لم أفاجأ بما جرى لمخرج الفوتوشوب خالد يوسف، كان يظن نفسه آمناً على حجر الانقلاب العسكري الدموي الفاشي، حيث تحول إلى زعيم سياسي يقول والناس تسمع، ولكنه نسي أن الجنرال أعلنها بعد أن صعد إلى كرسي السلطة بأنه ليس مديناً بفواتير لأحد أياً كان!
الفواتير التي يطلبها الأنصار والأتباع بعد نجاح عملية الانقلاب لا محل لها لدى الجنرالات إلا بقدر السمع والطاعة والسير على الصراط العسكري المستقيم، ومن تنطبق عليه الشروط فهو في مأمن، ويلقى الرعاية في المناسبات المختلفة، أحد الكتَّاب طبق الشروط، فحظي بالرعاية الصحية خارجياً وداخلياً، ووضع في أفخم الأجنحة وزاره كبارهم، حتى لقي ربه، غيره ممن لا تنطبق عليه الشروط يئن ويصرخ ومعه الدنيا كي يلقى بعض ما لقيه الأول فلم يجد أذناً صاغية حتى الآن!
مخرج الفوتوشوب الذي حول ثلاثين ألفاً إلى ثلاثين مليوناً وأسهم في إسقاط الرئيس المنتخب ظن نفسه بطلاً، يتكلم عن الحرية والعيش والعدالة والكرامة والدستور، ولكن خاب ظنه فقد وجد نفسه في عصر”عودوا إلى مقاعدكم” وما قبله، وفاجأته الشرائط والفيديوهات وربما تظهر أشياء أخرى صحيحة أو غير صحيحة.. عندما كان يحتل وزارة الثقافة مع رفاقه برعاية أمنية، هدد الوزير الشجاع علاء عبدالعزيز – أول وزير يبسط سجادة الصلاة في وزارة الثقافة – بأنه يملك عليه سيديهات مشينة ولم يكن ذلك صحيحاً، وكله سلف ودين وما ربك بظلام للعبيد!
لن يكون خالد يوسف آخر من يسقط أو يذبح في معركة الفواتير غير المستحقة، فقد سبقه عدلي منصور حيث أعلن بشكل غريب اعتذاره عن رئاسة برلمان مرجان أو برلمان الكنيسة والمخابرات، ومن قبله هرب البرادعي حين استشعر النهاية، وخرج الببلاوي وزياد غير مأسوف عليهما وذهبا مع الريح، أما الحاج عمرو موسى صديق الغزاة اليهود فقد هبط إلى قاع الصمت والهدوء.
المناضل ورجل القانون وعضو التنظيم الطليعي وزعيم 9 مارس حسام عيسى الذي كان ينتفض شجاعة وقوة وهو يعلن أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، مع يقينه أن ما يقوله غير صحيح، ذهب إلى عالم النسيان، ولكنه للأمانة أصدر مؤخراً بياناً أو تصريحاً قصيراً يتضامن فيه مع مخرج الفوتوشوب ويمدح الجنرال ويذم الإخوان التي تمارس إرهاباً شنيعاً، حسب تعبيره، ويبدو أنه يريد أن ينتظر شيئاً بتصريحه القصير؛ دون أن يكون فاتورة مستحقة، المهم أن يصل هذا الشيء ولو كان التعيين في برلمان مرجان أو برلمان الكنيسة والمخابرات.
الحاج السيد البدوي، زعيم حزب الوفد الجديد، وصديق رجل الأمن الذي أخبره بمذبحة الإخوان قبل وقوعها كما جاء في التسريبات؛ لم ينل شيئاً ذا قيمة في انتخابات “محدش راح”، ومن حين لآخر ينازعه أحدهم في رئاسة الحزب الورقي ذي الأمجاد العريقة، ولا أحد يدري هل سيواصل طريق الزعامة الوفدية بعد تقديم التنازلات الكثيرة والانقلاب على النظام الديمقراطي وتأييد النظام العسكري أو ستتم الإطاحة به، فالفاتورة التي يطالب بها غير مستحقة.
