رد الأردن، أمس الجمعة، على الرئيس السوري بشار الأسد بعد تصريحات للأخير شككت في أن الأردن «دولة مستقلة»، وزعمت أن القوات العسكرية الأردنية تستعد بقرار أمريكي لدخول الأراضي السورية.
ولجأ الأردن إلى أسلوب غير مسبوق في تاريخ الأزمة السورية عندما عبر الناطق الرسمي وزير الدولة لشؤون الاتصال د. محمد مومني عن استغرابه من الطريقة التي يتحدث فيها الأسد عن الأردن فيما لا يستطيع السيطرة على غالبية أراضي بلاده.
وكان وزير الخارجية أيمن الصفدي قد أبلغ «القدس العربي» في وقت سابق بعد ظهر الجمعة بأن الرد على تصريحات الأسد مهمة لا تخص وزارة الخارجية، مطالباً بانتظار رد الدولة الأردنية ممثلاً بوزير الدولة لشؤون الاتصال.
وتقصد الوزير المومني بوضوح الرد على ما وصفه بـ”تصريحات منقولة عن الأسد” عبر وكالة أنباء روسية بهدف ضبط ودقة التعبير عن الموقف الأردني.
واعتبر المومني أن ما نقل عن الأسد مرفوض ويدلل على حالة «انسلاخ» عن الواقع، ويدلل أيضاً على حجم التقدير الخاطئ لأبسط حقائق الأزمة السورية، وشدد قائلاً: «مؤسف أن يتحدث عن الأردن من لا يسيطر على جزء كبير من أراضي بلاده».
واستغرب المومني أن يتم الاعتقاد بأن أول دولة دعت للحل السياسي للأزمة السورية وأقنعت العالم بهذا الحل ستدفع الآن باتجاه الحل العسكري، وتلك إشارة مباشرة لاستبعاد سيناريو التدخل العسكري الأردني.
وأضاف المومني: الرئيس السوري يعلم أن الأردن في مقدمة من يوازن الأجندة الإقليمية والعالمية لغالبية أزمات المنطقة بسبب الاحترام الكبير الذي يحظى به، وبما يخدم قضية الشعب السوري والشعوب العربية ويحقن دماء الشعب السوري الشقيق.
وبين الوزير أن الموقف الأردني القومي والتاريخي من الأزمة السورية لا يزال ثابتاً؛ حيث يؤكد أهمية وحدة ترابها ويدعم الحل السياسي فيها ويقف لمحاربة التنظيمات الإرهابية التي اجتاحت أراضيها.
وشدد المومني على أن هذا الموقف، الذي كان ولا يزال ثابتاً، مبيناً: ونعلم تماماً أن الشعب السوري الشقيق والعقلاء في سورية يقدرونه حق تقدير؛ لأنهم يعلمون أننا من يعمل على مساعدة سورية وإنقاذ الشعب السوري من الأزمة التي يعيشها وحقن دمائه وتلبية حقه في العيش في بلد آمن، ويعلمون أيضاً العبء الكبير الذي تحمله الأردن عسكرياً وأمنياً واقتصادياً على مدى سنوات الأزمة السورية.
وحول بعض ما نسب على لسان الأسد مما وصفها بـ«المعلومات»، أوضح المومني: ما جاء في حديثه محض ادعاءات لا أساس لها من الصحة أثبتت السنين غير واقعيتها وحصافتها برغم ترديدها من قبله في مناسبات مختلفة خلال الأعوام الماضية.
وختم المومني حديثه بالتأكيد على أهمية أن يعطي الأسد الأمل لشعبه وجلب الاستقرار لبلاده بدلاً من كيل الاتهامات.
وكان مضمون خطاب الأسد المفاجئ المنقول عن وكالة أنباء روسية حاول بوضوح التشكيك بالأردن والإساءة إليه في رد متأخر، فيما يبدو على كلام عمَّان عن صعوبة عودة الرئيس بشار الأسد لحكم بلاده بعد جرائم القتل ضد الشعب، وفقاً لما نقل عن وزير الخارجية أيمن الصفدي في وقت سابق.
حديث الأسد، وخلافاً للعادة، كان قاسياً هذه المرة على جاره الأردني، فقد شكك باستقلالية القرار الأردني، وقال: إن ما يريده الأمريكيون من الأردن سيحصل.
لا توجد عملياً ترتيبات أردنية عسكرية خارجة عن المألوف على الحدود مع سورية بصورة تبرر التصريح المفاجئ للرئيس الأسد، لكن يعتقد على نطاق سياسي واضح بأن الرئيس السوري وجه رسالته بعد «انقطاع تام» في الاتصالات الفنية والعسكرية بين نظامه والجانب الأردني بعد المباحثات الأخيرة بين الملك عبدالله الثاني، والرئيس دونالد ترمب في واشنطن.
يلاحظ أيضاً أن الأسد يتحرش بالأردن في الوقت الذي بدأت فيه تحضيرات تمرينات مناورة «الأسد المتأهب» الدولية التي تقرر هذه المرة أن تجري في إحدى المناطق شمالي الأردن بمحاذاة صحراء الركبان، حسب مصادر دبلوماسية غربية.
وقال الأسد لوكالة «سبوتنك» الروسية: إن لديه معلومات عن قوات أردنية سترسل لسورية بالتنسيق مع واشنطن، مؤكداً بأن المعلومات ليس مصدرها الإعلام، ومذكراً أن لدى سورية العائلات والعشائر نفسها الموجودة في الأردن، وهو إيحاء يرغب الأسد من خلاله بإضفاء مصداقية على خطابه رغم أن جيشه النظامي لا يتواجد في جنوب سورية فيما يحرس الجيش الأردني البلدين وفي الاتجاهين.
ووصف الأسد الأردن بأنه ليس بلداً مستقلاً في كل حال، وسبق أن أدخل الإرهابيين إلى سورية، مشيراً لتغييرات لوجستية مرصودة على الأرض.
وقال: لا نناقش الأردن كدولة بل كأرض، وإذا أراد الأمريكيون استخدام شمال الأردن ضد سورية فسيحصل ذلك.