رفضت عائلات الأسرى التقليصات التي أجراها الصليب الأحمر على جدول الزيارة للأسرى في السجون منذ مطلع الأول من شهر يوليو الماضي، ولم تتوقف الزيارات الدورية للسجون، وكان لهذا الإصرار تبعات اقتصادية أرهقت العائلات بتكاليف إضافية.
رئيس لجنة أسرى القدس أمجد أبو عصب قال لـ”المجتمع”: الاحتلال أرهق المقدسيين بالعقوبات الاقتصادية من غرامات مالية ومخالفات على المنازل والمحال التجارية، وتضييق على المقدسيين في كل مجالات الحياة، ويأتي قرار الصليب الأحمر الانسحاب من المشهد ليزيد الوضع سوءاً على المقدسيين وخصوصاً عائلات الأسرى، التي تعاني في الأصل من حرب شرسة من قبل أجهزة امن الاحتلال.
وأضاف أبو عصب: تكاليف الرحلة على العائلة المقدسية خلال الزيارة التي تكون على نفقتهم الخاصة 70 شيكلاً لكل فرد، فإذا كانت العائلة مكونة من 5 أشخاص يكون المبلغ 350 شيكلاً، وهذا إرهاق إضافي لعائلة الأسير المقدسي، ومع ذلك هناك إصرار من قبل العائلات على مواصلة الزيارة مهما كانت التكاليف، حتى لا يكون لدى الاحتلال ذريعة باقتصار الزيارة لمرة واحدة في الشهر.
ولفت أبو عصب إلى أن عدد الأسرى المقدسيين 520 أسيراً مقدسياً بينهم 120 طفلاً و10 أسيرات، يتحمل الصليب الأحمر زيارتين للأسرى الأطفال والأسيرات بينما مرة واحدة لباقي الأسرى الـ420 من الأسرى.
علاء الشرباتي، نجل الأسير أيمن الشرباتي، أكد لـ”المجتمع” أنه لن يتوقف وعائلته عن زيارة والده في سجن جلبوع مرتين في الشهر وتحمل أعباء الرحلة، فوالده قضى 18 عاماً خلف القضبان ومحكوم بالسجن المؤبد لتنفيذه عملية أدت لمقتل مستوطن.
د. ناجح بكيرات، والد الأسير مالك بكيرات، الذي أمضى 16 عاماً حتى الآن ومحكوم 19 عاماً قال لـ”المجتمع”: الزيارة لها تأثير على نفسية الأسير، والصليب الأحمر عندما اقتصر الزيارة لمرة واحدة، فهو ساعد الاحتلال سواء بقصد أو غير قصد على الانتقام من الأسرى وحرمانهم من فوائد الزيارة وتأثيراته النفسية الإيجابية على الأسير وعائلته، لذا رفض المقدسيون هذا التقليص ويقومون بتنظيم الزيارة كل أسبوعين للحفاظ على بقاء هذا الإنجاز، فالزيارة جزء من الإفراج عن المشاعر المكبوتة لدى العائلات والأسرى معاً.
ورفض بكيرات قرار الصليب الأحمر باعتباره يزيد من أعباء العائلات المقدسية التي تعاني الأمرين من إجراءات الاحتلال، فكل شيء في القدس مستهدف، وعائلات الأسرى تعاني الملاحقة الأمنية والاقتصادية ويأتي قرار الصليب ليزيد الوضع قساوة.
بدوره، عاد أمجد أبو عصب للحديث عن استغلال الاحتلال انسحاب الصليب الأحمر من المشهد قائلاً: مصلحة السجون تستغل ها الانسحاب وتجبر الأهالي التنسيق معها مباشرة، وهنا تدخل المزاجية والمماطلة من قبل مصلحة السجون والتحكم بالعائلات بطريقة عنصرية، كون الزيارة غير منسقة مع الصليب الأحمر، وهذا يترك المجال لضباط مصلحة السجون وضع المعيقات وإدخال عائلات وحرمان أخرى بدون أسباب، وهذا يزيد من ألم العائلات المقدسية وذويهم من الأسرى.
طقوس الزيارة
ورغم أعباء الزيارة المادية، فزيارة أهالي الأسرى في القدس لذويهم في السجون الصهيونية، لها طابع خاص، فهي تنطلق من المسرى، المسجد الأقصى إلى سجون الاحتلال، ويقبع في السجون المئات من الأسرى المقدسيين.
المقدسي علاء الشرباتي، صلى الفجر في المسجد الأقصى قبل الانطلاق إلى زيارة والده في سجن جلبوع، وظهرت عليه سعادة لا توصف كون رحلة الزيارة انطلقت من مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلوب عائلات الأسرى في المسرى قبل انطلاق الرحلة، يصفها البعض بالرحلة بين حبيبين، وعائلات الأسرى الجسر الذي يصل بينهما.
أمجد أبو عصب يقول عن هذه الطقوس: المقدسيون لديهم إصرار وتحدٍّ على مواصلة الزيارة، كي يكون التواصل مع الأسرى بشكل دائم، وهم ينطلقون من المسجد الأقصى في صلاة الفجر متوجهين إلى أبنائهم بعد أن قنطوا في صلاتهم لفك أسرهم والإفراج عنهم.
وأضاف أبو عصب: أهالي أسرى القدس زيارتهم لها طقوس خاصة، فهم يتجمعون قبل موعد الحافلة في ساحات المسجد الأقصى وبعدها ينطلقون يلهجون بألسنتهم وقلوبهم إلى الله، للتخفيف عن الأسرى، ويمكن مشاهدة الوجع في عيونهم، فأسرى القدس يتعرضون لهجمة من قبل مصلحة السجون تأخذ الطابع الانتقامي منهم.
وأوضح أبو عصب: لابد من وقفة جادة تساند عائلات الأسرى المقدسي الذين يتعرضون لهجمة شرسة أثناء توجههم للزيارة والمعاملة السيئة على أبواب السجون دون مراعاة للنساء والأطفال والمرضى، ويتحملون التكاليف المادية رغم أوضاعهم الاقتصادية السيئة.
ويشرح د. ناجح بكيرات عن زيارة المقدسيين لأسراهم في لقاء مع “المجتمع”: نحن نتحدث عن زيارة تنطلق من مكان مقدس لأصحاب قضية مقدسة خلف القضبان، فهي رحلة بكل ما تعنيه الكلمة من طهارة وقداسة، لذا فالعائلات المقدسية دأبت على أن تكون نقطة الانطلاق من المسرى، ونشاهد في هذه الرحلة الدموع من العيون بعد الانتهاء من الصلاة، لعل الله يأتي بالفرج القريب.