أصحاب اللحى التايواني تآمروا على الرئيس المسلم، وظنوا أنهم سيرثون الجماعة الكبرى التي ذبحها العسكر، ولكنهم – يا للعار – تنازلوا عن كل شيء يتعلق بقضية الإسلام دون مقابل، لم يعودوا يتكلمون عن تطبيق الشريعة، وسكتوا عن حذف (المادة 219) في دستور زليخة، وكانوا يعلنون أن حذف هذه المادة دونه الرقاب! ولكن رقاب الآخرين هي التي قطعت من أجل الإسلام، لقد ظنوا أنهم سيكتسحون الانتخابات المرجانية ففاجأتهم الكنيسة والمخابرات بقائمة تكتسحهم ولم تبق منهم إلا “فاسوخة “على جبهة مرجان أحمد مرجان، ثم الصداقة الحميمة مع دولة الكنيسة وتهنئتها في السراء وتعزيتها في الضراء، وترشيح أتباعها ومنهم سافرات على قوائمهم، وبالطبع تم نسيان الأخوات المحبوسات في بيوت الخدمة.
ومؤخراً اتّهم صاحب اللحية الطويلة والزبيبة الكبيرة بأنه على علاقة مع “داعش”! ثم تمّ منعه من الخطابة في المساجد نهائياً، أي أن فاتورة اللحى الخائنة، لا تمنح أصحابها إلا العار والشنار، ولعنة كتاب البيادة ورب العباد!
مناضلو 6 أبريل الذين انحازوا إلى الانقلاب العسكري كراهية في التيار الإسلامي، أدركوا مبكراً أن الديمقراطية لا محل لها في حكم البيادة، فحاولوا أن يمارسوا السياسة كما كانوا في عهد الرئيس المسلم الأسير محمد مرسي – فك الله أسره – ولكنهم فوجئوا بمن يحنو عليهم ويدخلهم الفنادق خمس نجوم في طره وضواحيها!
أما الهانم تهاني صديقة الهانم سوزان – وكانت تعلن وتهيئ نفسها لتكون الرجل الثاني بعد الجنرال برئاسة برلمان مرجان – فقد رجعت بخفي حنين، وخسرت قائمتها كل شيء، ولم يشفع لها وجود رجل مخابرات سابق إلى جانبها، وتستعد الآن لإقامة تشكيل جديد يعتمد على التنظيم الطليعي بمقاييس صلاح نصر، ليتعلم الشباب كيفية كتابة التقارير إياها والولاء للزعيم الملهم!
في مواقف الزعماء أصحاب الآراء شبه المستقلة، فإن د. عبدالجليل مصطفى، ود. محمد غنيم، ود. محمد أبو الغار وبقية الفريق المشابه، فحالهم لا يخفى على أحد، وأعتقد أنهم الآن في طريقهم للتصديق أن الانقلاب على الديمقراطية لصالح الحكم العسكري جريمة لا تطهرها مياه الأنهار ولا البحار.
لدينا الآن زعماء من قبيل حمدي الفخراني، رئيس جمعية مكافحة الفساد، الذي رفع الحذاء على الشاشة في وجه محمد مرسي بعد أن انتهي من خطابه الأخير قبل الانقلاب، فإن وضعه الحالي يستحق الرثاء والتعاطف الإنساني في المحنة.
الزعيم الناصري المناضل الثوري الكبير جداً عبدالحليم قنديل الذي صور محمد مرسي منبطحاً على ظهره وفوق بطنه حذاء بيادة بحجم الصفحة الأولى من جريدته ولم يؤاخذه أحد، منعه الانقلاب من السفر وصادر جريدته، فعدّ ذلك وجهة نظر!
الروائي علاء الأسواني الذي شبه قائد الانقلاب بالجنرال أيزنهاور في عبقريته العسكرية الفذة، وسافر إلى باريس ليدافع عن حكم العسكر ويهجو الديمقراطية التي جاءت بالرئيس المسلم، مُنعتْ ندوته ورفضت الصحف التعاقد معه.
أما عبدالحي عزب الذي هدد بقصف الرقاب وسلم البنات الطاهرات إلى سجون الانقلاب فقد تمت إقالته، ولا بد أن تتخلى السيدة حرمه عن منصب المستشار!
بالطبع ذاق السنّيد والمسلماني وأبو عيطة والبرعي ومصطفى النجار وممدوح حمزة وعصام حجي وتوفيق عكاشة وحازم عبدالعظيم وغيرهم بعض العسل!
الله مولانا، اللهم فرج كرب المظلومين، اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!