تفرض سلطات الاحتلال على المقدسيين إجراءات أمنية صامتة، لها نتائج كارثية على حياتهم الخاصة والمسجد الأقصى بشكل عام.
المنع من السفر سيف مصلت تستخدمه مخابرات الاحتلال في قمع المقدسيين، وشل حركتهم وتُمدد المنع باستمرار بزعم الضرر الأمني من السفر على دولة الاحتلال.
المحلل المقدسي ناصر الهدمي، والمعلمة خديجة خويص، والخبير د. جمال عمرو، تم تمديد منعهم من السفر قبل أسبوع لمدة 6 أشهر إضافية بزعم الخطر الأمني من هذه الشخصيات.
حرب صامتة
ناصر الهدمي يقول لـ”المجتمع”: أنا ممنوع من السفر منذ عام 1995م بعد عودتي من أمريكا عام 1992م، واعتقالي لمدة عامين في سجون الاحتلال، ومنذ ذلك الوقت سمح لي بالسفر إلى تركيا لمرة واحدة خلال العشرين عاماً السابقة، وفي مساء يوم الرابع عشر من الشهر الحالي تلقيت اتصالاً من ضابط المخابرات يخبرني بتمديد منع السفر لمدة شهر ومن ثم إلى 6 أشهر.
ويضيف الهدمي: منع السفر حرب صامتة بامتياز تشل حياة الشخصيات المقدسية التي تتحرك من أجل قضية القدس، فعلى الصعيد الشخصي يشكل منع السفر ضغطاً نفسياً كبيراً، وعلى صعيد المسجد الأقصى يتم حرمان الصوت المقدسي من المشاركة في مؤتمرات تخص القدس والمقدسات، وهذا أعظم خطر على القدس، فالشخصية المقدسية التي تعايش الاحتلال وتفاصيل إجراءاته قادرة على إيصال رسالة القدس في هذه المؤتمرات والندوات والفعاليات المساندة والمناصرة.
عائق مرير
وترى المعلمة خديجة خويص أن منعها من السفر شكل لها عائقاً مريراً لمشاريعها الخاصة، وأهمها السفر لأداء مناسك العمرة وفريضة الحج، والسفر لإنجاز جوازات سفر لبناتها في الأردن.
وقالت لـ”المجتمع”: أنا اعتقلت من قبل الاحتلال 10 مرات؛ منها 4 مرات مبيتاً مع غرامة مالية، وفي كل اعتقال يكون هناك امتهان للكرامة وانتهاك للحقوق، وتم منعي من السفر 5 مرات متتالية، كوني معلمة في مدارس الأوقاف وداخل المسجد الأقصى يتم وضعي في دائرة الاستهداف الأمني أنا وعائلتي، وعلى صعيد القدس يهدف الاحتلال إلى إسكات صوت المقدسيين في كل المحافل الخارجية، فهم لا يريدون أن يكون هناك مقدسي في الميادين الخارجية يشرح للعالم ماذا يجري على الأرض في القدس وداخل المسجد الأقصى، والتهمة المفبركة أنني أسافر بهدف تمويل حركة “حماس”، وهذه التهمة كبيرة لو كان فيها جزء بسيط من الصدق لكنت داخل المعتقلات، فالمقدسي يحارب في كل شيء، ووزير داخلية الاحتلال يفبرك التهم حتى يبرر خنق الشخصيات المقدسية بذريعة أمنية في محاولة يائسة منه تبرير الإجراءات العنصرية ضد المقدسيين تقول المعلمة خديجة خويص.
عنصري ومقيت
ووصف رئيس الهيئة الإسلامية د. عكرمة صبري الذي منع من السفر مرتين هذا الإجراء بالعنصري والمقيت، ويتسبب في أضرار مباشرة وغير مباشرة للمقدسيين والقدس المحتلة.
وقال لـ”المجتمع”: الحاخام المتطرف العنصري إيهودا غليك عندما منع من اقتحام المسجد الأقصى عوضته المحكمة “الإسرائيلية” بأكثر من نصف مليون شيكل، بينما المقدسي يبعد عن الأقصى ويمنع من السفر ويتحمل الأضرار النفسية، وشل حياته الخاصة، ووضع العراقيل أمامه لنصرة المسجد الأقصى من قبل دولة الاحتلال.
عذاب متراكم
وشرح الممنوع من السفر الخبير المقدسي د. جمال عمرو للمرة الرابعة منذ قرابة العامين، وتم تجديد المنع قبل أسبوع بحقه قائلاً: المنع من السفر بالعذاب المتراكم والحكم الإداري العنصري الذي تعرف أوله ولا تعرف آخره.
وقال لـ”المجتمع”: منع السفر يشبه نزع الأكسجين عن المريض، فهو إعدام بطيء وكمن يخرج السمكة من الماء، فالاحتلال عذبنا في النكبة وعمل على تهجيرنا وعذبنا بالجدار العنصري، واليوم يعذبنا بالمنع من السفر بحجج واهية ومن مستويات عليا في الدولة العبرية.
وأضاف: استذكر في هذا اللقاء اليهودي سخاروف الذي منعه الاتحاد السوفييتي سابقاً من السفر إلى دولة الاحتلال، وكيف أن مجلس الأمن تدخل في قضيته وقام الاحتلال ولم يقعدها نتيجة منعه من السفر، بينما نحن لا بواكي لنا، ونمنع من السفر بذريعة مزيفة وواهية، ويتم قطع صلاتنا العلمية والثقافية مع المحيط الخارجي.