خلال المعركة الانتخابية التي خاضها الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، كرّر وعده لـ “إسرائيل” بنقل السفارة الأمريكية من “تل أبيب” إلى القدس المحتلة.
ويعتبر هذا القرار بمثابة اعتراف أمريكي بأن القدس عاصمة دولة الاحتلال، وهو ما يتنافى ويتناقض كليًا مع كل المنظمات التابعة للأمم المتحدة والشرائع الدولية التي تعتبر بأن “القدس أرض محتلة”.
خط أحمر
واستبعد محللون سياسيون وشخصيات دينية، أن يتم نقل السفارة الأمريكية إلى شرقي القدس، معتبرين أنها خط أحمر، ولعب بالنار وحرب على المسلمين وإسقاط حقهم في المدينة المقدّسة.
وقال المحلّل السياسي، ياسين عز الدين: إن مدينة القدس تعتبر ركنًا أساسيًا في المشروع الصهيوني، ولهذا اهتم الصهاينة بتهويدها، وإسكان عدد كبير من المستوطنين فيها منذ سنوات الاحتلال البريطاني الأولى.
وأضاف عز الدين أن الاحتلال يصبُّ اهتمامه في تثبيت وجوده في القدس، إلى جانب تثبيت ضم “القدس الشرقية”، بما فيها المسجد الأقصى المبارك، الذي تجري فيه المشاريع التهويدية بشكل حثيث.
مؤكدًا: عملية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس، ستساعد الاحتلال في إقناع باقي دول العالم على الاعتراف بالمدينة كعاصمة للدولة العبرية.
واستدرك: وهو ما يعني إضافة الشرعية على مخططات الاحتلال في القدس والأقصى، ولذلك اختاروا موقعًا للسفارة في القدس الشرقية، للتأكيد على أنها جزء لا يتجزأ مما يسمونه بدولة “إسرائيل”.
ورأى المحلل السياسي الفلسطيني أن وجود ترامب في الرئاسة الأمريكية وانحيازه التام واستعداده لخرق السياسات التقليدية الأمريكية الرافضة لنقل السفارة، سيُترجم ذلك وسيتم النقل بشكل فعلي.
ولفت النظر إلى أن الكونجرس ومنذ سنوات قرر نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس، لكن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين كانوا يؤجلون عملية النقل حتى لا يعتبر ذلك خطوة عدائية تجاه حلفاء أمريكا العرب.
متابعًا: من الصعب التنبؤ بنقل السفارة في عهد ترامب، لكن هناك احتمالاً كبيراً بأن ينجح الصهاينة في ذلك.
مخالف للقانون الدولي
واستبعد الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، حنا عيسى، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس بسبب الإشارات التي وصلت من قبل مستشارين أمريكيين من خلال تصريحات لهم عبر وسائل الإعلام، بأنه مجرد حديث لا أكثر.
وبيّن أن تحاول “خلط الأوراق” في منطقة الشرق الأوسط، للاستفادة من اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، الضاغط على السياسة الداخلية والخارجية في الأمم المتحدة.
وتابع عيسى: أمريكا عندما قررت نقل السفارة الأمريكية عام 1995م، أخذت قرارًا بأنها لا تريد نقل السفارة من تل أبيب للقدس، إلا حين يتم حل القضية الفلسطينية، متذرعة بتمديد ذلك كل ستة أشهر.
ولفت النظر إلى أن القرار (181) نصّ على أن القدس بشقيها تحت وضع خاص، وعندما احتلت “إسرائيل” الجزء الغربي من المدينة عام 1948م، واستكملت ذلك عام 1967م لم يعترف لها العالم.
متابعًا: وعندما قام الاحتلال بضم القدس عام 1980م بقرار من “الكنيست”، صدر قرار مجلس الأمن (478)، الذي طالب فيه الدول بسحب بعثاتها الدبلوماسية من القدس.
وأوضح أنه ضمن اتفاقيات أوسلو بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين”، تم الاتفاق على أن لا يتم المس بالقدس، على اعتبار أنها جزء من الأراضي المحتلة، والقدس الغربية ستكون لهم في حال تطابق الإرادتين الفلسطينية و”الإسرائيلية” فقط، وكذلك قرارات مجلس الأمن واتفاقية جنيف الرابعة التي نصّت على ذات الأمر.
وأكّد عيسى أن منظمة “اليونيسكو”، الجمعية العمومية، مجلس الأمن، مجلس حقوق الإنسان وكل المنظمات التابعة للأمم المتحدة تعتبر أن القدس الشرقية أرض محتلة، ولذلك ما تقوم به الولايات المتحدة مخالف للقرارات التي صادقت عليها والاتفاقيات التي رعتها.
وبيّن أن كل ما يصدر عن الإدارة الأمريكية بنقل سفارتها من تل أبيب للقدس مخالف للقانون الدولي ولقرارات الشرعية والاتفاقيات الثنائية بين “إسرائيل” ومنظمة التحرير الفلسطينية.
مضيفًا: نحن كفلسطينيين باسم الرئيس محمود عباس، موقفنا واضح جدًا في منظمة التحرير الفلسطينية، فالقدس الشرقية خط أحمر، وهي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وبدونها لا يوجد أي حل.
وكانت صحف عبرية قد نشرت مؤخرًا نقلًا عن رئيس بلدية الاحتلال نير بركات، ونائبه مئير ترجمان، قولهما: إن جهات أمريكية اتصلت بهما للعثور على مكان ملائم لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
لكن ما تسمّى بـ”جهات التخطيط” في القدس، تقول: إن إجراءات نقل السفارة إلى العاصمة لا تحتاج لإنشاء مبنى جديد، وحسب ادعائهم فإن مبنى القنصلية الأمريكية في القدس، تم تخطيطه مسبقًا بشكل يمكن تحويله إلى سفارة، وهذا ما يعني أن كل ما يجب أن تفعله الولايات المتحدة هو تغيير اللافتة وأمر السفير بنقل مكتبه إلى مبنى القنصلية في القدس.