كنت دائماً أحلم أنه لو صار عندي بيت خاص بي أن أجعل القسم الأكبر والأجمل والأكثر نشاطاً وإشراقاً فيه مكاناً للعب أولادي وتعليمهم, وأن ألغي تماماً فكرة غرفة «الضيوف»، هذه الغرفة التي بدل أن تستخدمها العائلة العربية لحاجاتها وتفسح لها ولأولادها نظراً لضيق مساحات البيوت في بلادنا, بدلاً من ذلك كانت تقتطع أكبر وأجمل غرفة في البيت ويصرف عليها من الفخفخة والأبهة لتكون واجهة كاذبة لضيف (يعرف تماماً أنها واجهة كاذبة) قد يأتي مرة في الشهر وقد لا يأتي!
من أجل ذلك الضيف المزعوم يحشر أفراد العائلة السبعة في غرفتين وصالون فقط لتبقى غرفة الضيوف مغلقة! وكأن ضيفك لا يجلس مكان ما تجلس أنت ولا يأكل مثل ما تأكل أنت!
عندما رزقنا الله هذا المنزل كانت أول غرفة جاهزة فيه هي غرفة ألعاب لابنتي، اقتطعنا مساحة 15 متراً مربعاً في منتصف البيت بدل الـ Breakfastarea بحيث تكون مساحتها الخاصة تفعل فيها ما تشاء بدون أنْ تسمع كلمة «لا» على أي شيء.
طريقة الألعاب التي أستخدمها هي طريقة «المونتسوري», بحيث كل فترة أضع لها عدة ألعاب لمدة شهر، بعدها أخبئ هذه الألعاب وأحضر ألعاباً أخرى لنفس المدة، بعد ذلك أخبئها وأعيد الألعاب القديمة التي بالنسبة لها هي الآن ألعاب جديدة؛ لأن الطفل يمل وينسى بعد فترة، وهكذا تلعب بنفس الألعاب كل فترة.
في البداية، اشتريت لها مكتبة لأضع فيها الكتب، لكن ما وجدته أن الطفل بصري جداً ولا يقرأ ولا يهتم إلا بما يشاهده أمام عينيه ولا يهتم كثيراً بالأشياء المخزنة في المكتبة؛ وبالتالي قمت بطريقة عرض الكتب تحت النوافذ وتوزيعها على الطاولة وبين الألعاب؛ بحيث يكون ظاهراً وأحياناً مفتوحاً؛ لتشعر أنها جزء ممتع تماماً كالألعاب.
لوح الطبشور في الخلف، والمغناطيس من الأمام أنصح به بشدة، معظم سهراتنا تكون عليه، نكتب ونرسم ونلوّن عليه.
وهكذا تكون غرفة اللعب والشقاوة منفصلة عن غرفة النوم ذات الألوان الهادئة والجاذبة للنوم فقط، أما غرفة الألعاب أصحبت في الحقيقة غرفة لكل العائلة! حتى الغداء والعشاء أصبح لا يؤكل إلا على هذه الطاولة الصغيرة، حتى غرفة الجلوس ما عدنا نجلس فيها!
استثمار ناجح مائة بالمائة!
من صفحة «عمارة من أجل الإنسان»