أكثر من أن تكون خارجها.